تخطت أدبيات “حزب الله” المعقول، إذ بدأ يعلن، من دون حاجة الى “تقليم أظافر” اللغة السياسيّة، انخراطه في مهام تتخطى حتى التزييف الذي يمارسه، منذ العام 2000، في تعريف مفهوم المقاومة.
وها هو النائب الحالي والوزير السابق حسين الحاج حسن يطل على اللبنانيّين ويعلن، بالفم الملآن، ومن دون أيّ مواربة: “من واجبنا الدفاع عن الأمة!“.
في الجمهور الذي تحدّث فيه لم تكن ثمة حاجة الى شرح المقصود بعبارة “الأمّة” لأنّ الجميع ينتمون إلى هذه الأمّة وفق التعريف الذي تقدمه لها “الثورة الإيرانيّة في إيران”، ولكنّ الجمهور الذي وصل إليه هذا الكلام لا يمكنه أن يفهم ماهية هذه الأمة ومكوّناتها، وإن فهم، فهو لا يمكنه أن يقبل بأن يكون جزءًا من مشروع لا علاقة له به، لا من قريب ولا من بعيد.
والأهم من هذا وذاك أنّ الأسباب التي يعتمدها “حزب الله”، بغض النظر عن التزييف الحاصل فيها، لمواصلة الإحتفاظ بمقاتلين وسلاح، تتمحور حول المقاومة، بما تعنيه، بالمفاهيم العالمية، تحرير أرض وطنية محتلة.
إنّ “واجب الدفاع عن الأمّة” لا يدخل في سياق أعمال المقاومة، لا من قريب ولا من بعيد، بل هو يدخل في سياق أعمال التنظيمات التي لا تعترف لا بالأوطان ولا بالدساتير ولا حتى…بالآخر.
وهذا ما يبدو عليه “حزب الله”، منذ أعلن من “عندياته” إشراك لبنان، رغمًا عن سائر مكوّناته، في جبهة “مساندة غزة”، غير آبه لا بالكلفة السياسية ولا الإقتصادية ولا السيادية ولا الشعبيّة.
لا، ليس “من واجبنا أن ندافع عن الأمّة”، لأنّنا لا نؤمن بهذه الأمة ولم نعلن، يومًا إنتماءنا إليها.
إنّ الأمة التي ننتمي إليها ليست أمّة ابتدعها صانعو “الثورة الإيرانيّة” ، بل تمّ التوافق عليها بين اللبنانيّين، أوّلًا، فكان الدستور، ومن ثم توافق عليها اللبنانيّون مع العرب، فكانت “جامعة الدول العربيّة”.
لقد تجاوز “حزب الله” كلّ حد. وها هو حاليًا ينشئ، باسم “حركة حماس”، ميليشيا جديدة تحت إسم “طلائع طوفان الأقصى” كما سبق له أن أنشأ “سرايا المقاومة”.
بعض السذج أو المتواطئين- لا أعرف- يربطون رفضهم لحراك “حماس” في لبنان بإعطاء إطار “عظيم” ل”حزب الله”. هؤلاء لا يفهون أو لا يريدوننا أن نفهم أنّ مشكلة لبنان ليست مع أحد غير “حزب الله” الذي “من واجبه أن يدافع عن الأمّة”.