خرج عدد من السياسيين والمحللين “الإستراتيجيين” بينهم نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب لوصف العملية الإسرائيلية التي نفذتها مسيّرة في جدرا، في إقليم الخروب، بأنّها “اوّل غارة خارج الجنوب”.
وانضم إلى هؤلاء المدير العام السابق للأمن العام عبّاس ابراهيم معتبرًا أنّ عملية جدرا من شأنها أن تعيد لبنان الى ما قبل العام 2000 عمومًا وإلى ما قبل تفاهم نيسان خصوصًا.
في الواقع، إنّ الأمر ليس كذلك، فهذه العمليّة لا تندرج في إطار المواجهة مع “حزب الله” بل في إطار استهداف قيادات “حماس”، وهي ليست الأولى من نوعها، لكنّها الثانية، والأقل خطورة من سابقتها، إذ إن العملية الاولى حصلت في الثاني من كانون الثاني الماضي واستهدفت قلب الضاحية الجنوبية وكان هدفها القيادي في “حركة حماس” صالح العاروري.
هدف عملية جدرا كان استكمال لعملية الضاحية الجنوبية إذا إن الهدف الناجي من الغارة، وهو باسل صالح، مسؤول في مجموعة العاروري.
لماذا محاولة تصوير عملية جدرا كما لو كانت أوّل عملية خارج الحنوب ولها تداعيات تتجاوز غيرها؟
قد يكون هناك نوع من “ثقب في الذاكرة” لدى البعض. هذا احتمال. ولكنّ الأرجح أن هناك استدعاء “غير مباشر” للمبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، بعدما غاب عن السمع، بمجرد مغاردته قبل أسبوع إسرائيل، إذ إنّ تهديد “حزب الله” بالرد على عملية العاروري، على الرغم من كل “الإحتفالات” باستهداف مركز جبل عيرون الإسرائيلي، لم يمنع الجيش الإسرائيلي من التوغل مجددًا داخل لبنان للقيام بعملية ضمن السيا ق نفسه.
ولا يبدو أن المسؤولين عن الجهود الدبلوماسية الرامية الى احتواء التصعيد على الجبهة اللبنانية- الإسرائيلية متحمسون الآن، خصوصًا بعدما أوحى لهم المتحدثون اللبنانيون معهم بأنّ القرار عند “حزب الله” و”حزب الله” يأخذ وقته الى حين انتهاء حرب غزة التي تتجهز لمرحلة أخطر وأصعب مع قرار اجتياح مدينة رفح، ملجأ مليون و400 مائة ألف فلسطيني.
فماذا لو لم يسمع هوكشتاين نداء من يصفان نفسيهما بصديقي اي الياس بو صعب وعباس ابراهيم؟