يتعاطى اللبنانيون مع أزمة النزوح السوري، كما لو كانت مؤامرة حصرية تستهدف بلادهم وتوزيعه الديموغرافي، وتطلق القوى السياسية مواقف تسقط كلها في المنتديات الدولية، لأسباب جيو- سياسية. ثمة دولة تعاني ما يعاني منه لبنان على هذا الصعيد. إنها الأردن. في ما يأتي لمحة قدمها وزير الخارجية الاردني عن وضعية بلاده مع اللاجئين السوريين وطرق الحل التي يراها منسبة، بعيدًا من “العنتريات”.
نرى الكثير من المنظمات الأممية تخفف من خدماتها للاجئين السوريين ما سينعكس على معيشة هؤلاء اللاجئين
شارك نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين في الأردن أيمن الصفدي، امس الإثنين في الاجتماع الوزاري لمؤتمر بروكسل الثامن حول دعم مستقبل سوريا والمنطقة.
لم يتلق الاردن العام الماضي إلا حوالي ٢٩% من متطلبات برنامج الاستجابة الأردني للاجئين
وأكد الصفدي، خلال كلمة الأردن التي ألقها في الاجتماع، على أهمية هذا المؤتمر الذي ينعقد في وقت حاسم يشهد تراجعاً خطيراً للدعم الدولي للاجئين السوريين والدول المستضيفة، وقال “نرى الكثير من المنظمات الأممية تخفف من خدماتها للاجئين السوريين ما سينعكس على معيشة هؤلاء اللاجئين، وهنالك انخفاض كبير أيضاً في دعم الدول المستضيفة”، مشيراً إلى أن الأردن لم يتلق العام الماضي إلا حوالي ٢٩% من متطلبات برنامج الاستجابة الأردني للاجئين.
مسؤولية دعم اللاجئين وتوفير العيش الكريم لهم هي مسؤولية مشتركة للدول المانحة والدول المستضيفة، ولا يمكن أن يحال العبء كليته على الدول المستضيفة
وأضاف “رسالتنا اليوم أن مسؤولية دعم اللاجئي ن وتوفير العيش الكريم لهم هي مسؤولية مشتركة للدول المانحة والدول المستضيفة، ولا يمكن أن يحال العبء كليته على الدول المستضيفة لأنه ببساطة لن نكون قادرين على القيام بما يلزم لتوفير الحياة الكريمة للاجئين السوريين”. وأكد “كل انخفاض في الدعم الدولي المقدم للاجئين والمنظمات المعنية بها وللدول المستضيفة ينعكس على تراجع في الخدمات”.
اللاجئون ضحايا صراع، ولا يجوز التخلي عنهم
وقال الصفدي “الأردن قدم نموذجاً في رعاية اللاجئين وتوفير سبل العيش الكريم لهم، ولضمان أن لا يكون اللاجئين ضحايا مرة أخرى لعدم حصولهم على الدعم والحياة الكريمة التي يستحقونها، ولقد تمكن الأردن من القيام بذلك لأن المجتمع الدولي وقف إلى جانبه، ولولا ذلك لما تمكن الأردن من تقديم التعليم والخدمات الصحية والرعاية والأمل للاجئين، ولكن الواقع أن الدعم يتراجع، وعواقب هذا التراجع ستكون خطيرة”.
وشدد الصفدي على أن اللاجئين ضحايا صراع، ولا يجوز التخلي عنهم.
نستضيف في الأردن ١،٣ مليون لاجئ سوري، ١٠٪ فقط منهم يعيشون في مخيمات اللجوء، و٩٠٪ منتشرون في كل مناطق المملكة
وزاد “لن نكون قادرين على تعبئة الفراغ؛ نواجه تحديات كبيرة، ونستضيف في الأردن ١،٣ مليون لاجئ سوري، ١٠٪ فقط منهم يعيشون في مخيمات اللجوء، و٩٠٪ منتشرون في كل مناطق المملكة، ووفرنا التعليم المجاني لأكثر من ١٥٥ ألف طالب سوري يلتحقون في مدارسنا، وأكثر من ٢٠٠ مدرسة يعملان بنظام الفترتين حتى نستطيع أن نضمن التعليم لهم، إضافة للخدمات الصحية، وتوفير فرص العمل”. وأكد “هنالك حد لقدرتنا وحد لطاقاتنا، سيعاني اللاجئون نتيجة تراجع اهتمام المجتمع الدولي بهم وتراجع الدعم”.
في الوقت الذي نطالب فيه أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته للاجئين، لابد من تفعيل الجهود للتوصل لحل سياسي للأزمة السورية وفق القرار الأممي ٢٢٥٤ والمرجعيات الدولية المعتمدة، وبما يضمن العودة الطوعية للاجئين
وقال “معاناتهم يتحمل مسؤوليتها المجتمع الدولي، لأننا قمنا بما نستطيع، وهنالك نوع من العقد الأخلاقي بين الدول المانحة والدول المستضيفة، على أن يقوم كل بدوره، وإذا لم تقم الدول المانحة بدورها فلن نستطيع نحن أن نستمر في توفير الحياة الكريمة للاجئين السوريين”.
وأكد الصفدي “حل قضية اللاجئين هي في عودتهم إلى وطنهم، وسياسة إدارة الأزمة التي رأيناها على مدى السنوات الماضية ليست سياسة، هي إدامة حالة غير مقبولة، وإدامة معاناة غير مقبولة، وفي الوقت الذي نطالب فيه أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته للاجئين، لابد من تفعيل الجهود للتوصل لحل سياسي للأزمة السورية وفق القرار الأممي ٢٢٥٤ والمرجعيات الدولية المعتمدة، وبما يضمن العودة الطوعية للاجئين”.
وقال الصفدي “الأردن قدم رؤية لحل الأزمة السورية، والتي باتت رؤية عربية، وسنستمر في العمل من أجل حل الأزمة”.
وقال “الوضع خطر وصعب، والمعاناة حقيقية ولا بد من استمرار توفير الدعم للاجئين، وهذا المؤتمر يجب أن يكون محطة لحديث صريح حول ضرورة أن يكون هنالك جهد حقيقي وجهد عمل لحل أزمة اللاجئين، وأؤكد على الدعوة التي كنا أطلقناها العام الماضي بأن تقوم المنظمات الأممية وتحديداً ال UNHCR بإيجاد صندوق لدعم اللاجئين الذين يريدون العودة الطوعية إلى بلدهم، وكثيرون يودون العودة لكنهم لا يملكون متطلبات الحياة، ولذلك إيجاد صندوق يدعمهم جميعاً ويشجع ويساعد من يريد العودة سيكون خطوة ضرورية نطالب بها بشكل واضح وبشكل صريح”.
مؤتمر بروكسل الذي يعقد بشكل سنوي يتمحور حول حشد الدعم المادي لمساعدة الدول المستضيفة للاجئين السوريين، والسوريين داخل سوريا، وقد تعهد المجتمع الدولي عقب الموتمر الماضي في العام ٢٠٢٣ بما يقرب من ٥،٦ مليار يورو لعام ٢٠٢٣ وما بعده، منها أكثر من ٣،٨ مليار يورو تعهد بها ال اتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه، حيث يساعد هذا التمويل الأشخاص المحتاجين داخل سوريا وفي البلدان المجاورة التي تستضيف اللاجئين السوريين.