رون بن يشاي/ يديعوت أحرونوت
يستمر الجيش في التحضيرات للهجوم الإسرائيلي الكبير، إلى جانب “الشاباك” على عدة صُعد، وضمنها ضربات متصاعدة من الجوّ كي يكون الدخول البرّي أسرع، ومن دون ثمن كبير وخسارات في صفوف قواتنا. هدف هذه الضربات الجوية هو التشويش على أنظمة الدفاع والسيطرة التابعة لـ”حماس”، ومساعدة الجهود الاستخباراتية للاستمرار في تدفيع “حماس” ثمناً كبيراً، وبالأساس بالقيادات التي نفّذت هذه “المجازر” في بلدات “غلاف غزة”. وفي الوقت نفسه، يعمل الجيش على صعيد الوعي من أجل زيادة الشرعية وجعلها أوسع ما يمكن، لتنفيذ ضربة ناجعة في غزة. الهدف من وراء “نافذة الشرعية” هذه هو منح الجيش الوقت والموافقة على استخدام وسائل وأدوات قتالية عندما يدخل إلى غزة، وهذه الشرعية ستتقلص كلما وصلت إلى الغرب صور مواطنين من غزة يعانون جرّاء الضربات الجوية. الطلب من سكان شمال القطاع الانتقال عبر ممرات إنسانية إلى الجنوب هو إحدى هذه الأدوات للقول للمجتمع الدولي وإدارة بايدن إن إسرائيل تعمل في إطار قوانين الحرب الدولية. “حماس” أيضاً تتجهز، وتحاول إدخال مقاتليها في القطاع إلى منظومات الدفاع التي خططت لها وتسيطر عليها. المستوى السياسي لـ”حماس” في لبنان وتركيا وقطر، يحاول توسيع القتال إلى جبهات إضافية، كي يخفف الضغط عن القطاع، ويوزع الجهود العسكرية الإسرائيلية. يحاولون جعل حزب الله والفلسطينيين في مخيمات اللاجئين في لبنان، والفلسطينيين في الضفة، وجِهات أُخرى، تعمل مع إيران كالميليشيات الشيعية في العراق وسورية، يندفعون للانضمام إلى القتال.
حتى الآن، حققت “حماس” إنجازاً جزئياً. وبحسب جميع المؤشرات والمعلومات التي نُشرت، فإن إيران وحزب الله لم يقررا بعد الانضمام بكامل قوتهما وهناك إمكانية كبيرة ألا يبادرا إلى شن هجوم كبير على إسرائيل لاحقاً. مَن يحاول ضربنا من الشمال الآن، بهدف تخفيف الضغط عن “حماس” و”الجهاد الإسلامي” في غزة، هم الفلسطينيون التابعون لـ”حماس” وفصائل أُخرى، الذين يعملون من مخيمات اللجوء في الجنوب اللبناني. ويقومون بذلك بمصادقة من حزب الله، وبتغطية بالنيران والطائرات المسيّرة التي يرسلها حزب الله بين الحين والآخر. بالأمس، زار وزير الخارجية الإيراني لبنان والتقى زعيم حزب الله حسن نصر الله، وفي البيان المشترك الذي صدر عنهما، تحدثا عن “تصعيد” يبادرون إليه، لكنه ليس حرباً، وفي هذه الحالة، فإن للكلمات معنى.
طريقة العمل الحالية على الحدود اللبنانية، حيث توحيد القوات بين حزب الله والفلسطينيين ستستمر. وكما قلت سابقاً، حزب الله يصادق على تحركات للفلسطينيين، ويمنحها تغطية، ويشارك في القتال المباشر في حال قتل الجيش الإسرائيلي من عناصره، لكن يترك معظم هذا القتال، وهو بالأساس حرب إزعاج واستنزاف، للفلسطينيين الذين ينشطون من لبنان، وعلى رأسهم “الجهاد الإسلامي” و”حماس”. وفي إطار معركة الاستنزاف والإزعاج هذه، يتفحص حزب الله جاهزية القوات البرية ومنظومات الدفاع الجوي التي نشرها الجيش في الشمال. هذا كان الهدف الأساسي للأجسام غير المعروفة التي أسقطتها منظومات الدفاع الجوي في منطقة الكريوت وحيفا.
نيّات حزب الله وإيران ستبحث من جديد، في حال دخلت إسرائيل إلى قطاع غزة براً الذي يمكن أن يشكل نقطة تحوّل، سيدخل عندها حزب الله وحتى إيران إلى المعركة بشكل كامل، ولكن هذا ليس بالضرورة قد يحصل. هناك احتمال كبير أن يقوما فقط بزيادة وتيرة الأعمال الحالية، من دون الوصول إلى حرب. الجيش يتجهز للسيناريو الأسوأ، بما معناه نشوب حرب في جبهتين على الأقل - الجبهة الشمالية والجبهة الغزّية، وتصاعد ارتفاع وتيرة “الإخلال بالنظام” ومحاولات تنفيذ عمليات في الضفة. اليهود في الضفة “يريدون المساعدة” وقد يصبّ عملهم في مصل حة “حماس”
بشأن الضفة الغربية، فإن الجيش اعتقل مئات الفلسطينيين، بالأساس نشطاء “حماس”، ولكن أيضاً من “الجهاد الإسلامي” و”فتح”. ونتيجة لهذه الاعتقالات والتحقيقات، تم إحباط عدة عمليات كان ينوي نشطاء “حماس” و”الجهاد” تنفيذها من أجل الاستجابة للمطالبة اليائسة من قيادات “حماس” في غزة ولبنان. في الضفة الغربية والقدس، تحدث حالات “إخلال بالنظام” بشكل دائم، بمشاركة الآلاف، وهي أيضاً نتيجة للدعوات من “حماس” في غزة إلى الفلسطينيين في الضفة للمساعدة. أرسل الجيش و”الشاباك” قوات وأدوات قتالية إلى الضفة، ونجحا حتى الآن بإحباط العمليات ومنع “الإخلال بالنظام” من الخروج عن السيطرة. قوات الأمن الفلسطينية تعمل هي أيضاً بين الحين والآخر، حتى لو كان بوتيرة منخفضة جداً. أبو مازن لا يريد أن يبدو كمتعاون مع إسرائيل.
في المجتمع العربي في إسرائيل، هناك تعبيرات معدودة تعبّر عن الدعم لـ”حماس” وغزة، ولكن لا يوجد أيّ مظاهر استثنائية حتى الآن. الظاهرة الشاذة الوحيدة الآن هي العمليات المختلفة التي ينفّذها اليهود من سكان الضفة ويحاولون من خلالها تقديم “المساعدة”، كما يبدو، للجيش، عبر القيام بعمل الشرطة خاصة في البلدات العربية، وأيضاً محاور الطرقات والاشتباك بين الحين والآخر مع الفلسطينيين من سكان المنطقة. يعتبر الجيش هذه الظاهرة خطرة، ويحاول السيطرة عليها بالإقناع والشرح. ضباط الجيش والشرطة في الضفة يشرحون لمن يخرق القانون من أوساط اليهود أن هذا يحرّض الفلسطينيين في الضفة، ويصبّ في مصلحة “حماس”.
أما في الساحة الإقليمية، فيجب الانتباه إلى ظاهرتين: الأولى، هي وقوف الدول العربية، وضمنها السعودية، إلى جانب الفلسطينيين في غزة كنتيجة للضغوط المتصاعدة في الشارع. في الأردن، مَن يقوم بذلك هم الفلسطينيون الذين يشكلون 70% من المجتمع، وأغلبيتهم تدعم “حماس”، والإخوان المسلمين عموماً. أما في السعودية، فإنهم رجال الدين الذين دفعوا بوليّ العهد السعودي محمد بن سلمان إلى إعلان تجميد مفاوضات التطبيع مع إسرائيل. أصوات شبيهة أيضاً تخرج من قطر، والعراق، وطبعاً من إيران. أيضاً الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يقف على رأس حزب من نموذج الإخوان المسلمين، كـ”حماس”، ينشر بيانات ووعوداً، كما فعل مرات كثيرة سابقاً. حتى الآن، هذه ليست إلاّ إعلانات. صواريخ ومسيّرات من سورية والعراق، وحتى يمكن اليمن
استجابةً لمطالب إسرائيل، وبمبادرة من إدارته، يحاول الرئيس بايدن إغلاق الفجوة في الردع الإسرائيلي عندما يضع الردع الأميركي في مقابل إيران وحزب الله. هذه الخطوة لها تداعيات عملياتية، بما معناه قوة بحرية جاهزة لاعتراض صواريخ يطلقها حزب الله أو إيران، وأن يهاجم من الجو، عبر طائرات تنطلق من حاملات طائرات وقواعد في شرق البحر المتوسط، ومن ضمنها سربF-35 التي وضعت في حالة تأهب. الهدف من القوة الجوية هو التعامل مع الميليشيات الشيعية التي تفعّلها إيران من سورية والعراق، وحتى من اليمن وإيران نفسها. هذه الأذرع الإيرانية ستحاول مساعدة “حماس” في غزة، عبر إطلاق صواريخ ومسيّرات تهاجم الجبهة الداخلية الإسرائيلية.
اليوم أيضاً، ومن دون علاقة للمواجهة في غزة، تعمل الولايات المتحدة ضد هذه الجهات، ولكن فيما إذا جرى استخدامها ضد إسرائيل، كمحاولة الميليشيات الشيعية “كتائب حزب الله”، التي تعمل في العراق مثلاً، إطلاق صواريخ على إسرائيل، فإن الولايات المتحدة ستضربهم في الوقت الذي يعمل الجيش الإسرائيلي ضد حزب الله في لبنان بشكل مباشر. وكذلك الأمر بالنسبة إلى إيران. هذا بالإضافة إلى أن الولايات المتحدة تقدم المساعدات العسكرية، كالتزويد بأسلحة جوية ذكية، وصواريخ اعتراض من نوع “تامير” من أجل القبة الحديدية الأميركية في المخازن الإسرائيلية، وأيضاً بقواعد الجيش الأميركي. التزويد بالسلاح يهدف إلى ضمان عدم النقص بالسلاح الجوي الدقيق وصواريخ الاعتراض لدى الجيش، بالإضافة إلى قطع الغيار، في حال أرغم الجيش على إدارة معركة على جبهتين، أو أكثر. قناة مساعدة أُخرى هي المساعدة الدبلوماسية الأميركية لإسرائيل في الأمم المتحدة، وعبر الحلفاء أيضاً في أوروبا وشمال أميركا.
المساعدة الأميركية لن تكون مجانية. وزيرا الدفاع والخارجية الأميركييْن وصلا في الأيام الماضية، وطالبا بأنه إلى جانب الوقوف معنا - على إسرائيل الالتزام بقوانين الحرب الدولية التي تهدف إلى حماية المدنيين. وهما يلعبان أيضاً دور المراقبين في هذا المجال.
وحدات جيش الاحتياط التي تم تجنيدها للحرب تستمر في التجهيزات من أجل الدخول إلى غزة، وقائد هيئة الأركان بدأ بالمصادقة على خطط قادة الوحدات. وعلى الرغم من أن قضية المخطوفين والمفقودين لا تزال بعيدة عن الحل، فإن الدخول البرّي يقترب.