"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

كيف سينعكس التدهور الميداني والسياسي والدبلوماسي و"الإيراني" على خطاب نصرالله اليوم؟

فارس خشّان
الجمعة، 10 نوفمبر 2023

كيف  سينعكس التدهور الميداني والسياسي والدبلوماسي و"الإيراني" على خطاب نصرالله اليوم؟

تختلف ظروف إطلالة الأمين العام ل”حزب الله” السيّد حسن نصرالله، اليوم السبت عن تلك التي سبق أن أطّل في ظلّها، يوم الجمعة الواقع فيه الثالث من تشرين الثاني( نوفمبر) الجاري، إذ إنّ ما كان مرتجى من الحركة الدبلوماسيّة الكثيفة قد انتهى الى نتائج مخيّبة لآمال “محور المقاومة”.

في ذاك اليوم، كان العمل جاريًا على كل المستويات، من أجل التوصل الى وقف إطلاق النار في قطاع غزّة أجل صونًا لحياة المدنيّين الذين يتعرّضون لمجزرة مرعبة، ولكنّ هذا الهدف لم يتحقق، إذ إنّ المفاوضات التي جرت في الدوحة وضمّت الطرف القطري مع المخابرات المركزية الأميركية والموساد الإسرائيلي، انتهت الى التوصل الى اتفاق على “هدنة إنسانيّة يوميّة” في شمال غزّة.

أثار هذا الإتفاق غضب “محور المقاومة” إذ اعتبره ضوءًا أخضر للجيش الإسرائيلي من أجل أن يُكمل ما بدأه، من جهة أولى، وتحريض للمدنيّين على إخلاء منازلهم ومآويهم وترك مقاتلي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” من دون حماية مدنيّة، من جهة ثانية وتخفيف ضغط الرأي العام العالمي الغاضب من إسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا وغيرها من الدول الحليفة للكيان العبري، من جهة ثالثة.

وتفيد التقارير الإستخباراتيّة إنّ الجيش الإسرائيلي مرتاح الى مسار عملياته داخل قطاع غزّة، وهو يُنجز أهدافه المرحليّة بخسائر لا تزال حتى تاريخه أقلّ ممّا كان متوقعًا، على الرغم من دخوله الى نقاط صعبة في وسط مدينة غزّة، كما أنّه نجح في توحيد القوى السياسيّة المتناحرة حوله، الأمر الذي حرّره من ضغوط كثيرة تتقدّمها، بطبيعة الحال، ضغوط المستويات الإقتصاديّة في البلاد وضغوط الحرص على سلامة الرهائن الذين تأسرهم “حماس” منذ السابع من تشرين الأوّل( اكتوبر) الماضي.

وعلى الرغم من الإطلالات شبه اليوميّة للناطق باسم “كتائب القسّام” أبو عبيدة، فإنّها تركّز على الخسائر التي تُلحق بالقوات الإسرائيليّة المتوغلة داخل قطاع غزة، من دون أن تصل الى مستوى نفي صحة الكثير من الوقائع التي يُعلن عنها، على مدار الساعة، الناطقون باسم الجيش الإسرائيلي.

وكان نصرالله، في إطلالته السابقة التي أعقبت صمتًا استمر أكثر من أربعة أسابيع منذ عملية “طوفان الأقصى”، قد تحدّث من منطلق أنّ مقاتلي “حماس” هم في وضعية التفوّق الميداني، وهو في وضعية المنتظر لصدور قرار يقضي بوقف إطلاق النار.

لكنّ إطلالته اليوم ستأتي في ظل معطيات مختلفة فلا وقف إطلاق النار حصل ولا “حماس” مرتاحة الى مستوى الضغوط الميدانيّة التي تتعرّض لها، في ظل نزوح كبير للسكان المدنيّين.

والأهم من ذلك أنّ إطلالة نصرالله السابقة أتت متناغمة مع “التهدئة الدبوماسيّة” التي اعتمدتها إيران، بحيث حاولت أن تهدد “بأصابع” تنظيمات “محور المقاومة” التي “على الزناد”، حتى تحقق أهدافها، أي وقف إطلاق النار وفتح مفاوضات لإطلاق الرهائن، واحتلال موقع مهم في دائرة المفاوضات. وقد أتت مواقف نصرالله متناغمة كليًّا مع هذا النهج الدبلوماسي الإيراني.

لكنّ إطلالة نصرالله اليوم تأتي في ظروف مختلفة، فإيران، في ضوء طبيعة “الهدنة الإنسانيّة” التي توصلت إليها اجتماعات قطر المخابراتيّة، صعّدت موقفها إلى مستوى إعلان وزير خارجيّتها حسين أمير عبد اللهيان، مساء الخميس الماضي، أن “توسيع نطاق الحرب الآن أصبح أمرًا حتميًّا”.

وإذا ما اعتمد المحلّلون على مقياس التناغم الدائم، في كثير من المحطات الأساسيّة السابقة بين مواقف نصرالله ومواقف القيادة الإيرانيّة، فهذا يعني أنّ الأمين العام ل”حزب الله” سوف يذهب، في إطلالته اليوم الى مستويات أكثر حدّة من المستويات التي اعتمدها، في إطلالته السابقة.

في الواقع، إنّ إطلالة نصرالله السابقة لم تكتسب أهميّتها الشعبيّة والسياسيّة من المعطيات الواقعيّة، إنّما من التمهيد لها، من خلال “بروبغندا” تشويقيّة، فيما إطلالته اليوم، على الرغم من الخمود “الدعائي”، هي المهمّة، إذ إنّها سترسم فعلًا، في ظل رفع مستوى التوتر على كل جبهات “محور المقاومة”، حدود التصعيد الإيراني، فهل هو مجرّد تهديد لإبقاء شعلة المفاوضات متقدة؟ أو هو وعد ل”حركة حماس” بتفعيل “وحدة الساحات” حتى تساعدها على مزيد من الصمود؟ أو هو تمهيد حقيقي لتوسيع الحرب من أجل أن تحتل إيران مقعدًا على طاولة مفاوضات لا يبدو أنّها تمكنت، بعد من الجلوس إليها؟

من المؤكد حتى الساعة أنّ “محور المقاومة” يمكنه أن يتحمّل كل أنواع الكوارث، ولكنّه لن يغامر بترك ملامح أيّ هزيمة، بغض النظر عن حجمها، من فرض نفسها على الرأي العام بداية وعلى الدول العربيّ التي يهاجمها، ثانية!

ولكنّ هذا لا يعني أن الحرب ستتوسّع حتمًا الآن . عملياً، يلاحظ المراقبون، بوضوح، التصعيد التدريجي في حجم المواجهات العسكرية على الحدود اللبنانية، والتي يمكن أن نزداد كلما هبّت الرياح بما لا تشتهي سفن “محور المقاومة” في غزّة.

في حال أثبت نصرالله هذا التوجه الحربي، في خطابه اليوم ، فإنّ المشكلة تكمن في أن توافق الحكومة الإسرائيليّة هؤلاء الذين يدعونها الى التخلّص “وقائيًّا” من الخطر المحدق بها من شمالها وتضرب “حزب الله” قبل أن يختار هو التوقيت الذي يناسبه لضربها، وهي المرفقة حاليًا على أوضاعها نسبيًّا، إذ لم يدخل من جيشها الى قطاع غزّة، في هذه المرحلة، سوى ثلاثين ألف عسكري،وتحشد الولايات المتحدة الأميركيّة قوة عسكريّة بحرية غير مسبوقة منذ العام 2003.

نشر في “النّهار العربي”

المقال السابق
نتنياهو يرد على ماكرون

فارس خشّان

كاتب سياسي

مقالات ذات صلة

طوني نمر يقدم الأجوبة..لماذا نشعر بعد الغارات الإسرائيلية على الضاحية بهزات أرضية وهل يمكن أن تتسبب بزلزال في لبنان؟

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية