"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

كسر لصورة "الدولة الديمقراطية".. ماذا يعني إدراج إسرائيل في "قائمة العار"؟

الرصد
الخميس، 6 يونيو 2024

كسر لصورة "الدولة الديمقراطية".. ماذا يعني إدراج إسرائيل في "قائمة العار"؟

وائل الغول

بعد سنوات من انتقادات مسؤولين وحقوقيين لغياب إسرائيل عن “قائمة العار” المرتبطة بعدم احترام حقوق الأطفال، أدرجت الأمم المتحدة إسرائيل إليها بسبب ما يعانيه الأطفال في غزة في الحرب المستمرة منذ أشهر.

ودان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، ووزارء في حكومته، قرار الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إدراج الجيش الإسرائيلي على “قائمة العار” الأممية المتعلقة بعدم احترام حقوق الأطفال في النزاعات.

وسيصدر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، تقريرا في 18 يونيو الحالي، بشأن هذا الأمر، لكن السفير الإسرائيلي، جلعاد إردان، أعلن، الجمعة، أنه تلقى اتصالا هاتفيا من مدير مكتب غوتيريش يبلغه فيه بقرار الأمين العام إدراج الجيش الإسرائيلي على “قائمة العار”.

وفي الأشهر الأخيرة زادت حدة الانتقادات الإسرائيلية للأمم المتحدة عموما وأمينها العام خصوصا بسبب تصريحات تنتقد ما وصلت إليه الأوضاع الإنسانية في غزة.

ما هي “قائمة العار”؟

بناء على طلب مجلس الأمن الدولي، ينشر الأمين العام للأمم المتحدة كل عام تقريرا يرصد انتهاكات حقوق الأطفال في نحو عشرين منطقة نزاع حول العالم، ويتضمن ملحقا يدرج فيه المسؤولين عن هذه الانتهاكات، ومن المقرر تقديمه إلى مجلس الأمن الدولي في 14 يونيو.

ويطلق على هذا الملحق اسم “قائمة العار” لاحتوائه على أسماء جهات متهمة بارتكاب انتهاكات بحق أطفال في النزاعات، بما في ذلك قتلهم أو تشويههم أو تجنيدهم أو اختطافهم أو ارتكاب أعمال عنف جنسي بحقهم بحسب وكالة فرانس برس.

وأعدت التقرير، فيرجينيا غامبا، الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والنزاع المسلح. وتستهدف القائمة المرفقة بالتقرير فضح أطراف الصراعات على أمل دفعها إلى تنفيذ تدابير لحماية الأطفال.

وتنقسم القائمة إلى قسمين، الأول للأطراف التي اتخذت تدابير لحماية الأطفال والثاني للأطراف التي لم تفعل ذلك.

وقالت الأمم المتحدة الشهر الماضي إن ما لا يقل عن 7797 طفلا قتلوا في قطاع غزة خلال الحرب المستمرة منذ أكثر من ثمانية أشهر، مستشهدة ببيانات من وزارة الصحة في غزة حول الجثث التي تحددت هويتها. وتعد الأمم المتحدة تلك الأرقام موثوقة. ويقول المكتب الإعلامي التابع لحكومة غزة إن نحو 15500 طفل في المجمل قتلوا.

ويقول المجلس الوطني الإسرائيلي لسلامة الطفل إن 38 طفلا قتلوا في هجوم السابع من أكتوبر الذي أدى إلى اندلاع الحرب وإن 42 طفلا كانوا بين حوالي 250 رهينة اقتادتهم حماس كرهائن إلى غزة في السابع من أكتوبر. وأُفرج عن جميع الأطفال باستثناء اثنين.

ماذا يعني ضم إسرائيل لـ”قائمة العار”؟

قائمة العار، تمثل أسوأ تصنيف ضمن التقارير التي تصدرها الأمم المتحدة، وإضافة إسرائيل لها قد يمثل اعترافا أمميا هاما للغاية حول بشاعة قتل إسرائيل للأطفال الفلسطينيين”، حسبما تقول، سارة ليا ويتسون، المديرة التنفيذية لمنظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي “داون”، لموقع “الحرة”.

وترجح تعرض “الأمين العام للأمم المتحدة لضغوط كبيرة حتى لا يدرج إسرائيل ضمنها”.

والعام الماضي، أدرج الأمين العام على “قائمة العار” الأممية الجيش الروسي وجماعات مسلحة “موالية له”، لكنه لم يدرج يومها إسرائيل، الأمر الذي أثار استياء منظمات حقوقية تطالب منذ سنوات بوسم إسرائيل بهذه السمة، بحسب وكالة فرانس برس.

وتعتقد ويتسون أن “إدراج إسرائيل ضمن هذه القائمة، قد لا يكون له أعباء قانونية مباشرة على إسرائيل ولكنه سيشكل دعما للقضايا التي رفعتها جنوب أفريقيا وإسبانيا في قضية الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين”.

وتقول ويتسون وهي ناشطة حقوقية أميركية إنه “من المرجح أن نرى دولا أخرى تتخذ إجراءات وتغير مسارها الدبلوماسي في التعامل مع إسرائيل، أو قد نرى حتى فرض عقوبات ولو بشكل رمزي، أو بالنأي عن دعم إسرائيل على الصعيد الدولي”.

وتحدثت باستغراب قائلة “لو قامت أي دولة أخرى (غير إسرائيل) بقتل قرابة 50 ألف شخص في نحو سبعة أشهر، ستقوم كل الدول والأنظمة حول العالم بفرض عقوبات عليها”، واتهمت بعض الأطراف بحماية إسرائيل دوليا “بما يجعلها تتوسع في هجماتها في غزة من دون الامتثال للقانون الدولي”.

وتشير إلى أن “إضافة إسرائيل لهذه القائمة ليس أمرا محرجا للسلطات الإسرائيلية وحدها، بل أيضا للولايات المتحدة، التي ترسل الأسلحة والذخائر التي تستخدم في قتل المدنيين في غزة”.

تبعات دبلوماسية

أستاذ الشؤون الدولية في جامعة جورج واشنطن، وليام لورانس، يرجح أن نرى تبعات “دبلوماسية لإدراج إسرائيل ضمن قائمة العار، إذا أنها ستحفز المزيد من الدول على القيام بخطوات رمزية، مثل الاعتراف بدولة فلسطينية، وزيادة الضغط في المجتمع الدولي لحث إسرائيل على الالتزام بالقانون الدولي”.

وهناك العديد من الإجراءات والأدوات الدبلوماسية التي قد تستخدمها الدول “لتعديل سياساتها في التعامل مع إسرائيل”، وفق حديثه لموقع “الحرة”.

ويشير إلى أنه من غير المعروف “كيف سيكون رد إسرائيل على مثل هذه التحركات الدبلوماسية، إذ أنها قد تكون عدائية ولن تتعامل بدبلوماسية مع الآخرين، وهذا يظهر أيضا من ردود فعلها العدائية تجاه الأمم المتحدة نفسها”.

ويؤكد لورانس أن إضافة إسرائيل إلى “قائمة العار” لا “يعني تعرضها لدعاوى قضائية أو إجرءات قانونية، ولكنها قد تكون جزءا من قضايا، وضمها إلى مستندات القضايا في محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية”.

وعادة “ما تشير مثل هذه القوائم والتقارير إلى وجود انتهاكات، وقد ترغب بعض الدول في إزالة اسمها منها لهذا يقومون بعقد اجتماعات مع خبراء في الأمم المتحدة لمعرفة ما المطلوب تحسينه لهذا الأمر”، وفق أستاذ الشؤون الدولية في جامعة جورج واشنطن.

ويشير إلى أن “الرد الإسرائيلي لا يبشر بإقرارها بوجود انتهاكات”، ولكن قد نرى نوعا من “التحسينات التكنوقراطية”.

ويقول إن “إسرائيل تواصل قتلها للمدنيين بشكل ممنهج في غزة، ولكن بوتيرة أقل مما كانت عليه في بداية الحرب، وهذا بالنهاية يخالف القانون الدولي في كلتا الحالتين، ولكن قد تراه الولايات المتحدة تحسنا، وقد تراه بعض الدول استمرارا للممارسات السلبية من الجانب الإسرائيلي”.

وكانت الأمم المتحدة حذرت في تقريرها لعام 2022 من أنها لن تتوانى عن إدراج إسرائيل على “قائمة العار” إذا لم يحدث أي تحسن على صعيد احترام إسرائيل لحقوق الأطفال في النزاعات.

وبالفعل فإن تقرير العام الماضي رصد “انخفاضا كبيرا في عدد الأطفال الذين قتلوا بأيدي القوات الإسرائيلية، بما في ذلك في غارات جوية”، بين العامين 2021 و2022.

“صادم وغير مقبول”

لطالما ربطت إسرائيل بالأمم المتحدة “علاقة متوترة” وأدت الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى إلى “تفاقمها”.

وتعليقا على قرار غوتيريش، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، إن “الأمم المتحدة أدرجت اليوم نفسها على قائمة التاريخ السوداء بانضمامها إلى أولئك الذين يدعمون مجرمي حماس”.

وأضاف أن الجيش الإسرائيلي “هو الجيش الأكثر أخلاقية في العالم وما من قرار أممي وهمي بوسعه أن يغير هذا الأمر”.

وفي سياق متصل، قال وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن القرار “ستكون له عواقب على علاقات إسرائيل مع الأمم المتحدة”.

ونشر السفير الإسرائيلي جلعاد إردان على حسابه في منصة إكس الجمعة تسجيل فيديو لجزء من هذه المحادثة الهاتفية ظهر فيه وهو يقول “أشعر بصدمة عميقة واشمئزاز من هذا القرار المخزي الذي اتخذه الأمين العام”.

وأضاف “إنه قرار غير أخلاقي يساعد الإرهاب ويكافئ حماس. الشخص الوحيد الذي تم إدراجه على القائمة السوداء اليوم هو الأمين العام. عار عليه!“.

وشن إردان هجوما عنيفا على الأمين العام للأمم المتحدة، معتبرا أن “قراراته منذ بداية الحرب، وحتى قبل ذلك، تكافئ الإرهابيين وتشجعهم على استخدام الأطفال في أعمال إرهابية”.

ومن جانبه، يتحدث المحلل السياسي الإسرائيلي، يوآب شتيرن، عن “مقتل الكثير من المدنيين وبينهم أطفال خلال الحرب في قطاع غزة”، لكنه يرى أن المقارنة بين إسرائيل وحماس والجهاد الإسلامي “لا صلة لها بالواقع”.

ولم يقصد الجيش الإسرائيلي “استهداف المدنيين أو الأطفال” خلال الحرب في غزة، وفق حديثه لموقع “الحرة”.

لكن “العكس صحيح”، فحماس كانت معنية بأسر وقتل الأطفال والمدنيين خلال هجوم السابع من أكتوبر على إسرائيل، وبالتالي فالمساواة “خاطئة ولا أساس لها من الصحة وتدل على نوايا سيئة”، حسبما يؤكد شتيرن.

ويرى المحلل السياسي الإسرائيلي أن إسرائيل تحاول “تجنب استهداف المدنيين، لكن العناصر الإرهابية موجودة داخل مناطق مكتظة بالسكان”.

ويشدد شتيرن على أنه “لا يمكن فقط إلقاء اللوم على الطرف الذي يحاول استهداف الإرهابيين (إسرائيل) لكن يجب محاسبة من يختبئ بين السكان ويحتمي بهم (عناصر حماس)“.

ويعتقد المحلل السياسي الإسرائيلي أن إدخال إسرائيل “قائمة العار” يأتي بسبب “العداء المبدئي الأيديولوجي للجانب الإسرائيلي وليس نتيجة الاعتماد على تحليل حقيقي وواقعي للأحداث كما حصلت”.

الدولة الديمقراطية في “قائمة العار”

من جهته أكد، ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، صحة المكالمة الهاتفية التي أجراها مدير مكتب غوتيريش مع السفير الإسرائيلي، موضحا أنها كانت “مكالمة مجاملة” وإجراء روتينيا مع الدول “المدرجة حديثا” في الملحق.

وأوضح دوجاريك في مؤتمر صحفي أن الهدف من هذه المكالمة هو إخطار الدولة المعنية وتجنب حصول تسريبات، منتقدا بشدة إقدام السفير الإسرائيلي على تسجيل هذه المكالمة الهاتفية ونشر مقطع فيديو لهذا التسجيل.

وقال دوجاريك إن ما أقدم عليه السفير الإسرائيلي “أمر صادم وغير مقبول، وبصراحة هذا شيء لم أر مثيلا له قط خلال 24 عاما في هذه المنظمة”.

ويشير تقرير نشرته تايمز أوف إسرائيل إلى أنه يرجح أن “إسرائيل أول دولة ديمقراطية تدرج في القائمة”.

وتضمنت تقارير سابقة للأمم المتحدة فصولا عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، واتهمت إسرائيل بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، ولكن لم يتم إدراج إسرائيل مطلقا في ملحق “قائمة العار”.

وقالت الناشطة الحقوقية ويتسون في حديثها لموقع “الحرة” إن “إدراج إسرائيل في القائمة يعتبر عاملا آخرا يؤدي إلى تآكل الكذبة ومزاعم أن إسرائيل دولة ديمقراطية”.

وأضافت أنه من المستغرب اعتبارها دولة ديمقراطية في الأساس “وهي تتحكم في مصائر ملايين الفلسطينيين بحكم عسكري، وبسياسات فصل عنصرية” بحسب تعبيرها، مشيرة إلى أنها “دولة احتلال منذ أكثر من سبعة عقود”.

ومن جانبه، يقول الأكاديمي لورانس إن “إسرائيل لطالما استفادت من ثغرة في التقييمات الدولية لتأخذ تصنيفات جيدة كدولة ديمقراطية وتلتزم بحقوق الإنسان، إذ أن المقياس كان يعتمد على طريقة تعاملها مع الإسرائيليين أنفسهم فقط أو عرب إسرائيل الذين يشكلون أقل من 20 في المئة ويعيشون ضمن حدود 1967، ولا يقيس ما يحدث في إسرائيل والأراضي الفلسطينية ككل رغم أنها قوة احتلال”.

ويؤكد أن إدراج إسرائيل في قائمة العار قد “يثير القلق في إسرائيل بأن تخسر الدعم كدولة ديمقراطية، وتصبح دولة غير ديمقراطية في الشرق الأوسط على خلاف ما يروج له، وهو ما سيؤثر على صورتها العامة”.

وبالإضافة إلى إسرائيل، قالت مصادر دبلوماسية لوكالتي “فرانس برس” و”رويترز “إن التقرير الجديد سيضم أيضا حركتي حماس والجهاد الإسلامي في قائمة العار.

وردا على سؤال حول احتمال إدراج حماس على القائمة، رفض دوجاريك إعطاء أي معلومات أخرى حول مضمون التقرير، داعياً الجميع إلى “قراءته بالكامل واستخلاص النتائج” عند نشره في 18 يونيو.

من جهته، قال لـ”فرانس برس”، لويس شاربونو، من منظمة هيومن رايتس ووتش تعليقا على قرار إدراج إسرائيل على القائمة هذا العام، إن “هذا قرار مبرر تماما من قبل الأمين العام، حتى لو كان ينبغي أن يكون قد اتخذ منذ وقت طويل”.

وأضاف “هذا شيء كنا نطالب به منذ فترة طويلة، مع إدراج حماس وجماعات فلسطينية مسلحة أخرى على القائمة”.

ويأتي التحرك الأممي بعد تسعة أعوام من توصية الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والنزاعات المسلحة بإضافة إسرائيل وحماس إلى القائمة بسبب انتهاكات في حرب 2014 في غزة حينما قتل 540 طفلا من بين أكثر من 2100 فلسطيني لاقوا حتفهم.

وضغطت إسرائيل على، بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة حينها بقوة للبقاء خارج القائمة، إلا أنها نفت الضغط عليه. وفي نهاية المطاف لم يضف بان كي مون إسرائيل أو حماس إلى قائمة مرتكبي الانتهاكات، لكن التقرير انتقد بشدة إسرائيل بسبب الحرب التي استمرت 50 يوما عام 2014.

واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس، إثر هجوم الحركة “غير المسبوق” على مناطق ومواقع محاذية لقطاع غزة في السابع من أكتوبر، والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.

وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل “القضاء على حماس”، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، أسفرت عن سقوط أكثر من 36731 قتيلا، معظمهم من النساء والأطفال، وفق ما أعلنته وزارة الصحة في القطاع.

الحرة

المقال السابق
السنوار: لن نوافق على أي اتفاق ينزع سلاحنا

الرصد

مقالات ذات صلة

قصة ملك فرنسا الذي سُجن في مصر

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية