بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات ونصف السنة على انفجار مئات الأطنان من نترات الأمونيوم التي خزنت بشكل سيء في مرفأ بيروت، ما تسبب بواحد من أكبر الانفجارات غير النووية في العالم، طرح مسؤولون لبنانيون وفرنسيون خطة لإعادة بناء وتنظيم المرفأ اليوم الأربعاء.
وتسبب انفجار الرابع من آب (أغسطس) 2020 بمقتل أكثر من 200 شخص، وإصابة ونزوح الآلاف، ودمّر أحياء كاملة من العاصمة اللبنانية.
ومنذ ذلك الوقت، تمت عرقلة التحقيق في أسباب الانفجار، وسارت جهود إعادة بناء المناطق المدمّرة بتمويل خاص ببطء، بينما لم تصل أي أموال دولية وعد بها شريطة إجراء إصلاحات سياسية لم تتحقق.
ولم تطبّق مقترحات عدة قدمت لإعادة الاعمار وبناء المرفأ الذي لا يزال يعمل رغم الدمار، ومنها خطة طموحة اقترحتها مجموعة من الشركات الألمانية عام 2021 لإعادة تطوير المرفأ بالإضافة إلى تجمعات تجارية وسكنية جديدة.
وفي العام 2022، فازت عملاقة الشحن الفرنسية “سي إم إيه سي جي إم غروب” بعقد لمدة عشر سنوات لإدارة رصيف الحاويات في المرفأ.
قدّمت الحكومة الفرنسية تطويراً لخطة طرحتها شركتا الهندسة الفرنسيتان “ارتيليا” و”ايغيس” ترتكز على إعادة أرصفة دُمّرت في الانفجار، وإعادة تنظيم تصميم المرفأ لتسهيل حركة المرور الساحلي، وتحويل المنشأة للطاقة الشمسية.
وأجرت شركة “اكسبرتيز فرانس” تقييماً يتضمن توصيات لتحسين الأمن في المرفأ.
وسيحتاج لبنان إلى توفير نحو 60 إلى 80 مليون دولار لاستكمال إعادة الإعمار. وقال مدير عام المرفأ عمر عيتاني، خلال إعلان العرض الخاص بمخطط إعادة إعمار وتطوير مرفأ بيروت، إنّه من المقرر استخدام إيرادات المرفأ التي سجّلت ارتفاعاً، بعد تراجعها وسط جائحة كوفيد-19 ودخول لبنان في أزمة اقتصادية غير مسبوقة، لتصل إلى 150 مليون دولار في العام 2023.
وحضر الإعلان رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانيّة نجيب ميقاتي ووزير الأشغال العامة علي حمية والسفير الفرنسي في لبنان هيرفي ماغرو وممثلون عن الشركات الفرنسية.
وقال ميقاتي للصحافيين إنّ لبنان وفرنسا تربطهما “علاقات تاريخية قوية نعتز بها”، في إشارة إلى العلاقات التي تعود إلى الفترة التي كانت فيها الدولة العربية الصغيرة محميّة فرنسية بعد الحرب العالمية الأولى حتى الاستقلال عام 1943.
وأضاف: “نعتبر دعم فرنسا للبنان ذا أهمية خاصة لأنه يمثل قلب المجتمع الدولي”.
من جهته، شدّد حميّة على أنّ “إعادة إعمار مرفأ بيروت وتطويره سيكون مرتكزه الأساس من الإيرادات التي أصبح يحصّلها المرفأ”، وأضاف أنّ “اللبنانيين يقع على عاتقهم وحدهم، دون سواهم، النهوض بوطنهم وبمرافقهم العامة”، مشيراً إلى أنّ “مساعدة الآخرين هي المتمم لهذا المسار وليس العكس”.
بدوره، أكّد ماغرو أنّ إعادة بناء مرفأ بيروت هي “إحدى أولويات فرنسا في دعم لبنان”. وأشار إلى أنّ “الاقتصاد اللبناني يحتاج بالفعل إلى مرفأ بيروت مُعاد بناؤه وحديث وآمن”.
لكن الخطة المقدّمة لم تتناول مصير صوامع الحبوب الضخمة في المرفأ، والتي استوعبت الكثير من صدمة الانفجار، ما أدى بشكل فعال إلى حماية الجزء الغربي من بيروت من الانفجار.
وخططت الحكومة اللبنانية في السابق لهدم الصوامع المتضررة، لكنها قررت عدم القيام بذلك بعد أن احتجت عائلات ضحايا الانفجار والناجين منه، مطالبين بالحفاظ عليها كنصب تذكاري وفي حالة احتوائها على أدلة مفيدة للتحقيق القضائي.
وانهار جزء كبير من الصوامع في العام 2022، فيما بقي القسم المتبقي في مكانه.