وكالة “الأناضول”
تستمر حدة التوترات في التصاعد يوميا بين إسرائيل و”حزب الله” على خلفية الاشتباكات المتواصلة منذ 8 من أكتوبر /تشرين الأول، على الحدود الجنوبية للبنان، والبالغ طولها حوالي 120 كلم من مرتفعات الجولان السوري شرقا الى بلدة الناقورة غربا.
وخلفت هذه المواجهات المسلحة التي لم تصل لذروة “الحرب”، قرى خاوية في الجنوب اللبناني وطرقات مهجورة من المارة والسيارات، إضافة إلى عشرات القتلى والمصابين والمنازل المدمرة.
وهاجم “حزب الله” مواقع عسكرية ومستوطنات إسرائيلية وطائرات مسيرة بالأسلحة المناسبة ، حتى وصل مؤخرا الى استخدام صواريخ “بركات” التي يصل وزنها الى 500 كيلوغراما من المتفجرات في استهداف مواقع إسرائيلية، وفق مراسل الأناضول.
ومنذ أن دخل “حزب الله” على خط حرب غزة التي اندلعت في 7 أكتوبر علي إثر عملية “طوفان الأقصى”، عبر قصف مواقع عسكرية إسرائيلية على الحدود مع لبنان، والرد العنيف من قبل تل أبيب باستهداف بلدات لبنانية جنوبية، تزايدت المخاوف بشأن احتمالات نشوب “حرب شاملة” بين البلدين.
ومنذ 8 أكتوبر، قتل جراء القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان، 26 مدنيا لبنانيا، بينهم 3 صحفيين و3 أطفال، إضافة إلى 126 عضوا في “حزب الله”.
وعلي الجانب الآخر، تسببت الهجمات التي ينفذها “حزب الله” في مقتل 5 مدنيين إسرائيليين، و8 جنود إسرائيليين، وفق ما يعلنه الجيش الإسرائيلي والسلطات في تل أبيب.
وفي 6 ديسمبر/ كانون الأول الحالي، توعّد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، بإبعاد “حزب الله” إلى ما وراء نهر الليطاني جنوب لبنان، “سواء بترتيب سياسي دولي أو بتحرك عسكري استنادا إلى القرار الأممي 1701”، ما أدخل “التسوية الدولية” في معادلة التوتر الراهنة، بجوار “الحرب الشاملة”.
غير أن تقارير إعلامية عبرية أشارت إلى وجود “ضغط أمريكي وفرنسي” على تل أبيب من أجل “عدم توسيع الصراع إلي الشمال أو الخوض في حرب شاملة مع قوات حزب الله في لبنان”.
نزوح 60 ألفا من القرى الحدودية
ومع تصاعد حدة الاشتباكات في جنوب لبنان مؤخرا، اضطر حوالي 60 ألف مدني إلى مغادرة منازلهم في مناطق التوتر في جنوب لبنان، في الفترة بين 8 أكتوبر و5 ديسمبر واللجوء إلى أماكن أكثر أمنا، حسبما أفادت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة.
وفي السياق، أجرى مراسل الأناضول جولة في القرى الحدودية، ورصد تحول الطريق المحاذي للجدار الحدودي بين لبنان وإسرائيل، إلي منطقة “محفوفة بمخاطر كبيرة”، بعد استهداف إسرائيل المدنيين على طول هذا الخط، وتسببها في مقتل 26 مدنيا بينهم 3 صحفيين.
ورصد ترك سكان هذه القرى الحدودية لمناطقهم حتى باتت “فارغة من سكانها”، بعد التصعيد الإسرائيلي، وتوثيق استهدافات طالت بعض المنازل بشكل مباشر.
وعلى هذا النحو، عاين بلدة كفرشوبا التي تعرضت لقصف إسرائيلي مكثف خلال الأيام الأخيرة، تسبب في تدمير عدد من المنازل بشكل كلي.
ولاحظ أن سكان كفرشوبا “هجروها، ولم يبق سوى 10 مدنيين فقط (من أصل 2100 نسمة) كانوا يعيشون فيها”.
وتراقب إسرائيل كافة التحركات في نطاق كفرشوبا، انطلاقا من المواقع العسكرية المقامة على التلة المطلة على البلدة، ويمكنها بسهولة استهداف المركبات “المشبوهة” أو الأفراد الذين يتحركون أو يدخلون إليها.
وتعد قيادة السيارة على الطرقات الداخلية في القرى المحاذية للشريط الحدودي ولا سيما من كفرشوبا (جنوب شرق لبنان) إلى الناقورة (جنوب غرب) “أمرا خطير للغاية، ويزيد من احتمالية التعرض لإطلاق النار من قبل إسرائيل”، وفق مراسل الأناضول.
ولتفادي التعرض لنيران الجيش الإسرائيلي، يستخدم المواطنون والصحفيون الذين يتنقلون في بلدات وقرى الجنوب اللبناني، الطرقات الداخلية، مما يضاعف من الوقت الذي يستغرقونه للوصول إلى المناطق المرجوة بفعل زيادة المسافات.
دمار كبير بالمنازل
وبالإضافة إلى بلدة كفرشوبا، قال مراسل الأناضول إن هناك بلدات أخرى في الجنوب اللبناني “كانت أكثر عرضة” للقصف الإسرائيلي، وشهدت تدمير عدد كبير من المنازل سواء بشكل كلي أو جزئي.
وأوضح أن من بين هذه البلدات هناك “كفركلا، وعيترون، وعيتا الشعب، ومركابا، ورامية، ورميش، ويارون والضهيرة وعلما الشعب والخيام وميس الجبل وبليدة وميس الجبل”.
مناطق جنوب الليطاني شبه مهجورة
وبالنسبة لمناطق جنوب الليطاني، وثق مراسل الأناضول أن الطرقات في الفترة الأخير “باتت خالية تماما من السيارات أو المارة، باستثناء دوريات خاصة بقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفل) وسيارات الصحافة، التي تقلصت أيضا مؤخرا، بسبب استهداف القوات الإسرائيلية للصحافيين”.
كما أقفلت معظم المحالات التجارية أبوابها و توقفت الأسواق عن العمل في تلك البلدات والقرى، واقتصر الوضع المعيشي على بعض المحالات والمطاعم التي تسترزق بتلبية احتياجات جنود حفظ السلام والصحافيين فقط، بحسب مراسل الأناضول.
أزيز لا ينقطع للمسيرات الإسرائيلية
وخلال الجولة الميدانية في جنوب لبنان، أفاد مراسل الأناضول بأنه عند اجتياز نقطة التفتيش للجيش اللبناني عند نقطة “الخردلي” جنوب الليطاني، تلاحظ أن أزيز المسيرات الاستطلاعية وصوت القذائف التي تتساقط في أماكن قريبة “لا ينقطعان ولا يغادران المكان”.
وقال بعض المواطنين الذي بقوا في منطقة “مرجعيون” وهي النقطة التي يتجمع فيها الصحفيون لنقل الأخبار، إن صوت المسيرة الإسرائيلية (MK) “لا يغادر المكان, إضافة لصوت القذائف والتي تزايدت حدتها في الفترة الأخير، وبدأت تستهدف المنازل”.
ورفض أغلب المواطنين الظهور أمام الكاميرا والتحدث علنا، مكتفين بكلمة “الله يحمي لبنان”.