منذ نجح الجيش الإسرائيلي في استهداف ” غرفة العمليات الميدانيّة” في فرقة الرضوان، خلال اجتماع لها في أحد منازل بيت ياحون بدأ كثيرون من جمهور “حزب الله” يتحدثون عن “عملاء” يتغلغلون في المناطق الجنوبية، ولم يوفّر بعض هؤلاء النازحين السوريين.
قد يكون ذلك صحيحًا، ولكن جميع من يتحدثون في الأمر لا يملكون قرينة واحدة تتيح لهم قول ما يقولونه.
وهؤلاء في الواقع لا يفتشون عن حقيقة وصول الجيش الإسرائيلي الى معلومات دقيقة عن تحرك مجموعات “حزب الله” على امتداد الجنوب اللبناني، بل يريدون الدفع نحو تصفية حسابات مع من لا يؤيّدون هذه الحرب أو لا يعترفون بجدواها ومع المختلفين عنهم طبقيًّا ودينيًّا.
ويدرك الخبراء في عالم المخابرات أنّ المعلومات الدقيقة عن التحركات التي تقوم بها مجموعات تحترف “حرب العصابات” لا يمكن الوصول إليها، في حال كانت مصادر هذه المعلومات بشريّة، إلّا من أقرب المقرّبين، لأنّ الناس عمومًا والمعارضين خصوصًا، لا يعرفون لا أسماء المقاتلين ولا وظائفهم ولا تحركاتهم ولا مقرّات اجتماعاتهم ولا مواقعهم.
في الواقع، إنّ ما يعرفه الجيش الإسرائيلي عن فرقة الرضوان، منذ ذهابها الى سوريا للمشاركة في حرب الدفاع عن نظام بشّار الأسد حتى عودتها الى لبنان وانتشارها في الجنوب، لا يمكن أن يعرف تفصيلًا صغيرًا منه لا اللاجئ السوري ولا المعارض ل”حزب الله”.
ومن كان يتابع الإعلام الإسرائيلي وما تنشره المخابرات فيه من معلومات يدرك تمام الإدراك أنّ الأجهزة الأمنية الإسرائيليّة تعرف تفاصيل مملّة عن تحركات “حزب الله”، بحيث كانت قادرة على التمييز بين الناشط البيئي الحقيقي وذاك المتدثر بهذه الصفة.
ويكفي المخابرات أن تعرف تفاصيل محددة عن أهدافها حتى تسخّر من أجل إبقائها قيد الرصد كل ما تملكه من التقنيات المتطورة والمصادر البشريّة.
إنّ الإستخفاف في توجيه شبهة التجسس لمصلحة العدو الى الفقراء والضعفاء والمعارضين لا يُظهر ذكاء المتّهِم بقدر ما يُهين المستهدَف في حرفيّته ودهائه!
وفي كل الأحوال يخسر لبنان كوكبة من شبابه في حرب لا تقدّم للوطن شيئًا ولا لغزّة صمودًا ولا لفلسطين دولة!