تواجه الدول التي تعتمد في حلول مشاكلها على استراتيجية “تخبئة الغبار تحت السجّادة” انفجارات متتاليّة!
هنا لا نتكلّم عن فرنسا التي تستيقظ، كلّ فترة، منذ أربعين سنة، على كارثة أمنية بل نتحدّث عن جريمة القرنة السوداء التي أودت بحياة إبني بشرّي:هيثم ومالك طوق!
جريمة بشرّي ليست مسألة منفصلة عن مسار لبناني عام، فالخلفية التي تقف وراءها موجودة في أكثر من منطقة، إذ إنّ الخلافات “الحدوديّة” بين البلدات والأقضية التي تستغلّها “الفتنة المسلّحة” أكثر من الهمّ على القلب!
ولكن، بدلًا من أن تشكّل الإشكالات الممتاليّة دافعًا الى إيجاد حلول جذرية -سهلة نسبيًّا - يتمّ ترك الأمور على غاربها حتى تتفاقم، بفعل اعتماد نهج يقوم على استرضاء قوى الأمر الواقع!
وبنتيجة هذا النهج ، أصبح لبنان بطل العالم في إهمال مشاكله التي تنتج فتنة بأبعاد طائفيّة هنا، وبأبعاد حزبيّة هناك، وبأهداف سياسيّة في كل وقت وزمان!
وليس غريبًا أبدًا أن نجد طيف “حزب الله” في كل هذه المشاكل، فهو يلعب أدوارًا خطرة في لبنان، إذ ينشر سراياه الإرتزاقية في كلّ النقاط الحسّاسة ليستعملها عندما يرى ذلك مناسبًا، من دون أن يورّط نفسه مباشرة!
ولأنّ الجميع يقفون عاجزين أمام “حزب الله”، فهم يلجأون الى “تخبئة الغبار تحت السجادة”!
وبالإذن من قيادة الجيش التي تصدر، في بعض الأحيان، كما هي الحال في موضوع جريمة بشري بيانات تُثير الشكوك أكثر ممّا تقدّم الأجوبة، فالجميع يعرفون أنّ قمم لبنان، كالقرنة السوداء، لم تعد “سياديّة” بل هي مساحة يهيمن عليها “حزب الله”، حتى يسيطر من خلال ربط بعضها بالبعض الآخر، على كل البلاد.
لا أحد يستطيع الجزم بدور ل”حزب الله” في الجريمة التي استهدفت بشرّي، ولكن الجميع يدركون أنّ ل”حزب الله” كلمة وازنة في تحديد مسار الأمور في “القرنة السوداء”، سواء عبر قوته الذاتية أو عبر “سرايا المقاومة”!
الحل لا يكمن في رسم الحدود الجغرافية وفي توزيع الثروة المائية، في مناطق العطش الجردية. لو كان الأمر كذلك لانتهت المشكلة “من زمان”. الحل يكمن في أن تستعيد الدولة سلطتها الكاملة على هذ المناطق، ممّا يعين القوى المحليّة على تنفيذ الحلول المعروفة!
كل يوم تطل مأساة من منطقة لبنانية، وكل يوم ندرك أنّنا على موعد جديد معها، لأنّه متى حلّت سيادة قوى الأمر الواقع، إنتهى الأمان الى غير رجعة وسقط الجميع في …جهنّم!