"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

جمهورية "الخواء" اللبنانية.. ممانعة "مستقوية" ومعارضة "مشتتة"!

منى خويص
السبت، 22 أبريل 2023

الخواء”… لا تحتل هذه المفردة فقط جيوب الفقراء في لبنان، الذين تتزايد اعدادهم يوما بعد يوم، بل باتت تملأ الفضاء العام، لا سيما المشهد السياسي. لم تزل البلاد، منذ لحظة خروج الرئيس السابق ميشال عون من قصر بعبدا، تدور في فلك “الخواء”، ليس فقط في المراكز الشاغرة، بل ايضا في الافكار والمبادرات ومحاولة انتاج الحلول، لأزمة قصمت ظهر الوطن وابنائه، وهي توسع كل يوم فُتحة الهاوية، التي يتدحرج الى قعرها كل شيء، بدءا من بُنى الدولة وصولا الى حياة المواطنين ومستقبلهم، وذلك طبعا بفعل ارتكابات “المافيا الحاكمة”، التي تدير ظهرها لمعاناة لبنان واللبنانيين، من دون ان يرف لها جفن، انما على العكس من ذلك، تتصرف وكأنها تتلذذ بمشاهدة الانهيارات المتتالية لكل شيء في البلد، كما يتلذذ مجرم منحرف بتعذيب ضحاياه، قبل ان يدركوا ساعتهم.

الانهيار المالي تتوالى فصوله، الليرة فقدت، ليس فقط قيمتها الشرائية امام الدولار، بل باتت كلفة طباعتها اكبر بكثير من قيمتها. المواطنون يصرخون من فقر المال والحال، وكل مؤسسات الدولة مشلولة بالكامل، ومعظم الخدمات غير متوفرة، وما توفر منها يقدم بالحدود الدُنيا. اما في السياسة، فالامور تراوح مكانها، باستثناء ما يحصل في المؤسسات الدستورية، من عمليات وجلسات ينتهك فيها الدستور، أما الاستحقاق الرئاسي، الذي يعلق الجميع الآمال على انجازه، لاعادة انتظام العمل المؤسساتي في البلد، ما زال الافراج عنه بعيد المنال، حسب المعطيات التي تتكشف كل يوم.

فمنذ توقف المجلس النيابي عن الدعوة لجلسات الانتخاب، كشف الفريق الممانع عن مرشحه، الذي لم يكن مجهولا في الاساس، واعلن تأييده لسليمان فرنجية علانية، وبدأ يُعِد العدة لترئيسه وأدار محركاته في كل الاتجاهات، كما وبدأ فرنجية الذي كان منكفئا لفترة بالتحرك، فكانت زيارته الى بكركي، ويُتوقع ان يطل الاحد المقبل ليعلن ترشحه، بما يوحي ان الحركة، فيما يخص الاستحقاق الرئاسي عند فريق الممانعة، “شغال” كما يقال على كل المستويات، في حين ان الفريق المعارض، استكانت حركته فيما يتعلق بهذا الاستحقاق، بعد اعتماده “الخطة باء”، التي تقول بعدم تأمين النصاب لوصول فرنجية الى قصر بعبدا، الامر الذي يرى فيه كثيرون ضعف في الاداء، مقارنة بأداء فريق الممانعة، الذي يستفيد من تشتت المعارضة وضآلة امكانياتها، في ترشيح شخصية يتفقون عليها جميعهم، ويذهبون بها الى مجلس النواب للانتخاب. 

بعض الاوساط ترى، ان “الفريق المعارض يعول على الموقف السعودي الثابت، والذي لا يتزحزح عن مواصفات رئيس الجمهورية”، ولكنها تسأل، “ماذا لو تنازلت السعودية عن موقفها مستقبلا؟ فإتفاق بكين ليس معركة انتهت بانتصار السعودية على ايران، بل اتفاق لايران، فيه ما للسعودية من مصالح، والتي منذ انجاز الاتفاق، سجلت جملة تنازلات في اكثر من مكان، كسوريا على سبيل المثال، فما الذي يمنعها ليس من التنازل في لبنان، بل التنازل عن لبنان، وماذا سيكون موقف المعارضة آنذاك، وماذا ستفعل حينها، وبماذا ستواجه في غياب اي مشروع لها حتى اللحظة؟ 

وتضيف ان “الحكمة والمصلحة الوطنية تقتضيان من “الثنائي الشيعي”، النزول عن الشجرة فيما خص الاستحقاق الرئاسي، والبحث مع الفريق الآخر عن رئيس، لا يشكل تحدياً لأحد، كما ان الحكمة ايضا، تتطلب من المعارضة ايضا بالنزول عن شجرة عدم تأمين النصاب، كخيار مواجهة لا بديل عنه”.

فالمطلوب من المعارضة، بحسب هذه الاوساط، “اكثر بكثير مما هو مطلوب من فريق الممانعة، الذي يعرف ماذا يريد، ولديه سبل كثيرة لتحقيق اهدافه، ويتحرك من اجل ذلك بكل السبل المتاحة، في حين ان المعارضة مفككة، واضافة لتفككها فإن طرق الحوار فيما بينها مسدودة، كما وانها لا تمتلك سوى طرح الشعارات والتهديد والوعيد، وكلها تصب في خانة الاقوال لا الافعال”.

ووصفت أداء المعارضة بأنه “ليس سياسة بل هروب من العمل السياسي، الذي يفرض عليهم بداية التنازل ومد اليد لبعضهم البعض، اذا كانوا فعلا يقدمون مصلحة البلاد على مصالحهم الشخصية، وبذل كل الجهود لتوحيد صفوفهم، والاتفاق على اسم موحد للرئاسة، وعلى مشروع موحد للبلد، في مواجهة المشروع الآخر، وإلا فإنهم، وكما قال فرنجية عن درج بكركي، اذا لم يقرأوا جيدا ما يجري في المنطقة، فإن قطار الحل قد يمضي من دونهم، وسيكررون تجربة ما بعد اتفاق الطائف بالبقاء خارج الحكم، وعندها سيقعون في محظور ما قاتلوا من اجله، وهو وقوع البلد في قبضة الوصاية الايرانية الكاملة، تماما كما حدث بعد الطائف، زمن وقوع لبنان في قبضة الوصاية السورية بالكامل.

المقال السابق
كيف حافظت اليابان على نحافة مواطنيها رغم حبهم للأكل؟

منى خويص

كاتبة سياسيّة

مقالات ذات صلة

الطريق الى 7 تشرين...شارون يقمع الانتفاضة الثانية ويزيح عرفات

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية