أثار تعميم وزارة التربية والتعليم العالي بشأن السماح للطلاب النازحين غير الحاملين لبطاقة إقامة بالتسجيل في المدارس اللبنانية للعام الدراسي 2024 – 2025، جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والحزبية خاصة عند رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.
فقد اعتبر جعجع ان هذا التعميم مخالف للقوانين اللبنانية كلها وحتى للاتفاقية المعقودة بين لبنان والمفوضية السامية اللاجئين في العام 2003، وهذا التعميم يعني عمليا دعوة السوريين المتواجدين على الأراضي اللبنانية بشكل غير شرعي إلى البقاء في لبنان، والأخطر من ذلك انه يدعو السوريين الذين ما زالوا في سوريا الى إرسال أبنائهم الى المعاهد والمدارس الخاصة والرسمية اللبنانية، وهذا كله على حساب الوطن وعلى حساب المكلف اللبناني”.
وتابع جعجع: “إذا كان البعض يعتبر ان لا حدود بين لبنان وسوريا، وان لا لزوم للبنان الوطن، فنحن سنقاوم حتى النهاية للحفاظ على حدود لبنان الدولية والحفاظ على لبنان الوطن. ان البعض بتصرفاته المختلفة، ولو حاول إلباسها لبوسا مغايرا في الشكل، يتصرف خارج الدستور اللبناني تماماً، ومن دون الأخذ في الاعتبار انه يوجد في هذه البقعة من الارض وطن اسمه لبنان”.
قال: “ان البعض بمواصلته ضرب الدستور بعرض الحائط عبر تشكيل تنظيم مسلّح غير شرعي الى جانب الجيش اللبناني، وبمصادرة قرار الحرب والسلم، وبمخالفة النصوص الدستورية في انتخاب رئيس للجمهورية، والآن بمخالفة القوانين كلها في ما يتعلق باستباحة السيادة من خلال دعوة الطلاب السوريين من كل حدب وصوب للتسجيل في المعاهد اللبنانية، من الواضح ان هذا البعض في الخلاصة لا يريد لبنان وطنا”.
ودعا في هذه المناسبة بالتحديد، رئيس الحكومة ووزير التربية للتدخل فورا وإبطال تعميم المديرة العامة بالتكليف للتعليم التقني والمهني، واتخاذ التدابير اللازمة بحقها تمهيدا لمعالجة بقية الأمور بدءا من موضوع رئاسة الجمهورية تبعا لما يقتضيه الدستور.
وبدوره قال باسيل: إنّ “هذا القرار صادر عن حكومة نعتبرها مستقيلة وغير ميثاقيّة، وقرارتها الّتي تصدر من دون توقيع كلّ الوزراء هي غير شرعيّة وغير قانونيّة، وهذا القرار بالتّحديد غير قانوني، إذ لا يمكن لقرار صادر عن مجلس الوزراء أن يخالف القوانين!“.
وأوضح باسيل أنّ “هذا القرار يخالف بوضوح قانون تنظيم الدّخول إلى لبنان والإقامة فيه والخروج منه، الصّادر عام 1963. وأفتخر أنّ أوّل عمل قمت به بعد انتخابي نائبًا في العام 2018، هو تقديم اقتراح قانون لتعديل هذا القرار بهدف التشدّد بموضوع دخول الأجانب إلى لبنان بطريقة غير شرعيّة، وبشكل خاص النّازحين السّوريّيم غير الشّرعيّين”.
وركّز على أنّ “هذا القرار أتى من خارج جدول الأعمال، ولو كان هناك رئيس للجمهوريّة، لما كان ذلك حصل. ومن هنا نفهم معنى أن يكون هناك بلد بلا رئيس، وماذا ترتكب هذه الحكومة من خطايا بغياب الرّئيس”، مشيرًا إلى أنّ “هذا الموضوع يطرح أيضًا مسألة ان تكون هناك حكومة تعمل بشكل عادي، من دون وجود ممثّلين فعليّين للمكوّنات المسيحيّة الأساسيّة فيها، وهنا لا أتكلّم عن الأشخاص، بل عن درجة التّمثيل”.
كما طالب رئيس حكومة تصريف الأعمال تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، بظلّ غياب رئيس للجمهوريّة، بـ”الرّجوع عن هكذا قرار وجودي ومصيري بالنّسبة للبنان، بظلّ غياب شريكه الدّستوري”، مطالبًا أيضًا رئيس مجلس النّواب نبيه بري، بـ”العودة عن هذا القرار، وهو طبعًا يعي خطورته”.
وتوجّه باسيل كذلك إلى النّائب السّابق وليد جنبلاط، الممثّل في الحكومة من قبل وزير التّربية عباس الحلبي، قائلًا: “نحن بالتّأكيد مع القوانين الدّوليّة وحقّ الطّفل بالتّعليم، لكن أصبح بإمكان أوليّاء هذا الطّفل إمّا تسوية أوضاعهم في لبنان، أو أن يتعلّم في سوريا، لأنّ الوضع هناك أصبح آمنًا”.
وأضاف: “أتوجّه أيضًا إلى “حزب الله”. عندما يدعو الأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله إلى إجراءات الحدّ الأقصى بفتح البحر أمام الناّزحين، هل يمكن لوزرائه في الحكومة أن يقبلوا بهذا القرار؟. وأتوجه خامساً الى وزراء تيار “المردة” والمستقلين في الحكومة، هل تقبلون أن تسجلوا على ضميركم وعلى سجلكم صدور قرار من هذا النوع يؤدي إلى توطين الطلاب غير الشرعيين في مدارسنا؟“.
وتوجّه أيضًا إلى لجان الأهل والتّربويّين، داعيًا إلى “رفض هذا القرار ومقاومته فعليًّا في المؤسّسات التّربويّة، والتوجّه بتقديم طعن بقرار الحكومة وبتعميم وزارة التّربية، المخالفين للقوانين اللّبنانيّة”، لافتًا إلى “أنّنا لن نتقدّم بطعن حاليًّا لإعطاء الحكومة الفرصة للتّراجع عن القرار، وللسّماح لأولياء الطلّاب يتقديم الطّعن بأنفسهم”.
وتوجّه باسيل أخيرًا إلى كلّ الأحزاب والشعب اللبناني، قائلًا: “مرّة جديدة يتهدّد وجودنا ووجود لبنان، في ظلّ مؤامرة دوليّة وصمت داخلي مريب، وعلينا نحن أن ندقّ ناقوس الخطر لكي يفهم الجميع أنّ الوقت يمرّ والتّوطين يصبح أمرًا واقعًا، والمواجهة يجب أن تكون بالفعل وليس بالخطابات”.
وأكّد أنّ “المطلوب ليس القول بعد سنوات إنّ “التيار الوطني الحر” كان على حق، بل المطلوب أن يعرف الجميع أن لبنان بهذا السّلوك “بِروح”، المطلوب من جميع الوطنيّين والسّياديّين التّحرّك لمنع تنفيذ هذا القرار في المدارس، وأطلب من الجميع التحرّك وليس فقط “التيار”. سنتحرّك ولو لوحدنا، ولدينا اجتماع للمجلس السّياسي الثّلثاء المقبل لتقرير الخطوات، ولن نرضخ وفي معركة الوجود جميعنا جنود”.
توضيح الوزارة
ومن جهته أوضح المكتب الإعلامي في وزارة التربية والتعليم العالي، في بيان، أن “الوزارة تتبع سياسة الحكومة اللبنانية في ما يتعلق بملف النازحين وبالتالي تعليم الأولاد النازحين في المدارس في لبنان”.
وأشار المكتب إلى أن، “وزارة التربية تسلم إلى المديرية العامة للأمن العام عبر وزارة الدا خلية الاسم الثلاثي والوثائق المتوافرة عن كل مرشح نازح نجح في الامتحانات الرسمية للشهادات الرسمية الصادرة عن المديرية العامة للتعليم المهني والتقني، لكي يقوم الأمن العام بمهامه لجهة متابعة حصولهم على الإقامة”.
وأكد المكتب الإعلامي أن، “دور وزارة التربية محصور بتقديم التعليم بحسب القوانين والأنظمة، وان قرار مجلس الوزراء الذي سمح بتسليم الشهادات للنازحين من التلامذة في التعليم المهني والتقني، منع تسجيل أي تلميذ نازح للعام الدراسي 2025/2026، إذا لم يكن لديه وثيقة إقامة صالحة، ما يعني السماح للتلامذة الذين يتابعون الدراسة راهنا بإنهاء دراستهم في العام الدراسي الذي سيبدأ نهاية هذا الشهر”.
وأشار المكتب الإعلامي إلى أن، “مسار تعليم النازحين منفصل عن التلامذة اللبنانيين، وبالتالي لا يتأثر اللبنانيون بذلك بأي شكل من الأشكال”.
لافتا إلى ان، “تسليم الشهادة للتلامذة النازحين لا يعني مطلقا تسهيل إقامتهم، لأن على الأمن العام اللبناني أن يقوم بالإجراء القانوني اللازم”.
الاشتراكي
الحزب التقدمي الاشتراكي أصدر بياناً أعلن فيه “رفضه الحملة التي تتعرّض لها وزارة التربية، على خلفية قرارها بالسماح للطلاب السوريين الذين لا يملكون أو راقاً ثبوتية بالتسجيل للعام الدراسي 2024-2025، فهذا القرار يعكس حكمةً في منع انجراف الاطفال السوريين نحو الجهل والتطرف والعنف والجريمة، فيما الحملة ضده تعكس مجدداً عنصرية وقصر نظر في مقاربة ملف استراتيجي دقيق سيكون له تداعياته الاجتماعية الخطيرة على لبنان في المستقبل القريب”.
وأضاف البيان، “ويجدد الحزب التقدمي الاشتراكي التأكيد أن تعليم الطلاب السوريين في المدارس اللبنانية، المعروفة المناهج، أفضل بكثير من تركهم فريسة للتخلّف، مذكّراً بالورقة التي تقدّم بها حول ملف إعادة النازحين، التي يبقى تطبيقها ضمن توصيات المجلس”.