"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

جعبة لودريان.. إفتراق عن المقاربة السيّئة أو لا تغيير!

علي حمادة
الأحد، 25 يونيو 2023

جعبة لودريان.. إفتراق عن المقاربة السيّئة أو لا تغيير!

يوم امس السبت قفل الممثل الشخصي للرئيس الفرنسي المولج بالملف اللبناني جان ايف لودريان عائدا الى باريس. قابل معظم القوى السياسية ، وعددًا من الشخصيات المرشحة لرئاسة الجمهورية ( سيلتقي الأسبوع المقبل في باريس المرشح جهاد ازعور) . كان مقلًّا في الكلام . آثر الاستماع الى ما يقوله اللبنانيون اقله حول ازمة الفراغ الرئاسي . استمع طويلا لكل الطروحات و الأفكار . سوف يجوجلها في باريس ، ويرتبها، و يرفع تقريرًا للرئيس ماكرون . لكن لا جديدا في ما سمعه لودريان في لبنان . كل ما قيل له سبق ان سمعه المسؤولون في خلية الاليزيه ألف مرة و مرة . فالبلاد منقسمة انقساما عاموديًّا بين توجهين : الأول يقوده “الثنائي الشيعي” الذي يرشح رئيس “تيارالمردة ” رافضًا التفاوض على تسوية تنهي الفراغ الرئاسي الذي يدوم منذ ثمانية اشهر من دون ان تلوح أي إمكانية لانهائه بشكل طبيعي ، ما دامت مفاتيح مجلس النواب بيد الثنائي الشيعي الذي يصادر “ام المؤسسات ” الدستورية بأساليب ملتوية لا داعي لتفصيلها. و الثاني يتمحور حول موقف النواة المسيحية الصلبة التي تشكلها الكتل المسيحية الثلاث الكبرى في مجلس النواب و معها شخصيات برلمانية مستقلة و كتل معارضة سيادية . فلو ان رئيس مجلس النواب و حلفاءه لم يعملوا على تهريب نصاب الدورة الثانية من الانتخاب يوم ١٤ حزيران الماضي لربما توصلنا الى انتخاب رئيس جديد ( جهاد ازعور) . لكن مسار تجويف الدستور من معناه و روحه ، والتمسك بعقلية الفرض و الاكراه حالت دون إتمام الاستحقاق . انما و الحق يقال يجب الاعتراف في مكان ما ان البلاد منقسمة عاموديًّا ، و بشكل شبه متوازن . ليس هناك من توجه له غلبة ساحقة ( ديموقراطيًّا )على الأخر ، بالرغم من ان الموقف المسيحي المعارض لخيار “الثنائي الشيعي ” الرئاسي يمثل غالبية ساحقة من الأصوات المسيحية في مجلس النواب ، و يعكس مناخا شعبيا غالبا ، و رأيًا عامًا مناهضًا لخيار “الثنائي الشيعي ” و أسلوبه في التعامل مع بقية البيئات اللبنانية .

اذن، فإن ّ الموفد الفرنسي جان ايف لودريان يمتلك فكرة واضحة عن المشهد في لبنان، وباريس تحتاج ان تعيد التفكير في مقاربتها السابقة ، علمًا انّ ل”الثنائي الشيعي ” مصلحة جلية بمواصلة باريس الضغط على الفريق الآخر لحمله على الإذعان له . لكن طريق الإذعان مقفل ، وسيظل مقفلًا ، لان المعادلة المطروحة لا تتعلق بشخص المرشح سليمان فرنجية و مواصفاته ، بمقدار ما تتعلق بمرحلة ما بعد الانتخاب ، والآثار التي ستنجم عن استحواذ “حزب الله ” بالتحديد على أهم ورقة في معادلة توزيع الحصص في السلطة ، أي رئاسة الجمهورية. هذا هو لب الموضوع ،خطر ابتلاع “حزب الله” الدولة ومؤسساتها دفعة واحدة على جميع المستويات في سياق سياسته المنهجية لتغيير هوية البلاد ، وتوازناتها ، وديموغرافيتها ، وواقعيها العقاري و السكاني، وثقافتها المتنوعة ، فضلًا عن الحريات العامة والخاصة . اكثر من ذلك، فإنّ فرنسا اكثر الدول المعنية بلبنان إدراكًا بأنّ معادلة السلاح غير الشرعي الذي يمسك به “حزب الله” لا تصنع وطنًا، و لا دولة ، و مآلها ان تفتت ما تبقى من رغبة في العيش المشترك الواقف على خيط رفيع .

خلاصة القول ، اننا نأمل ان يثبت جان ايف لودريان الافتراق النهائي عن المقاربة السيّئة السابقة .

المقال السابق
"فخ" مبادرة ماكرون اللبنانيّة يُعاد نصبه... لودريان يوفّر "غطاء ذهبيًّا" لمعطّلي الإنتخابات الرئاسيّة

علي حمادة

كاتب ومحلّل سياسي

مقالات ذات صلة

يخت مايك لينش الغريق يختزن أسرارًا مخابراتيّة "حسّاسة" والأجهزة تتنافس للعثور عليها

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية