كمال طربيه- نيوزاليست
لا أحد يمكنه التكهن بتوقيت الرد الايراني او بحجمه على قيام اسرائيل بقصف مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق وتدميره بالكامل متسببة بمقتل العميد محمد رضا زاهدي احد كبار قادة فيلق القدس ونائبه ومعهما خمسة عناصر اخرى.
النظام الأيراني وهو ثيوقراطي بامتياز، لا يخضع لقواعد التشاور والمناقشة وربما التصويت قبل اتخاذ قرارات خطيرة بحجم الحرب والسلم كما هو الأمر غالبا في أنظمة الحكم الديمقراطية، فالحق الإلهي يمنح المرشد الأعلى وحده حرية اتخاذ القرار، او ليس هو ” ظل الله على الآرض ” ؟
رغم ذلك سنحاول عرض سيناريوهات الرد المحتمل استنادا لسلوك نظام الملالي في السنوات الاخيرة ولما تجمع لدينا من أراء عدد من الباحثين في الشأن الإيراني في العالم ألعريي وأيضا في عواصم القرار.
ثمة ثلاثة سيناريوهات للرد االأيراني:
الأوّل هو أن تعمد الجمهورية الأسلامية مباشرة إلى قصف هدف اسرائيلي بريًّا أو بحريًّا سواء في الداخل الاسرائيلي أو خارجه.
الثاني يتمثل بالايعاز الى حزب الله استهداف موقع استراتيجي في العمق الاسرائيلي بالصواريخ الدقيقة والمسيرات الانتحارية.
اما السيناريو الثالث والأخير فهو قيام الحوثيين في اليمن والحشد الشعبي في العراق بقصف كثيف ومشترك للسفن الاسرائيلية والاميركية والبريطانية في مياه البحر الأحمر وباب المندب والأقدام في الوقت نفسه على قصف القواعد الاميركية في العراق بالصواريخ والمسيرات.
في الواقع إنّ السيناريوهين الأوّل والثاني مستبعدان لأنّ ضربة ايرانية مباشرة ستعني استدراج اميركا الى الدخول في الحرب وردًا اميركيًّا مزلزلًا بالصواريخ البالستية وايضا من حاملات الطاىْرات المنتشرة في مياه شرق المتوسط.
السيناريو الثاني مستبعد ايضا لأنّ حزب الله ومنذ تسخينه جبهة الحدود الجنوبية ، يتجنب خرق قواعد الاشتباك كي لا يوفر لحكومة نتنياهو الذريعة التي تتمناها وتمكنها من تدمير لبنان.
يبقى ان السيناريو الثاني هو الأقرب للتنفيذ والمتمثل بايكال مهمة الأنتقام لأذرعها في اليمن والعراق اي للحؤثيين وللحشد الشعبي مما يمكن طهران من التصريح ، وهو ما دأبت عليه مرارا، بان لا علاقة لها بالأمر.
ثمة من لا يأخذ بأي من السيناريوهات الثلاثة مستندا إلى نظريتين: الأولى تقول ان ايران هي نمر من ورق وتفتقد الامكانيات العسكرية والتقنية والمالية التي تمكنها من خوض مواجهة عسكرية متكافْئة مع الولايات المتحدة واسرائيل ،والثانية على مقولة الصبر الأستراتيجي المستمدة من الثقافة الفارسية اي الصبر وطول الأناة وانتظار توفر الفرصة المناسبة التي تأتي او لا تأتي.
ويستند اصحاب هذا الراي إلى ملحمة “الشهنامة ” الفارسية التي اورد فيها الفردوسي حكاية الشطرنج وما تتطلبه من صبر وحسابات وبعد نظر، في ما يعيدنا رأي آخر إلى براعة الإيرانيين في حياكة السجاد وهي حرفة فائقة الدقة وتتطلب صبرا جميلا ووقتا طويلا.
يبقى انه بمعزل عن طبيعة الرد الايراني فان حكومة نتنياهو المغرقة في عدوانيتها وفاشيتها تسعى جاهدة منذ السابع من اكتوبر إلى كسر قواعد الاشتباك وتخطي الخطوط الحمر لتفجير مواجهة عسكرية بين الولايات المتحدة وايران الأمر الذي قد يمكنها من تهجير سكان غزة بالكامل والقضاء على حلم الدولتين وتدمير لبنان فوق رؤوس حزب الله واللبنانيين اجمعين.
يأمل الجميع ان تتمكن ادارة الرئيس الاميريي جو بايدن من كبح جنون الحكومة الاسرائيلية، اما القرار الفصل فلدى المرشد الأيراني الأعلى الذي بامكانه وحده نزع فبيل الانفجار من خلال اعتماد سياسة الصبر الاستراتيجي او تجرع” كأس السم” على غرار سلفه الخميني .