"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

إيران تُحيي "المتراس" اللبناني وإسرائيل "تنبش" خطة الإجتياح!

فارس خشّان
الخميس، 20 أبريل 2023

في العام 2003، تمّت دعوتي الى “فنجان قهوة” في مديريّة المخابرات في الجيش اللبناني، بعد مقابلات ومقالات لم ترق للنظام الأمني-اللبناني السوري الذي كان يحكم لبنان.

المسؤول الأمني الذي تولّى “استضافتي”(وهو لا يزال على قيد الحياة)، وبعد استعراض سريع للقوّة التي لم تكن تحتاج الى أدلّة، أمطرني بمحاضرة عن “ماهية بلدنا”، تحت عنوان: لبنان “متراس” في الحرب مع إسرائيل وليس دولة !

في ضوء هذه “المحاضرة” سألته سؤالًا واحدًا: “حرب من”؟

وكان جوابه واضحًا:” أنتَ هنا لتسمع ما هي عليه الحال، وليس لإجراء مقابلة”.

وانتهت الضيافة!

بطبيعة الحال، لستُ هنا في وارد كتابة مذكراتي، ولكن هذه “المحاضرة”(حتى لا أقول إملاءات) عادت، بقوة الى ذهني، في الأيّام القليلة الماضية، وأنا أواكب ككثيرين المواقف الإيرانيّة والتحليلات الإسرائيليّة بخصوص لبنان الذي دخل حقبة جديدة من معاناته المفتوحة.

وقد تقاطعت هذه المواقف والتحليلات عند نقطة واحدة: “متراسيّة لبنان”.

الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي متكئًا على الصواريخ التي استهدفت إسرائيل من لبنان وسوريا وغزة، وجرى نسبها الى “فصائل فلسطينية” غير محدّدة، أعلن أنّ رسالة بلاده وصلت الى إسرائيل وخلاصتها “أنّ أدنى اعتداء على إيران سيجابه بردّ قاس من قبل القوات المسلحة الإيرانية ويؤدي الى تدمير حيفا وتل أبيب.”

في هذا الوقت، كان كبار المحللين الإسرائيليّين المقرّبين من الدوائر الأمنية في دولتهم، يروّجون لضرورة تنفيذ عملية كبرى ضد لبنان تستهدف “حزب الله” وترسانته العسكريّة، كخطوة لا بدّ منها في مواجهة “النووي الإيراني”.

وكتب تشاك فرايليخ، نائب رئيس “مجلس الأمن القومي” الإسرائيلي سابقًا والباحث الحالي في “معهد دراسات الأمن القومي”: “عندما تحين ساعة الحقيقة، وعندما تُستنفد كل البدائل، من المعقول أن تجد إسرائيل نفسها وحيدة في مواجهة إيران. حينئذ، لن يكون أمامها من خيار سوى التحرك عسكريًا(…) يجب أن يكون واضحاً أن المقصود سيناريو سيئ، بينما البديل الآخر -السماح لإيران بأن تصبح نووية -هو أكثر سوءًا بكثير”.

ولاقاه إفرايم عنبار، مدير “معهد القدس للإستراتيجيا والأمن”، بالتشديد على وجوب ” اجتياح لبنان مجددًا من أجل ضرب القوة الصاروخية لحزب الله، لأنّ ذلك هو السبيل لوقف مسيرة إيران نحو حيازة السلاح النووي”.

وأعرب عن اعتقاده بأنّ” القذائف الصاروخية التي أُطلقت على إسرائيل من لبنان في عيد الفصح، هي من عمل المحور الإيراني الذي يهدف الى ردع إسرائيل عن التحرك ضد البرنامج النووي الإيراني.”

وهذا يفيد، باختصار، بأنّ “الجمهوريّة الإسلامية في إيران” تأخذ على محمل الجد التهديدات الإسرائيليّة بشن ضربات تستهدف “ورشتها النووية المتقدمة”، وهي تتوسّل لبنان وسوريا وغزّة، من أجل ردع إسرائيل عن مواصلة التخطيط لخطوة مماثلة، الأمر الذي تلمّسته إسرائيل وبات عليها حتى تردع إيران عن المضي قدمًا في مسيرتها النوويّة، أن تبتر أذرع إيران المحيطة بها، بدءًا بأهمّها وأقواها: “حزب الله”.

ويعرب دبلوماسي أوروبي عمل سابقًا على أكثر من ملف في الشرق الأوسط ، عن اعتقاده بأنّه، إذا تمّ استثناء فرنسا التي لها أسبابها الجيو-استراتيجية والإيكونومو- سياسيّة، فإنّ غالبية الدول المعنيّة بلبنان لا تعتبر أنّ زمن الحلول الحقيقية قد حلّ بعد، لأنّ لا شيء يمكن أن يُثمر فيه طالما بقي ساحة مفتوحة لصراع إيران مع إسرائيل، ولذلك فإنّ دولًا مثل الولايات المتحدة الأميركية تستثمر في لبنان بأفق ما بعد انتهاء الصراع الإيراني- الإسرائيلي، سلميًّا أو عسكريًّا، الأمر الذي يمكنه تفسير تركيزها الأساسي على دعم الجيش اللبناني، أوّلًا وقوى الأمن الداخلي، ثانيًا.

إنّ من يدقق بالمواقف الأساسية التي يطلقها صنّاع القرار في لبنان (إيران قائدتهم) والخطط العسكريّة التي يفسّرها صنّاع الحرب عليه(إسرائيل) يدرك أنّ “بلاد الأرز” عادت إلى مربّع الحرب”، وبالتالي فإنّ التعاطي مع أيّة استحقاقات سياسيّة فيه، إذا لم يأخذ في الإعتبار هذا التموضع، سوف يخيب، ف”حزب الله” المكلّف من “الولي الفقيه” بإبقاء لبنان كعمق استراتيجي للجمهورية الإسلامية في إيران، إذا ما جرى تخييره بين تسوية من شأنها أن توصل شخصيات تؤمن بمصلحة “لبنان أوّلًا” وبين “فراغ مفتوح” فهو يختار، ومن دون أن يرفّ له جفن، “الفراغ”، وهذا ما واظب، منذ أسابيع، على إبلاغه للقاصي والداني.

في هذ المرحلة، ينتابني شعور بأنّ “فنجان القهوة الأمني” الذي وضعه أمامي ذاك العميد في مديريّة المخابرات في الجيش اللبناني، قبل عشرين عامًا، لا يزال..ساخنًا!

نشر في “النهار العربي”

المقال السابق
جيفري فيلتمان/ لا ثقة بجنرالات السودان بعد اليوم

فارس خشّان

كاتب سياسي

مقالات ذات صلة

الطريق الى 7 تشرين...شارون يقمع الانتفاضة الثانية ويزيح عرفات

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية