يوم هاجمت الطائرات الإسرائيلية طهران، في 26 تشرين الأول الماضي، سقط الكوريدور الشيعي. يومها عبر سلاح الجو الإسرائيلي في مسار بدأ بسوريا ومرّ بالعراق ووصل الى طهران.
كان اختيار هذا الكوريدور الذي أنفق النظام السوري ثروة من أجل إرسائه، أهم أهداف الهجوم الإسرائيلي.
الكوريدور الذي سقط جوًّا، في 26 تشرين الأول الماضي سقط برًّا في الثامن من كانون الأول الجاري، مع انهيار النظام السوري وهروب بشار الأسد من دمشق.
جبهة المقاومة التي سعت الجمهورية الإيرانية الى توسيعها، على اعتبار أنها تشكل حماية معنوية ومادية لمخططها، تقلصت جدًا.
إضعاف حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين و”حزب الله” في لب نان، كان يمكن التغلّب عليه، في لحظة إقليمية ودولية مؤاتية، من خلال وصل لبنان والضفة الغربية بإيران عبر البر السوري، في حين كان الوصول ممكنا الى غزة عبر البحر الأبيض المتوسط بداية وسيناء المصرية لاحقا.
سوريا، وفق ما سبق أن شرح أساطين “جبهة المقاومة” كانت الجسر الذي لا بد منه، فإذا تمّ قطعه إنقطع كل شيء. كانت هي، وفق تعابير الإستراتيجيين في إسرائيل وإيران، أنبوب الأوكسيجين الذي تتنفس منه “جبهة المقاومة”.
و”جبهة المقاومة” بالنسبة لإيران ليست مجرد حالة توسع إقليمي، بل هي عمق استراتيجي يوفر الحماية للجمهورية الإسلامية نفسها.
الآن، تهاوى كل شيء. ضعف “حزب الله” و”حماس” و”الجهاد الإسلامي”، وسقط الجسر السوري. وهذا يعني أنّ الضعف لن يكون مجرد مرحلة، بل حالة متمادية، سوف تسهر إسرائيل ومعها الغرب كله على إدامتها!
عمليًا، حوصرت إيران داخل إيران، وأصبحت، وجها لوجه، مع مشاكلها الوجودية… وما أكثرها!
الجمهورية الإسلامية في إيران أصبحت في وضعية الدولة التي تحاول أن تنقذ نفسها من الانتظار في غرف الإعدام!
الخيارات القليلة التي كانت أمام بشار الأسد، أصبحت حاليا أمام النظام الإيراني نفسه!
أخطر ما في إسقاط نظام الأسد أنّ أصحاب القرار الذين أصيبوا بما سمي بعقدة ليبيا تعافوا منها. سبق أن استفادت إيران وروسيا وسوريا من عقدة ليبيا. الغرب، ومنذ تداعيات سقوط نظام معمر القذافي، بدأ يهاب سقوط الأنظمة ويعمل ضد ذلك.
حاليًا، لم تعد عقدة ليبيا هنا. سقط النظام السوري، وتلقى النظام الإيراني أخطر إشارة إلى أن نهايته، إن لم يُحسن أن يعيد تموضعه وفق حركة التاريخ، قد أوشكت!