يتقدم الاستشهاد، كمرتبة أولى، في قدر الصحافيين والمصورين الحربيين. هم “يستميتون” (فعلاً لا قولاً) من أجل القفز الى الخطوط الأمامية الساخنة، يسجلون شهادة تلو الشهادة، وهم أحياء يرزقون يكتبون ويصورون، الى ان يسيرون على خطى شهداء، يؤرشفون لحظة رحيلهم الحارقة الموجعة، وليس آخرهم المصور الصحافي الشاب عصام العبدالله، والزملاء الجرحى الذين يصارعون الموت.
تتماهى دماء الصحافيين في نقاوتها مع دماء الشهداء الابطال، من الشباب والشيوخ والأطفال، لكن يبقى الامل بفوزهم بأمد حياة أطول، من شأنه أن يُطيل رصد صورة الانتهاكات، وإسماع العالم ما لايريد أن يسمعه عن تحكم القوي، ودك الإنسانية وسلب حق العيش.
لا يمكن وضع إستهداف الصحافيين بالقتل المتعمد، الا من باب الثأر الإسرائيلي من اللبنانيين، وما لا يقوى على فعله و”فشة خلقه”، باستهداف “حزب الله” المدجج بالسلاح والصواريخ، يستقوي على المدنيين المتسلحين بالصوت والصورة، والذين “لا حول لهم ولا قوة”.
لا يمكن تخيل ساحة الصحافيين والإعلاميين تتفرغ عن قصد وحقد، فيما تتنامى وتتوسع “وحدة الساحات” البغيضة، تسرح وتمرح وتتمادى في غيّها ونزقها، مقابل حشر الناس، بلا معين أو رقيب او من “يُخبر”، في “ساحة” تضيق على حريتهم وأحلامهم.
ويبقى القول، انه رغم تراجع تأثير كلمة السواء والصورة الصادمة، يظل وجود “البث الحي” عبر نساء ورجال آثروا “الجهاد” الصحافي والإعلامي، ويستمرون كما الملح في طبخة الحياة والموت، هو الرهان على بقاء “الخبز والملح” بين الجمهور وإعلامه لا ان يتحول الى “م لح ودم”، وإذا كان المخطط التاريخي، “الإخراج الدموي” لهذا الملح.. “فبماذا نُملح”؟!