إسرائيل تُدرج الخامنئي في “بنك الأهداف” الإيراني!
فارس خشّان
قبل أيّام من إقدام الجيش الإسرائيلي على اغتيال الأمين العام ل”حزب الله” حسن نصرالله، ناقشت وسائل إعلام عبرية جدوى إدراج ثاني أرفع شخصية في “محور المقاومة”، بعد مرشد الجمهورية الإسلامية علي خامنئي، في “بنك الأهداف”. كثيرون ممّن تابعوا تلك النقاشات، تجاوزوا الخلافات الواقعة بين المؤيدين والرافضين لهذا التوجه، إذ إنّهم كانوا يعتقدون باستحالة الوصول الى مقر إقامة نصرالله المحصنة حتى ضد الأسلحة النووية!
ولكنّ الميدان حسم النقاش. انتصرت وجهة النظر المؤيدة لاغتياله، وكسب المراهنون على قدرات المخابرات الإسرائيلية وفاعلية الجيش الإسرائيلي، الرهان!
هذا النقاش يتجدد الآن، ولكن حول الشخصية الأولى والأساسية في “محور المقاومة”: خامنئي نفسه!
هذا النقاش الذي كان خافتًا، قبل أن تضرب طائرة من دون طيّار منزل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، في القيسارية، يوم السبت الماضي تحوّل إلى نقاش صاخب، أشبه بالتسويق، داخليا وخارجيا، لقرار قد جرى اتخاذه. وهذا التوجه الإسرائيلي بالذات كان وراء اندفاع “حزب الله”، بعد صمت دام أربعة أيّام، إلى إعلان مسؤوليته عن “محاولة اغتيال نتنياهو” ومسارعة “حركة حماس” إلى “المباركة بهذا الإنجاز العظيم”. ويُرجح، أنّ اقتناع الحكومة الإسرائيلية بوصولها الى الاستحصال على شرعية استهداف الخامنئي، قد دفع بالرقابة العسكرية الى رفع الحظر عن صور جرى التقاطها لآثار تحطم “المسيّرة الإنتحارية” على الواجهة الخارجية لمنزل نتنياهو، حيث يتبيّن أنّ المسيّرة لم تستطع أن تحدث فجوة في الزجاج المقوى الذي ارتطمت فيه.
ومنذ الدقائق الأولى لاصطدام المسيّرة بمنزل نتنياهو، ركزت إسرائيل جهودها على اتهام إيران. تعاطت مع مطلِق المسيّرة، أي حزب الله، على أساس أنّه مجرد أداة بيد مرجعيته الإيرانية، واعتبرت أنّ خطوة بهذا الحجم لا يمكن أن تكون “من عنديات” الحزب، بل هي تحتاج الى موافقة أعلى مرجعية في إيران. وعليه، جرى التعامل مع “محاولة اغتيال” رئيس حكومة إسرائيل، أي أرفع مرجعية دستورية في النظام العبري، كما لو كان عدوانًا استراتيجيًّا على الدولة، لا بد من الرد عليه، بالمستوى نفسه، أي باستهداف أرفع مرجعية دستورية في النظام الإيراني.
إلى ماذا أفضت النقاشات الإسرائيلية؟
في اعتقاد مؤيدي استهداف الخامنئي، فإنّ الضربة النوعية التي يمكن أن تلحقها إسرائيل بجبهة المقاومة تتخطى قادة “حزب الله” و”حماس” و”الجهاد الإسلامي”، ويجب أن تصيب “القائد الأعلى” أي مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران. وهذا الاستهداف، هو في نظر هؤلاء، خطوة لا بد منها لقطع ما يسمونه “رأس الأخطبوط” الذي مدّ أذرعه دفعة واحدة ضد دولة إسرائيل. وفي اعتقادهم بأنّ التخلص من الخامنئي، لن يربك المنظمات التي يرعاها في الشرق الأوسط فحسب، بل من شأنه أن يربك إيران نفسها، أيضًا.
وكان بنيامين نتنياهو، قد خاطب، في الثلاثين من أيلول(سبتمبر) الماضي، الشعب الإيراني، قائلًا:” عندما تتحرر إيران- وسوف تأتي هذه اللحظة أسرع بكثير مما يتصوّره الناس- فإنّ كل شيء سيكون مختلفًا”.
وكل هذا يحصل، في وقت تعزز فيه إسرائيل “بنك الأهداف” الذي سيكون بتصرف وحدات جيشها ومخابراتها، عندما تحين ساعة السفر لهجومها المقرر على إيران، ردًا على الهجوم الصاروخي الثاني الذي شنّه “الحرس الثوري” عليها، في الأول من تشرين الأول (أكتوبر) الجاري.
وحصلت إسرائيل على الموافقات المبدئية من الولايات المتحدة الأميركية التي تفيد مصادر أوروبية بأنّها ساهمت في تأخير الهجوم المضاد الإسرائيلي، منشطة قنوات التواصل السرية مع الإيرانيين، علّها تستطيع أن تأخذ منهم ما من شأنه أن يخفف من حدة الهجوم الإسرائيلي، ويفتح آفاقًا إيجابية تحول دون حرب تطلبها إسرائيل ولا تبدى إيران استعدادا لخوضها. مطالب تمتد من البرنامج النووي الإيراني وتصل الى “الدور الخبيث لإيران في المنطقة”.
“الحرس الثوري الإيراني”، في تصريحات مسؤوليه الأخيرة، بدأ يمزج بين “التهديدات العظمى” و”التوقعات التفاؤلية”. مزيج قد يعني، في مكان ما، أنّ طهران فعّلت قنوات التواصل، وتأمل في الوصول الى حل يُعفيها من أن تتجرّع كأس استهداف المرشد!
مشكلة الجميع في إسرائيل ، بعد إنجازاتها المخابراتية في لبنان، بدءًا بتفجير أجهزة البايجر والتوكي ووكي وصولًا الى اغتيال نصرالله وخليفته هاشم صفي الدين، كما إنجازاتها في إيران نفسها، بدءًا باستهداف أصفهان في نيسان الماضي وصولًا الى اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية في مقر “الحرس الثوري الإيراني”، (مشكلة الجميع معها) أنّها أصبحت مؤهلة لإطلاق أعظم التهديدات، من دون أن يجرؤ أحد على التشكيك بقدراتها على التنفيذ!
نشر في النهار