كان يمكن للجمهورية الإسلامية في إيران أن تمرّر اغتيال قائد “المقاومة الإسلامية في لبنان” فؤاد شكر، في الضاحية الجنوبية بأقل ثمن ممكن. وبالفعل، لقد كانت هذه “وصية” المرشد علي خامنئي ل”حزب الله” خلال استقباله لكل من الشيخ نعيم قاسم والنائب حسن فضل الله، أمس في طهران، إذ قال لهما، في بيان جرى توزيعه بعد ساعات من اغتيال “الحاج محسن” إنّ “سياسة حزب الله منذ بدء طوفان الأقصى حكيمةٌ وعقلانيةٌ ومتطابقةٌ مع المصلحة ويجب أن يستمر المسار في هذا الإطار نفسه أيضا”، الأمر الذي يتطابق مع فتوى “الصبر الإستراتيجي” التي أرسلها الى الحزب بعد اغتيال اسرائيل، في حارة حريك أيضًا، القائد الكبير في “حماس” صالح العاروري، في الثاني من كانون الثاني الماضي.
ولكنّ اغتيال رئيس المكتب السياسي ل”حماس” إسماعيل هنية، في قلب طهران، وفي حمأة استقبال الوفود المدعوة الى المشاركة في تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان، من شأنه أن يُعقد “معادلة الصبر” كثيرًا، فهذا الاغتيال، وإن كان قد استهدف هنية بشخصه، إلّا أنّه، بالمحصلة، استهدف الأمن الاستراتيجي الإيراني بالصميم، وهو أخطر بكثير، من اغتيال قيادة “فيلق القدس” في القنصلية الإيرانية في دمشق، في الأول من نيسان الماضي الذي جرى الرد عليه، في وقت لاحق، بإطلاق كمية كبيرة من المسيّرات والصواريخ الباليستية في اتجاه إسرائيل، تصدت لتسعين بالمائة منها الولايات المتحدة الأميركية بالاشتراك مع حلفائها الغربيين والعرب.
وهذه الخطورة تدركها إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، ومع ذلك لم تتردد تل أبيب في تنفيذ الهجوم- وإن رفضت حتى كتابة هذه الإفتتاحية تبنّيه- ولم تمتنع واشنطن عن “مباركته” ومسارعتها إلى الإعلان عن نيتها المشاركة في الدفاع عن إسرائيل، إذا ما تعرضت لهجوم منسق من إيران و”جبهة المقاومة”، مقدمة على ذلك دليلًا عمليًّا، إذ إنّها بين اغتيال شكر وهنية نفذت ضربة قاتلة على مواقع الحشد الشعبي في العراق، بعد “رسائل صاروخية” تهديدية على قاعدة “عين الأسد” في سوريا.