"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

إسرائيل لإيران: هيّا بنا الى الحرب!

رئيس التحرير: فارس خشّان
الأربعاء، 31 يوليو 2024

كان يمكن للجمهورية الإسلامية في إيران أن تمرّر اغتيال قائد “المقاومة الإسلامية في لبنان” فؤاد شكر، في الضاحية الجنوبية بأقل ثمن ممكن. وبالفعل، لقد كانت هذه “وصية” المرشد علي خامنئي ل”حزب الله” خلال استقباله لكل من الشيخ نعيم قاسم والنائب حسن فضل الله، أمس في طهران، إذ قال لهما، في بيان جرى توزيعه بعد ساعات من اغتيال “الحاج محسن” إنّ “سياسة حزب الله منذ بدء طوفان الأقصى حكيمةٌ وعقلانيةٌ ومتطابقةٌ مع المصلحة ويجب أن يستمر المسار في هذا الإطار نفسه أيضا”، الأمر الذي يتطابق مع فتوى “الصبر الإستراتيجي” التي أرسلها الى الحزب بعد اغتيال اسرائيل، في حارة حريك أيضًا، القائد الكبير في “حماس” صالح العاروري، في الثاني من كانون الثاني الماضي.

ولكنّ اغتيال رئيس المكتب السياسي ل”حماس” إسماعيل هنية، في قلب طهران، وفي حمأة استقبال الوفود المدعوة الى المشاركة في تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان، من شأنه أن يُعقد “معادلة الصبر” كثيرًا، فهذا الاغتيال، وإن كان قد استهدف هنية بشخصه، إلّا أنّه، بالمحصلة، استهدف الأمن الاستراتيجي الإيراني بالصميم، وهو أخطر بكثير، من اغتيال قيادة “فيلق القدس” في القنصلية الإيرانية في دمشق، في الأول من نيسان الماضي الذي جرى الرد عليه، في وقت لاحق، بإطلاق كمية كبيرة من المسيّرات والصواريخ الباليستية في اتجاه إسرائيل، تصدت لتسعين بالمائة منها الولايات المتحدة الأميركية بالاشتراك مع حلفائها الغربيين والعرب.

وهذه الخطورة تدركها إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، ومع ذلك لم تتردد تل أبيب في تنفيذ الهجوم- وإن رفضت حتى كتابة هذه الإفتتاحية تبنّيه- ولم تمتنع واشنطن عن “مباركته” ومسارعتها إلى الإعلان عن نيتها المشاركة في الدفاع عن إسرائيل، إذا ما تعرضت لهجوم منسق من إيران و”جبهة المقاومة”، مقدمة على ذلك دليلًا عمليًّا، إذ إنّها بين اغتيال شكر وهنية نفذت ضربة قاتلة على مواقع الحشد الشعبي في العراق، بعد “رسائل صاروخية” تهديدية على قاعدة “عين الأسد” في سوريا.

وهذا يعني أنّ كلًّا من الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية قد وافقتا على وضع معادلة الحرب الإقليمية على الطاولة، وفق مخططات متفق عليها سابقًا في الاجتماعات العسكرية المتتالية التي انعقدت في واشنطن وتل أبيب بين كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين والأمنيين في البلدين.

وأظهرت عمليتا اغتيال شكر وهنية أنّ إسرائيل باتت تملك قدرات إستخباراتية وتنفيذية هائلة، فهي تعرف تفاصيل دقيقة عمّا يحصل في عقر دار “حزب الله” المحمي ب”جدار حديدي”، وهي قادرة على الوصول الى قلب طهران واستهداف من تختاره من قياداتها ومن كبار ضيوفهم. هي لا تملك قدرة إيذاء فقط. هي تملك أخطر من ذلك: دقة مذهلة في الاستهداف.

وهذا يعني أنّ إيران أمام أخطر استحقاق، فهي من كبيرها الى صغيرها و”جبهة المقاومة” من أضعف مكوّناتها الى أقواها، باتت تحت “رحمة” الجيش الإسرائيلي.

وعليه، ماذا ستفعل إيران؟

إنّ الذهاب الى الحرب، من شأنه أن يطلق العنان لهذه القدرات الإسرائيلية الهائلة المحمية من الولايات المتحدة الأميركية، ويلحق أذى فظيعًا بإيران و”جبهة المقاومة”، ويطفئ الأنوار، وقد أصبحت بالفعل خافتة، عن غزة والضفة الغربية، الأمر الذي من شأنه أن يتسبب بتصفية ما تبقى من أوراق قوة بيد “حماس” وحلفائها.

وفي الواقع، مع احتساب الخسائر، يبدو واضحًا أنّ إسرائيل، بما تقدم عليه، تستدعي إيران، فعلًا الى حرب لن تنتهي إلّا مع إعادة النظر في كل ما من شأنه أن يشكل ما تسميه تل أبيب مخاطر عليها، بدءًا بالملف النووي وصولًا الى سلوكيات “حزب الله” و”الحوثيين”.

هل تلبي إيران استدعاء إسرائيل لها الى “المائدة المسمومة”؟ ام ترسل لها “هدية اعتذار” كتلك التي سبق أن أرسلتها في 13 نيسان الماضي؟ وفي هذه الحالة، ما الخطوة التصعيدية “الأهم” التي يمكن أن تقدم عليها القيادة الإسرائيلية، إذا بقي “طوفان الأقصى” يلحق بها الأضرار؟

المقال السابق
اجتماع طارئ في مكتب خامنئي بعد اغتيال هنية في طهران
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

خطِر أن يكون نصرالله قائدك!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية