إنقلاب "التطرّف" على "الإعتدال"

في ظل ظروف داخلية وإقليميّة مؤاتية، خاضت القوى السياسيّة، بالتفاهم مع القيادة السوريّة، الإنتخابات النيابية في العام 1998 ضد “التطرّف”، فكانت النتيجة أن أُخرج “حزب الله” من التمثيل النيابي لكلّ من بيروت وجبل لبنان، في حين أُخرجت الجماعة الإسلاميّة، بشكل كامل، من المجلس النيابي اللبناني.

وبدا لافتًا من يومها أنّ ثمّة رابطًا أساسيًّا، قد لا يكون ظاهرًا، بين “حزب الله” و”الجماعة الإسلامية”، ولكنّ التطورات المتلاحقة، وعلى الرغم من أنّها سمحت ل”حزب الله” أن يعود أقوى من السابق، مع رحيل حافظ الأسد وحلول بشار الأسد في “العرش”، أبقت الطرفين المنقلب عليهما في العام 1998 على مسافة من بعضهما البعض، حتى انفجرت العلاقة سلبًا بينهما، على خلفية “الثورة السوريّة”، إذ إنّ “الجماعة الإسلاميّة” كجزء من حركة “الأخوان المسلمين” وقفت، بقوة ضد النظام السوري، في حين وقف “حزب الله” وخلفه الجمهوريّة الإسلامية في إيران، مع هذا النظام.

ولكنّ هذه الديناميّة السلبية سرعان ما انقلبت، إذ إنّ إيران، وفي إطار إنشاء “وحدة الجبهات” تصالحت مع الحركات الإسلامية السنية وأجرت مصالحة بين “حركة حماس” والنظام السوري، ولكنّ احدّأ لم يلتفت الى لبنان، حيث كان لا بد بعد انكفاء الحريريّة السياسيّة مع تعليق “تيار المستقبل” لعمله السياسي، من إيجاد بدائل تملأ الفراغ الكبير.

وما كان بعيدًا عن الأنظار، سرعان ما بدأ يصبح كبيرًا ويطرح أسئلة جوهريّة، بعدما اتضح عميق التحالف بين “حزب الله” و”الجماعة الإسلامية” التي سُمح لها، فجأة، بالعمل، تحت أنظار “حزب الله” في الجنوب اللبناني، في سياق ما سمي بمساندة غزة ضد الحرب الإسرائيليّة.

ما هي تداعيات ذلك المستقبلية، وهل ستتجلى في أول انتخابات نيابية مقبلة؟ أم أنّ هناك من يعمل لمنع ذلك؟ وإذا كان هناك من يعمل في هذا الإطار، فهل يملك المشروعيّة من جهة والأدوات، من جهة أخرى؟