لا ينفك “حزب الله” بعد كل حادثة في الداخل اللبناني، حيث يوجّه سلاحه الى صدور اللبنانيين علناً، باستخدام شماعة التخوين بوجه كل صوت يرتفع معترضاً على ممارساته النابعة من سعية الى ترسيخ منطقه بالقوة، فينقضّ على المعترضين برمي تهم العمالة عليهم لمجرد أنهم يطالبون بسلاح الشرعية.
جاءت حادثة الكحالة أشبه بفرصة اغتنمها الحزب ليعيد تكرار نغمته المعتادة وتفصيل معايير الوطنية على قياس مصالحه، وآخرها ما جاء على لسان رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” اللبنانية محمد رعد الذي أكد أن تداعيات حادثة الكحالة “تعود للتحريض والحقد الذي ينفثه الآخرون، وأين كانت الكحالة عندما كان الإسرائيلي في قصر بعبدا”، مشيرا إلى أن “المسألة ليست مسألة شاحنة انقلبت على كوع الكحالة، واستدعت ردة الفعل الهوجاء من قبل بعض المحرضين الذين استجابوا لتعليمات من الغرف السوداء التي كانت تحركهم، وإنما المسألة كانت مسألة موقف من المقاومة، لأنهم لا يريدون مقاومة في هذا البلد ولا حتى شيئاً بسيطاً من أثرها، وهذه الشاحنة أثر من آثار المقاومة، ولكن هذه الشاحنة وأمثالها تنقل ما يخدم حراسة المقاومة لأمن المعترضين ولأمن اللبنانيين ولسيادتهم في وطنهم”.
لم يكتف رعد بتقييمه لوطنية المناوئين لسلاح حزبه الذي يستخدم في قتل وخطف أبرياء لمجرد أنهم يعارضون تفلته، بل ذهب بعيداً في معاييره المرتبطة بالولاء للمقاومة حصراً حين قال: “لولا المقاومة، لكان الإسرائيلي لا يزال في قصر بعبدا، فأين كانت الكحالة عندما كان الإسرائيلي في قصر بعبدا، وأين العز والكرامة للبنانيين عندما كانت جزمة الإسرائيلي تحكم على الحواجز بين الطرقات في العاصمة وامتداداً إلى الجنوب، فالذي لا يعرف قيمة المقاومة، يجب أن يعيد النظر بوطنيته”.
في الخلاصة، باتت الوطنية حكراً على معيار رعد الذي حدد شروط الولاء للوطن وربطها بحزب يأتمر من خارج حدوده ويستخدمه كساحة لتنفيذ أجندة الآخرين ولو كان الثمن دماء لبنانيين يناضلون لبقاء اسم لبنان وكيانه، ويسعون لتحريره من قيود الحزب وسلاحه الذي يُرفع بوجههم كل يوم.