قد تكون قيادتا “حزب الله” وإسرائيل راغبتين فعلًا في التوصل الى حل دبلوماسي ينهي المعركة المفتوحة، منذ الثامن من تشرين الأول، على الجبهة اللبنانية- الإسرائيلية، لكن لا “حزب الله” مستعد للتنازل ولا إسرائيل قادرة. الطرفان عاجزان.
“حزب الله” محكوم بفتح الجبهة حتى تستريح غزة التي لن تريحها إسرائيل، في المدى المنظور، وسط استعدادات للإنتقال الى المرحلة الثالثة من الحرب التي تقوم على استهدافات مركزة. وإسرائيل محكومة بتغيير الواقع الذي كان سائدًا في الجنوب اللبناني في السادس من تشرين الأول الماضي، لأنّ السكان لن يعودوا الى القرى والبلدات التي تمّ إخلاؤهم منها، إلّا إذا أُنجز ما يطمئنون له.
وسط هاتين الحتمي تين يتحرك آموس هوكشتاين بطلب من الرئيس الأميركي جو بايدن، وفق ما اتفق عليه مع حلفائه الفرنسيين والبريطانيين والألمان، في النورماندي، في السادس من حزيران الجاري، من أجل تخفيض التصعيد على الجبهة اللبنانية- الإسرائيلية.
هو لم يأت الى إسرائيل وبعدها الى لبنان، من أجل التوصل الى حل دبلوماسي يعرف أنه بالمعطيات الراهنة مستحيل. هو أتى من أجل تحقيق هدف واحد لا غير: احتواء التصعيد الأخير الذي أوصل المواجهات بين حزب الله وإسرائيل الى حدود الحرب.
بالنسبة ل”حزب الله” يمكن تخفيض التصعيد، إذا أوقفت إسرائيل عمليات اغتيال كوادره وقياداته الميدانية. بالنسبة لإسرائيل هذا لن يحصل. وإذا ما اصر “حزب الله” على فرض هذه المعادلة، فجيشها أعد خطة الحرب.
في وزارة الدفاع الإسرائيلية إطلع هوكشتاين على الخطوط العريضة لخطة الحرب على لبنان. خطة لن تُغضب البيت الأبيض، لأنّها، وفق مرحلتها الأولى، لن تستهدف البنية التحتية للدولة اللبنانية، بل سوف تركز على موارد “حزب الله”، إنطلاقًا من قناعة راسخة في إسرائيل بأن الدولة اللبنانية عاجزة أمام “حزب الله” وبالتالي هي لن ترفع صوتًا حتى لو جرى تدمير كل لبنان.
وهذه خطة قد تلائم البيت الأبيض، لأنّ الحرب المركزة، في حال ضرورة شنّها، تتلاءم والتوجهات، لأنّها تخفض مستوى قتل المدنيين من جهة ولا تقضي على ما تبقى من دولة لبنان، من جهة أخرى.
جديد هوكشتاين هذا، اصبح بمتناول المسؤولين اللبنانيين، بصفتهم صندوق بريد لدى “حزب الله”.
وبما أنّ الحزب محكوم بغزة، من جهة ومؤتمن على “العمق الإستراتيجي” للدولة الإسلامية في إيران، من جهة أخرى لن يوافق على شيء، الأمر الذي يجعل الحل الدبلوماسي مستحيلًا والحرب “المضبوطة” ممكنة!