"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

هواء بيروت أصبح تبغًا و"اللي ما بيتسمّاش" يفتك!

نيوزاليست
الثلاثاء، 26 مارس 2024

هواء بيروت أصبح تبغًا و"اللي ما بيتسمّاش" يفتك!

راجانا حميّة

لم يعد الهواء في مدينة بيروت صالحاً للتنفّس، وهو يتحوّل إلى «تبغ جديد» يفتك بسكانها، وفقاً لتعبير منظمة الصحة العالمية. وإذا كان التلوّث بات من «البديهيات» في العاصمة التي تغلّفها سحب سوداء بشكل دائم، إلا أن أخطر ما في الأمر أنه يتزايد عاماً بعد آخر، من دون أن تكون هناك حلول تقلّل من مخاطره.

آخر الدراسات حول نوعية الهواء «البيروتي» أجرتها الجامعة الأميركية (لم تنشر نتائجها بعد) بإشراف المديرة التنفيذية للأكاديمية البيئية في الجامعة نجاة صليبا، بيّنت أن التلوّث الذي تتسبّب به المولّدات الكهربائية الخاصة، وهو الأخطر بحسب صليبا لاحتوائه على نسبة عالية جداً من المواد المسرطنة، زاد ضعفين بين عامَي 2017 و2023.

استند البحث إلى دراسة مقارنة بين عامَي 2010 و2023 ركّزت على ثلاث مناطق في العاصمة هي محيط الجامعة الأميركية ووسط بيروت ومحيط مدرسة تعليم التمريض في المقاصد (الطريق الجديدة). اختيرت الأخيرة كونها منطقة مكتظة سكانياً فيما اختير وسط بيروت ومحيط «الأميركية» لوجود عدد كبير من المولدات الكهربائية، إذ لكل مبنى مولده الخاص. وأظهرت النتائج في الأماكن الثلاثة أن تلوّث الهواء الناتج من المولدات الكهربائية الخاصّة تضاعف من 23% عام 2017 إلى ما بين 46% و50% عام 2023، وكان وسط بيروت الأكثر تلوثاً ضمن العيّنة (50%).

انهيار بالتغذية الكهربائية بسبب الأزمة المالية وما رافقه من تقنين قاسٍ أدّى إلى زيادة الاعتماد على المولدات الخاصة، وإلى استيراد فيول غير مطابق للمواصفات المطلوبة. ففي «بيروت الإدارية» تراجعت التغذية الكهربائية في السنوات الخمس الماضية من 3 ساعات تقنين يومياً إلى 21 ساعة. وبعدما كان وجود المولدات الخاصة في هذه الرقعة الجغرافية أمراً هجيناً، بات اليوم لكل مبنى مولد خاص به، فيما لا يزال الاعتماد على الطاقة النظيفة، وتحديداً الطاقة الشمسية، ضعيفاً جداً، «وأقصى ما يمكن أن نراه بعض الألواح الشمسية على الأسطح والشرفات، فيما تشير إحصاءات مؤسسة كهرباء لبنان إلى أن نسبة استهلاك الطاقة النظيفة لا تزال أقل من 1%».

مصادر التلوّث في لبنان

ثمّة مصادر ثلاثة أساسية لتلوّث الهواء: قطاع الطاقة (معامل الكهرباء والمولدات الكهربائية الخاصة) ووسائل النقل، وحرق النفايات والمكبات العشوائية. في لبنان، تتوافر كل العوامل المسهّلة لهذا التلوّث: في قطاع الطاقة، تسهم انبعاثات المعامل والمولدات الكهربائية في تسميم الهواء، ويعتمد قطاع النقل كلياً على مادتي البنزين والمازوت المتّفق أنهما مادتان ملوّثتان للهواء، فيما الحرق العشوائي للنفايات هو المشهد الكارثي الأكثر شيوعاً. والعوامل الثلاثة هذه أصبحت أسوأ بعد الأزمة المالية، لناحية الفيول الذي يستخدم في المعامل والمولدات الخاصة والنقل، ولناحية عجز البلديات عن متابعة ملفّ النفايات، ما أدى إلى انتشار المكبات العشوائية كالفطر في النطاقات البلدية، ويصل عددها اليوم إلى أكثر من 1500 مكب. ماذا أنتج كل هذا؟ هواء «برائحة وطعم»، أصبح مع السكان «مشاريع سرطان»، تقول صليبا. إذ كلما زاد التلوّث زادت نسبة خطورة الإصابة بالسرطان جراء تنشّق المواد الملوّثة.

أجهزة قياس التلوّث..معطلة

صحيح أن نتائج الدراسة لا تعكس نسبة التلوّث في المدينة كلّها لاقتصار العينة على ثلاث نقاط فقط، إلا أنها تعطي صورة عن الهواء الذي نتنشّقه، وخصوصاً أن الهواء لا يبقى مكانه، بل «يسافر» ويصل إلى ارتفاعٍ يقرب من الـ800 متر عن سطح البحر. وأخطر ما في المواد الملوثة الخارجة من المولدات أنها تحتوي على «جزيئيات سوداء تحتوي مواد مسرطنة تدخل في الرئتين من دون أن تتفكك». أما ماذا تفعل؟ الجواب ببساطة: تقتل. وهذا ما تؤكده دراسات دولية آخرها ما أصدرته منظمة «غرينبيس» عام 2020 بعنوان «الهواء السام: الثمن الحقيقي للوقود الأحفوري»، وخلصت إلى أن متوسط العدد التقديري للوفيات المبكرة في لبنان نتيجة تلوّث الهواء «بلغ 2700 حالة عام 2018، أي بمعدّل 4 وفيات لكل 10 آلاف شخص، وهي من أعلى المعدلات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى جانب مصر». والمؤكد أن هذه النتائج تغيّرت إلى الأسوأ منذ عام 2020 مع تراجع نوعية الهواء.

الأسوأ من كل ما سبق «أننا لا نعرف اليوم مستوى التلوث»، وفقاً لمستشار وزير البيئة الدكتور حسن دهيني. بسبب تعطّل محطات أجهزة قياس تلوّث الهواء الـ 23 التابعة للوزارة والموزعة في المناطق كافة، لعدم القدرة على صيانتها. وتراجع عدد الموظفين في الدائرة المعنية في الوزارة.

( الأخبار)

المقال السابق
الوضع في غزة غداة قرار مجلس الأمن
نيوزاليست

نيوزاليست

مقالات ذات صلة

"مفترس في هارودز" وثائقي يتهم محمد الفايد باغتصاب موظفات وابتزازهن

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية