"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

حتى لا "يتسَنْوَر" نصرالله!

رئيس التحرير: فارس خشّان
الأحد، 28 يوليو 2024

نحن في الأيّام الأخيرة من شهر تموز. أجهزة مخابراتية عدة تحدثت، في وقت سابق، عن أنّ نهايته قد تحمل كارثة الحرب الواسعة الى سكان لبنان وإسرائيل. جريمة الحرب التي وقعت في مجدل شمس في الجولان وما رافقها من حثّ إسرائيلي لبنيامين نتنياهو على إعطاء الأوامر اللازمة للرد بقوة هائلة على “حزب الله”، من شأنها أن تحوّل ما كان تحذيرات وقائية الى وقائع مأساويّة. حزب الله، إنطلاقًا من تفسيره لموازين القوى والمعطيات الموضوعية ومصالح المحور الذي ينتمي إليه، طالما تعاطى مع هذه التحذيرات على أنّها تهويل. لم يأخذ في الإعتبار أبدًا أنّ إطالة أمد هذا النوع من المواجهات، بما تحمل من هجومات وردود وانتقامات ومؤامرات، من شأنها أن تحرق الخطوط الحمر وتعطي معطيات غير محسوبة حظوظ التفوّق على كل ما هو مدروس.

نحن الآن على حافة الحرب. المؤسستان السياسة والعسكرية في إسرائيل محرجتان، فصرخات سكان الشمال الإسرائيلي معبّأة لمصلحة حرب شاملة. ما كان خافتًا في الأشهر القليلة الماضية، أصبح صاخبًا، حاليًا. الوسطاء الدوليّون مربكون، ما كانوا من أجله يتحركون، منذ الثامن من تشرين الأول الماضي، وضع “حزب الله” حدًا له، منذ أشهر عدة، لأنّه وضع مصير لبنان بيد يحيى السنوار الذي يتم تخييره بين الموت والهزيمة.

وتبدأ الكوارث الكبرى، عندما توضع القرارات المصيرية، بيد قيادات لا شيء لديها لتخسره. وهذه هي حال يحيى السنوار الذي خسر كل رهاناته على “طوفان الأقصى”. كان يترقب طوفانًا بشريًّا من كل دول “جبهة المقاومة” على إسرائيل. كان يعتقد بأنّ جبهة لبنان ومعها جبهة الجولان المفتوحتين على المتطوعين من اليمن والعراق وإيران وسائر الدول الإسلامية، سوف تشتعلان، بقوة نارية هائلة. كان يظن بأنّ إسرائيل لن تستطيع أن تخوض حربًا طويلة المدى، وسوف يتم تفجيرها من الداخل: من الضفة الغربية مرورًا بعرب 48 وصولًا الى خصوم بنيامين نتنياهو في الداخل. كان يحسب أن صمود مقاتليه، لأسابيع قليلة، سوف يعينه على الصعود الى منصة الإنتصار.

لم يحصل كل ذلك. كل ما تصوّره السنوار عظيمًا وحاسمًا، جاء باهتًا وضعيفًا.

حاليًا، إذا تخيّل الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله ما سبق أن تخيّله يحيى السنوار، قبل إعطاء الأوامر بالهجوم على غلاف غزة، فإنّ لبنان، ولو بكلفة عالية ستتكبدها إسرائيل، قد يواجه، بطريقة أو بأخرى، مصير غزة.

نداء الحرب في شمال إسرائيل، بعد مجزرة مجدل شمس، لا يقل خطورة عن نداء الحرب في الجنوب، بعد هجوم السابع من أكتوبر.

وبناء عليه، وعلى قاعدة الإضطرار هنا والعقل هناك ودرء المخاطر هنالك، لا بد من أن يكف “حزب الله” ومن يسمح لهم بالحديث باسمه، عن “اللوفكة”، واستدعاء عاموس هوكشتاين، بشكل عاجل الى المنطقة، من أجل تفعيل الوساطة الأميركية المدعومة من الفرنسيين وسائر الدول المشاركة في اليونيفيل. جو بادين “العاطل عن الترشيح” سوف يسعده أن يملأ وقته في صناعة “الهدنة”!

لا بد من مسار تفاوضي لبناني- إسرائيلي يواكب المسار التفاوضي الفلسطيني- الإسرائيلي، حتى يتجنّب لبنان ما لا طاقة له على احتماله. الموضوع ليس ما يملك حزب الله من قدرة على أذية إسرائيل. الموضوع هو ما يستطيع لبنان تحمّله من أذية إسرائيل له.

أخطر ما وصلت إليه حال الجبهة اللبنانية، يكمن في انّها تكاد، مع مرور الأسابيع، تصبح جبهة وجودية لإسرائيل، أخطر من تلك الجبهتين في كل من غزة والضفة الغربية.

لا بد من إعادة هذه الجبهة الى الهدوء، خصوصًا مع تراكم المعطيات التي تنقلها من وصفها جبهة ثانوية الى جبهة رئيسية.

المعاندة لا تجدي نفعًا. والرهانات الإستراتيجية لم تعد قادرة على تغطية الخسائر المحتملة.

إسرائيل تنجز ملفًا لنيل شرعية الهجوم المدمّر على لبنان. مجدل شمس، أعطتها الكثير، في هذا المسار. شيء واحد يمكنه أن يحبط مساعيها هذه: استدعاء الوسطاء فورًا!

المقال السابق
دروز الجولان يعبرون عن غضبهم من حكومة نتنياهو و"لاءات" بايدن
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

خطِر أن يكون نصرالله قائدك!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية