سجل العام 2023 تناقضًا كبيرًا بين أدبيات الحكومة الدبلوماسيّة وأدبيات “حزب الله” الحربيّة، على الرغم من أنّ الحكومة في ما تقوله وتفعله هدفها الدفاع عن “حزب الله” وإظهاره “مقاومًا”.
لسان حال الحكومة، وفق مواقف مكررة لرئيسها نجيب ميقاتي ولوزير خارجيّتها عبد الله بو حبيب، يفيد بأنّ لبنان يريد تطبيق القرار 1701 وعلى العالم أن يضغط على إسرائيل حتى توقف عدوانها على لبنان.
لسان “حزب الله” يتناقض كليًّا مع ذلك، إذ يؤكد الناطقون باسمه أنّ الحزب قرر فتح جبهة ضد إسرائيل من أجل مساندة غزة، واليوم قال نائب الأمين العام ل”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم، بوضوح: ” نحن اتخذنا قرارانا بأن نكون في حالة حرب ومواجهة على جبهة الجنوب في مواجهة إسرائيل”.
وتابع : “لا تستطيع إسرائيل إعادة المستوطنين إلى الشمال في قلب المعركة ولا تستطيع أن تحصل على أيِّ مكسب لا في هذه المعركة ولا في نهايتها، عليها أولاً أن توقف حرب غزَّة لتتوقف الحرب في لبنان”.
ويقول مصدر دبلوماسي فرنسي ينتمي الى فريق عمل وزير الخارجية كاترين كولونا التي تسعى، بالتنسيق مع الإدارة الأميركية، إلى وقف القتال في لبنان واستطرادَا الى منع توسع رقعة الحرب على الجبهة اللبنانية- الإسرائيليّة إنّ الجميع يعرفون أنّ الحكومة اللبنانيّة عمومًا ورئيسها نجيب ميقاتي خصوصًا مغلوب على أمره.
ويضيف هذا الدبلوماسي الذي يصر على عدم الكشف عن اسمه:” إنّ تفهمنا لتبرير المسؤولين الحكوميّين له أمد، لأنّه في بداية العام المقبل، ومع انتهاء الإجازات الدبلوماسيّة، فإنّ العمل سوف ينصب على موضوع الجبهة اللبنانيّة- الإسرائيليّة، وسيكون على الحكومة أن تتخلّى عن خطابها المحابي لحزب الله، تمامًا كما على حزب الله أن يحسم موقفه من مستقبل الجبهة اللبنانية- الإسرائيليّة، لأنّ إبقاء الحال على ما هي عليه مستحيل والعودة الى ما كانت عليه الأوضاع قبل السابع من تشرين الأول مستحيل أيضًا. وهذه مسؤوليّة حزب الله لأنّه وضع نفسه في الخانة نفسها لحركة حماس في قطاع غزة، بحيث تحوّل وجوده من ضامن للإستقرار في الجنوب الى مسبب للحرب على كل لبنان”.
إذن، إذا كان إصرار المجتمع الدولي على حصر الحرب على الجبهة اللبنانية – الإسرائيلية قد أعطى فترة سماح لهذا التناقض في الادبيات بين “حزب الله” والحكومة اللبنانيّة، فإنّ المطلوب في المرحلة القريبة المقبلة إمّا أن يلتزم “حزب الله” بخطاب الحكومة أو يتحمّل والح كومات تبعة إصراره على الحرب وعلى تهديد سكان شمال إسرائيل!