"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

حرب استنزاف..الرجال!

رئيس التحرير: فارس خشّان
الأحد، 19 مايو 2024

تجاوز عدد شهداء “حزب الله” المعلنين، منذ الثامن من تشرين الأوّل الماضي، تاريخ إعلان “حزب الله” دخوله في حرب “طوفان الأقصى”، سقف الثلاثمائة مقاتل، وتُظهر سلوكيات الجيش الإسرائيلي وأدبياتها، توافر الخطط والنيات لرفع الخسائر البشريّة لدى “المقاومة الإسلاميّة في لبنان” الى أقصى حد ممكن.

وفي آخر جولة قام بها رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هليفي على الجبهة الشماليّة، يوم الأربعاء الماضي، طلب من قيادة المنطقة إلحاق أكبر إذى ب”الطرف الآخر” بعد تحديد “الأهداف الصحيحة”.

وفي كلامه الى الوحدات المقاتلة في الشمال دعا وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، خلال جولة له أمس شملت صفد وكريات شمونة، الى التركيز على “عدد الإرهابيين الذين تم القضاء عليهم ”، كتمهيد لا بد منه، لأيّ قرار محتمل بتوسيع الحرب، مشبّهًا الوضع على الحدود مع لبنان بالوضع على حدود غزة، قبل ثلاثة أسابيع من بدء العمليّة البرية، بسبب هجوم السابع من أكتوبر الماضي.

وكلام غالانت لهذه الجهة يتطابق مع الغموض الذس سبق أن طالب به رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتياهو، حين طلب من الوزراء وجوب عدم كشف خطط إسرائيل ل”حزب الله”!

وفي تحقيق صحافي أجازته الرقابة العسكريّة في إسرائيل، كشف ضباط المراقبة الذين يعملون في القيادة الشماليّة أنّ مهمّتهم تقضي بتحديد المقاتلين الذين يستهدفون منطقتهم وملاحقتهم وتصفيتهم، الأمر الذي اضطر مقاتلي “قوة الرضوان” في “حزب الله”، وفق زعمهم، الى العمل 20 دقيقة في اليوم الواحد فقط والإختباء في أماكن يعتقدونها آمنة لمدة 23 ساعة وأربعين دقيقة.

وهذا يعني أنّ هدف الجيش الإسرائيلي، حتى إشعار آخر، أي حتى انتهاء “حرب المساندة” – كما يأمل “حزب الله”- أو الإنخراط في حرب واسعة، كما تضغط الجماعات التي تمثل سكان شمال إسرائيل، إضعاف “حزب الله” بشريًّا ولوجستيًّا، بحيث تنقلب “حرب المساندة” التي يخوضها “حزب الله” ضد إسرائيل إلى “حرب استنزاف” لمصلحة الجيش الإسرائيلي، من خلال التخلّص من أكثر مقاتلي الحزب خبرة، ولا سيّما هؤلاء الذين اكتسبوها في سوريا، كما هي عليه حال نائب قائد وحدة الرضوان وسام طويل الذي سبق أن اغتالته مسيّرة إسرائيليّة، أو في تدريبات تكنولوجية متقدمة جدًا تلقوها في إيران، كما هي عليه حال الدكتور في الروبوتيك محمد حسن علي فارس الذي اغتالته مسيّرة إسرائيلية في قانا، يوم الخميس الأخير.

ويعتقد الجيش الإسرائيلي، وفق تأويل المعلومات التي ينطق بها ضباطه بين الحين والآخر، أنّ “حرب المساندة” التي يخوضها “حزب الله” ضدّه، تتحوّل، كلّما طال زمنها، إلى أهم مصدر مخابراتي له، إذ إنّها تُثبت، من جهة أولى صدقية المصادر التي يعتمد عليها في تقييم “حزب الله” وقوته العددية والصاروخية والتدميرية- وهو لم يستخف بها يومًا – وتُظهر له، من جهة ثانية التحديّات التي عليه مواجهتها إن صدر أمر سياسي بشنّ حرب واسعة ضد الحزب في لبنان، وتسمح له، من جهة ثالثة بتمهيد الميدان، من خلال تفتيت إمكانات “العدو” وإضعاف تحصيناته، إن وجد ضرورة لعبور الحدود، وتقوّي موقف الحكومة، من جهة رابعة، في المفاوضات الدبلوماسيّة الهادفة الى إيجاد حل مناسب لموضوع الجبهة اللبنانية، وهو خيار لم تتخلّ إسرائيل عنه بعد، على الرغم من ضغط شعبي كبير يرنو الى حل بقوة القهر العسكري.

وأمام هذه الحالة، يسعى “حزب الله”، منذ مدة الى تخفض خسائره البشرية، ولهذا، وعلى الرغم من إمكان أن يؤدي ذلك الى تدحرج سريع نحو حرب شاملة، أخرج من مخازنه الترسانة التي لا تحتاج إلى مواجهة مباشرة، مستعملًا ما لديه من أسلحة جو- بر، كالمسيّرات والصواريخ الموجهة.

ولكنّ إسرائيل لا تحيد عن هدفها، ولذلك توسّع دائرة استهدافاتها، بحيث تغتال من تضعهم في القوائم السوداء أينما كانوا، من دون أي اهتمام ب”قواعد الإشتباك”، في إشارة واضحة الى أنّ الجبهة بالنسبة لها ليست محصورة بنطاق جغرافي.

إنّ ارتفاع عدد شهداء “حزب الله” الذي يضطره الى إخراج الأسلحة المتطوّرة من ترسانته، وفي ظل توقف الحديث عن وقف النار في غزة، من شأنه، وعلى الرغم من غياب الإرادة لدى الحزب وإسرائيل، أن يجر الى حرب واسعة.

ولا يوجد طرف لبناني قادر على احتواء التصعيد الذي يعتمده “حزب الله”، ليس لأنّه لا يوجد من يعرف المخاطر على لبنان المنهار أصلًا، بل لأنّ الجميع عاجزون، إمّا بتكوينهم وإمّا بسبب سياسة نفعية استغلها الحزب ليفرض هيمنته على البلاد والعباد، في آن!

المقال السابق
وزير المالية الإسرائيلي يطالب من الجليل بتوجيه إنذار أخير ل"حزب الله": لا مفر من الذهاب الى الحرب
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

خاصرة لبنان الرخوة...جدًا!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية