"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

"حرب المشاغلة" وفشل التبريرات

الرصد
الاثنين، 26 فبراير 2024

"حرب المشاغلة" وفشل التبريرات

غسّان حجار- النهار

كلما أطلَّ نائب أو مسؤول في “الثنائي الشيعي” أو في فريق الممانعة، يعتبر انه يُحرج محدّثه، بتعداد الخروق الاسرائيلية منذ العام 2006، وبالسؤال عما اذا كان الآخر موافقاً أو راضياً عن تلك التجاوزات، مقدمة لاتهامه ومَن يمثل بمناصرة اسرائيل، وذلك لتبرير الحرب الدائرة على الحدود الجنوبية والتي أعلنها “حزب الله” في 8 تشرين الاول، وانضمت اليها حركة “أمل” لاحقاً، ثم فعَّلت مشاركتها لتأكيد “وحدة الطائفة” في مواجهة التحدي الكبير سواء الأمني والميداني، أو السياسي الداخلي والخارجي. لكن محاولة “إفحام” المحدّث المقابل تبوء بالفشل بعد إلقاء نظرة أكثر واقعية في التسميات والمعاني والمنطلقات والأهداف.

اولاً في التسمية: حرب المشاغلة تعني إلهاء العدو، لا التصدي الحقيقي له، للتخفيف عن أهالي غزة، حتى لا نقول مناصرةً لحركة “حماس”. وحرب المشاغلة لا تعني تحرير ما تبقّى من أرض لبنانية محتلة، وإلا لتبدّلت التسمية الى “حرب التحرير” وما شابه، ولا هي لاستعادة القدس تحت شعار “يا قدس اننا قادمون”. وحبذا لو تتحرك كل جبهات الممانعة دفعة واحدة لتحرير القدس وإنهاء تلك الحالة الشاذة القائمة، وإقفال هذا الملف الى غير رجعة. وبهذا الاطار، تكون التسمية غير معبّرة عما يراد من التفسير - التبرير.

ثانياً في التوقيت: لم تنطلق حرب المشاغلة إلا في اليوم التالي على حرب غزة، ما يعني أنها تعمل بتوقيت خارجي، وقد أُعلِن مراراً أنها ترتبط بوقف اطلاق النار هناك. وهذا ليس دليلاً الى رغبة مطلقيها بتحرير الارض اللبنانية أو بتحديد الحدود بشكل نهائي، اذ إن وقفها مع هدنة غزة لن يحقق أيّ خطوة متقدمة لبنانياً، باستثناء الابقاء على قوة الردع في مقابل خسائر بالغة في الارواح والممتلكات.

ثالثاً، في الاهداف: إن ربط الحرب الدائرة جنوباً بغزة والوضع الفلسطيني عموماً، وربطها بكلام القيادة الايرانية عن “الصبر الاستراتيجي”، خصوصا بعد إعلان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، أن”الحرب ليست الحل، لا في غزة، ولا في أي مكان آخر في العالم”، يجعل تلك الحرب من دون هدف واضح، إلا تحوّلها إحدى أدوات “وحدة الساحات”، وهذا في ذاته يخلع عنها لبنانيتها، بل يحوّل البلد كله إحدى أدوات الصراع، ومصادرة القرار.

رابعاً، في المسار: إن التذرع بالتصدي للاعتداءات المتكررة منذ العام 2006، لا يترجِم القبول بالواقع منذ ذلك الحين، والتفاوض على الحدود البحرية، والترسيم البحري، ضمن إطار أساسي حدده الرئيس نبيه بري باسم “الثنائي الشيعي”، تاركاً للآخرين فعل إخراج الاتفاق الى الضوء. فالارتضاء بالتجاوزات على مدى 18 عاماً من دون ردّ (لا نؤيده طبعاً لأنه كان سيجرّ البلد الى حروب اضافية) لا يترجم أيّ نية بالتصدي وإعلان الحرب لوقف أي عدوان.

خامساً، وأخيراً، ورغم ان الوقت غير مناسب للجدالات البيزنطية، فإن توالي الردود على رافضي إقحام لبنان في حرب، لم يقررها، ولم تُفرض عليه كما يعلن البعض الممانع، اذ كان البادىء بها، وجرّ بيئته ومجتمعه وكل البلد اليها، ومحاولة حشر هؤلاء في زوايا الاتهام بالتماهي مع العدو، تستوجب وضع النقاط على الحروف، اذ لم يعد جائزاً ان يبقى قرار الحرب والسلم مصادَراً من حزب، (وفريق) رفض إقرار أيّ استراتيجية دفاعية، ويوزع التهم، في حين انه مَن يبادر الى إقحام البلد في حروب الآخرين، من دون ان يقنع المكونات الاخرى بجدواها، وقد بات أخيراً يجد صعوبة في اقناع مجتمعه رغم حجم المكابرة بعدم الاعتراف العلني بحالة التململ السائدة.

المقال السابق
الجبهة اللبنانية- الإسرائيلية: الدبلوماسيّة في مأزق وطريق الحرب...سالك

الرصد

مقالات ذات صلة

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية