"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

"حماوة" سياسية على عائدات لا تتجاوز النصف مليون دولار.. المصالح تُطيح بإنتخابات البلديات وتُمدّد "سنة لقدّام"

أنتم والحدث
الثلاثاء، 18 أبريل 2023

بعملية اعتيادية وبـ”اتقان” سلس، أقرّ مجلس النواب التمديد للمجالس البلدية والاختيارية لمدة سنة كحدّ اقصى، فهذه المرة ليست الأولى التي يقع فيها لبنان بمطبّ التأجيل على وقع “سجالات” شكلية لزوم “الفيلم” المحبوك وفق سيانريو قفز بالمدة المطروحة من 4 أشهر الى سنة من دون تبرير القرار المريب، بامضاء من النظام السياسي العاجز عن تأمين متطلبات الديمقراطية والاستمرارية، إلا أنه أثبت اليوم خلال جلسة اليوم التي اتخذ فيها الموقف بالشراكة، قدرته بتسيير الدفة كما يريد “مجتمعاً” عندما تقنضي المصالح المشتركة ذلك، بدليل تأمين النصاب وتمرير التمديد.

لن يُقدّم أو يُؤخّر اجراء الانتخابات البلدية ولا تأجيلها، والنتيجة واحدة في ظل الركود الاقتصادي الذي تترجم بعجز البلديات عن تقديم الخدمات ودفع المستحقات من صناديقها الخاوية، مصحوباً بأجواء شعبية غير مؤاتية لاجرائها فالهمّ بات “لقمة العيش” والحصول عليها أولوية في زمن الآلام، ومصلحة للسياسيين في التمديد لأزلامهم خشية مة خسارة قد تلفحهم رياحها جراء أرضيتهم الشعبية مهزوزة .

الواقع بالأرقام.. وموزانات “شكلية” غير مجدية

تؤمّن البلديات مواردها من استيفاء الرسوم البلدية مباشرة من سكانها، ومن رسوم الدولة والمساعدات والقروض وغيرها، ولكنها أضحت بعد الانهيار تعاني من عجز وشح غيّب المشاريع وأعاق دورها الإنمائي، والتهليل لصرف المستحقات البلدية لم يعد موجوداً كما في السنوات الماضية، فوزارة المالية أنها حوّلت لصالح (1039) بلدية مبلغاً وقدره /215.132.302.000/ل.ل. (مائتان وخمسة عشر ملياراً ومائة اثنان وثلاثون مليوناً وثلاثماية والفي ليرة لبنانية)، من صندوق الخزينة المركزي، يمثل الدفعة الثانية والأخيرة 50% من عائدات البلديات (عن العام 2020)، والمبلغ بدفعتيه بات على سعر الصرف الحالي لا يساوي النصف مليون دولار.

فقدت الأموال المرصودة للبلديات قيمتها مع انهيار الليرة مقابل الدولار، وأضحت غير مجدية لأي عمل انمائي، خصوصاً أن مستحقات وأموال الصناديق البلدية يتم تقسيطها على دفعات، ما يجعل وجودها وعدمه واحداً

فقدت الأموال المرصودة للبلديات قيمتها مع انهيار الليرة مقابل الدولار، وأضحت غير مجدية لأي عمل انمائي، خصوصاً أن مستحقات وأموال الصناديق البلدية يتم تقسيطها على دفعات، ما يجعل وجودها وعدمه واحداً، فمثلاً موازنة احدى البلديات الكبرى كانت قبل الأزمة بحدود ملياري ليرة لبنانية، أي قرابة مليوناً و300 ألف دولار، أما حالياً باتت لاتساوي سوى بضعة آلاف على سعر الصرف، فيما موزانة احدى البلديات الصغرى بحدود الأف دولار وهو مبلغ لا يكفي لجمع النفايات، فيما صناديق غالبية البلديات “مكسورة” بفعل تدهور الليرة، بدليل أن العمل الإنمائي متوقف في أكثرية البلديات المشلولة والتي بات وجودها شكلياً، باستثناء المدن الكبرى التي تقوم بأعمال روتينية بسيطة، فالمشاريع والتأهيل والصيانة خارج جدول العمل لغياب الأموال.

حجم تضخّم النفقات بالليرة يظهر عدم القدرة على اللحاق بالسعر اليومي المتبدّل للدولار ما جعلها موزانات شكلية وغير مجدية في تطوير الواقع الإنمائي للمدن والبلدات

عكست موازنات 2023 التي وضعتها البلديات، الواقع المرير بعد التمديد لها لعام إضافي جُدّد له أيضاً، فحجم تضخّم النفقات بالليرة يظهر عدم القدرة على اللحاق بالسعر اليومي المتبدّل للدولار، ما جعلها موزانات شكلية وغير مجدية في تطوير الواقع الإنمائي للمدن والبلدات حيث بالكاد تكفي لمصاريف الحاجات التشغيلية فقط. لوجيستياً، تحتاج العملية الانتخابية نحو 12 ألف موظف ونحو 800 قاض للجان القيد، وجميع هؤلاء من غير المضمون مشاركتهم في ظل الإضراب المستمر لمعظم موظفي القطاع العام الذين يطالبون بتحسين رواتبهم، لتتلاقى مع غياب الإرادة السياسية لإنجاز الاستحقاق الذي تم تكريسه خدمة لمصالح السياسيين.

وبحسب أرقام لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)يبلغ عدد البلديات في لبنان1059 بلدية تضم 12741 عضواً، أصبحت بعد انتخابات 2016 حوالي 108 بلديات، بعضها منحلة يديرها القائم مقام أو المحافظ، فيما يتولى 3018 مختاراً ملفات حيوية وضرورية للمواطنين كإصدار وثائق الولادات والوفيات وتنظيم معاملات جوازات السفر والهويات وغيرها.

سيناريو متوقع .. توزيع أدوار وتعتيم على المشكلة

شهد لبنان حتى الآن 6 انتخابات للمجالس البلدية مابين العام 1952و2016، ووفق المتابعين فإن العقبة المالية ليست كافية لعدم إجراء الانتخابات التي كانت مزمعة الشهر المقبل، وقدّرت الحكومة الحاجة لتمويلها بنحو 8.9 ملايين دولار، في حين رصدت نحو 20.5 مليون دولار لإنجازها عام 2016.

الحديث عن غياب الأموال والاعتمادات غير صحيح باعتبار أن الأموال موجودة وهي بحاجة إلى قرار بصرفها، وهذا يثبت غياب النية السياسية لإجراء الانتخابات

ووفق ما أكدته ساندريلا عازار من الجمعية اللبنانية من اجل ديمقراطية الانتخابات (LADE) لـ”نيوزاليست” فإن “تمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية، هو سيناريو متوقع بفعل تقاذف الاتهامات بين الحكومة والمجلس النيابي، في ظل نوع من توزيع الأدوار لكي نصل إلى مرحلة يقال فيها إن لا اعتمادات مالية لإجراء الانتخابات”، مشيرة الى أن “الحكومة تنفق من أموال حقوق السحب الخاص منذ حوالي أكثر من سنة، وبالتالي كان في إمكانها تخصيص 9 ملايين دولار لإجراء الانتخابات”.

وشددت على “أن الحديث عن غياب الأموال والاعتمادات غير صحيح باعتبار أن الأموال موجودة وهي بحاجة إلى قرار بصرفها، وهذا يثبت غياب النية السياسية لإجراء الانتخابات”.

واعتبرت عازار أنه” بالنسبة إلى الشق اللوجستي، الكل يعلم أن الانتخابات تأجلت من العام 2022. فعلى أي أساس كان يتحدث وزير الداخلية عن جهوزية الوزارة لإجراء الانتخابات؟ هل تواصل مع المحافظين والقائمقامين؟ هل تحدث عن تعيين لجان قيد وهيئات قلم، التي تتألف بغالبيتها من الأساتذة المضربين؟ وبالتالي، على أي أساس كانت ستجري الانتخابات؟“.

ورأت أنه “يمكن وضع كل ما حصل في إطار التعتيم على المشكلة وتأجيلها، حتى أسابيع قليلة قبيل الانتخابات للقول إن الانتخابات قد طارت، وما يدل أيضًا على غياب الجدية عدم حضور وزير الداخلية جلسة اللجان المشتركة ، وهو المعني المباشر بالرد على أسئلة النواب”.

وختمت:” نحن ضد التأجيل في طبيعة الحال، فالتأجيل سوف يؤدي الى توسيع الهوة بين الشعب والمؤسسات الرسمية. وتقليص ثقة المجتمع الدولي والدول المانحة، فلا احترام لأي استحقاق ولأي مهل دستورية”.

المقال السابق
ماذا يريد "حزب الله" أن يقّدّم لبنان للنظام السوري.. أكثر؟

مقالات ذات صلة

الطريق الى 7 تشرين...شارون يقمع الانتفاضة الثانية ويزيح عرفات

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية