"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

حماقة "حزب الله" الإستراتيجية!

رئيس التحرير: فارس خشّان
الاثنين، 23 سبتمبر 2024

تقدم الحكومة الإسرائيلية، وهي تخوض حربها الضروس على “حزب الله” وبيئته “الحاضنة”، نفسها كما لو كانت دولة تنتفض على ظلم يلاحقها منذ 8 تشرين الأوّل، تاريخ اضطرارها الى إجلاء أكثر من سبعين ألفًا من سكان الشمال عن بلداتهم ومنازلهم وأعمالهم ومدارسهم، وتجد نفسها، في كل مرة عاجزة عن إعادتهم بأمان الى حيث يجب أن يكونوا، وذلك بسبب تهديدات يستمر “حزب الله” في إطلاقها.

آخر كلمة للأمين العام ل”حزب الله” حسن نصرالله، وقد ترجمتها إسرائيل إلى كل لغات الأرض، ووزعتها، عبر وزارة الخارجية وبعثاتها الدبلوماسية، على الحلفاء والأصدقاء والمحايدين. هذه الكلمة أظهرتها في أوج المظلومية، ف”حزب الله” على لسان الرجل الأوّل فيه يؤكد أنّ سكان الشمال- وهم مستعمرون ومغتصبون وفق توصيف مختصر لكيل من التحقير الذي أنزله برشق هجائي عليهم- لن يُسمح لهم بالعودة الى منازلهم “أبدًا، أبًدا، أبدًا”.

بالنسبة لإسرائيل، لم يكن ربط نصرالله السماح بعودة هؤلاء السكان إلّا بعد استسلام إسرائيل في غزة، إلّا مجرّد “استدراك دبلوماسي”.

وهكذا بدا لها، الفاصل الزمني بين التأكيد، من جهة والإستدراك، من جهة أخرى، مناسبة لرفع مستوى المظلومية الى أقصاه!

كانت إسرائيل، على مدى الأشهر الثلاثة الأخيرة، تبني ما سمّته وزارة خارجيتها، ” شرعية الحرب على لبنان”. وضعت كل جهودها في خدمة هذا الهدف. كانت تستغل كل كلمة تصدر عن “حزب الله” في هذا المسار. ساهمت في تسهيل وصول وسائل الإعلام العالمية الى القرى والبلدات التي يستهدفها “حزب الله” منذ 8 تشرين الأول. وفّرت مكبرات الصوت لجميع من يشكون ليس من استهدافات “حزب الله” الدائمة فحسب بل من إهمال الحكومة الإسرائيلية لهم ولمنطقتهم ومعاملتهم كما لو كانوا مواطنين من الدرجة الثانية بالمقارنة مع أبناء الوسط والجنوب. وصلت وفود من هؤلاء السكان الى البيت الأبيض وإلى غيره من مراكز صنع القرار في العالم.

ظنّ “حزب الله” أنّ هذا الصراخ الشعبي في الشمال يصب في مصلحته. لم يدرك أبدًا أنّه خنجر في ظهره. لم يتعلّم أبدًا، على الرغم من أنه متابع نهم للصحافة الإسرائيلية، من درس احتلال الجولان. احتلال حصل بسبب صراخ السكان الذي غلب الخط الأحمر الذي كان قد رسمه في حينها الإتحاد السوفياتي.

وكان يمكن لجميع من يراقبون عن بعد، ومنهم هؤلاء الذين هاجمهم نصر الله، مرارًا وتكرارًا، ووصفهم ب”صهاينة الداخل”، أن يروا كيف تستعد إسرائيل للحرب على “حزب الله”. في مرحلة ما، بات هؤلاء، على يقين بأنّ السؤال لم يعد إذا كانت الحرب الواسعة سوف تقع. حسموا بأنها سوف تقع. كانوا فقط يجهلون التوقيت.

وحين دقت الساعة، واتخذ القرار رسميًّا، لم يكن أحد يتصوّر أن نصرالله سوف يقدّم لإسرائيل أثمن الهدايا، بهجومه الصاعق على المستوطنين وبتأكيده أن هؤلاء رهائن لديه الى حين حصول ما يريده لغزة.

فعل ذلك نصرالله، في اللحظة التي اكتشف فيها هو أيضًا، أنّ تقييمه لإسرائيل لا ينطبق على الواقع. ربما في يوم من الأيام ظهرت إسرائيل كما لو أنها “أوهن من بيت العنكبوت”، لكنّها، في هذه المرحلة لم تعد كذلك، أصبحت من أعتى “الوحوش”. حربها في غزة أظهرت ذلك. عدم قبولها بأي طرح تسووي، بيّن ذلك. تحطيم الساعة الرملية التي كانت تضعها، كلما دخلت في الحرب، يجزم بذلك.

في كلمته الأخيرة، إرتكب نصرالله الحماقة الإستراتيجية التي لا تغتفر!

أعطى إسرائيل ما تحتاج إليه، في اللحظة التي تناسبها: شرعية الدفاع عن شعبها.

بسبب نصرالله أصبح “حزب الله” هو الظالم والمعتدي وتحوّلت إسرائيل الى المظلومة التي تنتفض على واقعها المأساوي!

وهكذا، وضع “حزب الله” شعبه في فوهة المدفع. أعطى صواريخه على أهميتها قيمة أعلى مما يجب. وبخس بقدرات إسرائيل الهائلة، أكثر مما يجب.

تجاوز نصارلله حدود الجرأة. وقع في مصيدة الإستكبار!

في يوم واحد، قُتل المئات، ودمرت آلاف المنازل، ونزح مئات الآلاف من الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت.

في يوم واحد، وفي خطأ استراتيجي كبير، دفّع “حزب الله” بيئته أثمانًا فظيعة مقابل ما ظهر أنه يفعله ضد بعض سكان الشمال.

في يوم واحد، فيما العدوان بدأ يجمع شعبي غزة ولبنان في مصيبة واحدة، خرجت إسرائيل على العالم لتقول، مستندة الى الإنحراف الإستراتيجي ل”حزب الله”: أي دولة في العالم يمكن أن تبقى صامتة على تسويد حياة شعبها!

غريب هذا العقل الذي بات يتحكم ب”حزب الله”. عقل برع في تحويل المظلوم الى ظالم، والظالم الى مظلوم، والشعب الى ضحية مستمرة!

المقال السابق
عن حق الشماتة في «حزب الله»
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

نعيم قاسم يُسجّل تراجعًا جديدًا!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية