قبيل حلول ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري، في الرابع عشر من شباط، لفت انتباه المراقبين حدثان مرتبطان بالرئيس سعد الحريري وب”تيّار المستقبل”.
الحدث الأبرز تمثّل في امتلاك الحريري ل”رؤية وتصور إزاء تطوّر الأحداث في لبنان، لا سيّما مسألة انتخاب رئيس جديد للجمهورية”، وكلّف مبعوثه الخاص جورج شعبان بنقلهما الى موسكو، الأمر الذي أورده بيان صادر عن وزارة الخارجية الروسية، أمس الثلاثاء.
عمليًّا، لا يُقدم على عمل مماثل أيّ قيادي يثابر على تعليق عمله السياسي، فهذه خطوة لا تدخل في صلب العمل السياسي فحسب بل هي تندرج في سياق عمل دبلوماسي، أيضًا.
ومن سبق له أن تابع طريقة عمل المستشار جورج شعبان، يدرك أنّه لا يجتهد في كل ما يمكن أن يتصل بالحريري، فهو في هذا السياق يتمتع بانضباط لا مثيل له.
وبقي شعبان، منذ انتقل الحريري للإقامة في “ابو ظبي” على تواصل دائم معه، وهو يزوره أقلّه، مرة واحدة، كل شهرين.
ولم يسبق لشعبان، منذ إعلان الحريري تعليق عمله السياسي قبل سنتين، أن نقل أيّ تصوّر إقليمي أو لبناني، الى القيادة الروسيّة أو غيرها، وإن كان قد عمل على صيانة علاقاته التي بدأ ببنائها، منذ كان ضمن فريق الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
ووفق مصادر “نيوزاليست” فإنّ شعبان كان قد زار الحريري قبل انتقاله الى موسكو، وهذا يعني أنّه كان مكلّفًا ليس بنقل “التصوّر والرؤية” فحسب بل كان حائزًا، أيضًا على “إجازة الإعلان عن ذلك” إن رغبت وزارة الخارجية الروسية التي تستعد لاستقبال الزعيم الدرزي وليد جنبلاط في السابع من شباط المقبل.
وتزامن هذا السلوك المعلن ل لحريري، مع بدء التحضيرات لزيارة “طويلة نسبيًّا” سيقوم بها رئيس “تيار المستقبل” للبنان، بمناسة الذكرى السنوية التاسعة عشرة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، في الرابع عشر من شباط 2005.
ولم يعد خافيًّا أنّ ماكينة “تيّار المستقبل” تنشط لتنظيم لقاءات بين الحريري والوفود الشعبيّة، سواء على الضريح أو في دارته في بيت الوسط التي تجري التحضيرات لفتح أبوابها على مصاريعها.
ولا تتردد أوساط على صلة بمقربين من الحريري في الكشف عن أنّ هناك تغييرات إيجابيّة في نظرة دول إقليمية الى دور الحريري السياسي، في ظل عجز “البدلاء المفترضين” عن ملء الفراغ الذي تركه في الساحة السنيّة اللبنانيّة، من جهة وتقدّم “الجماعة الإسلاميّة” برعاية ودعم واضحين من “حزب الله” وخلفه إيران، في محاولة استثمار لمشاعر الشارع الملتهبة بسبب الحرب الإسرائيلية في غزة، من جهة أخرى.
وقبل ظهور هذه التطوّرات، عاد “تيّار المستقبل” الى الساحة اللبنانيّة، بعدما كان قد حصر مهمّته، على مدى سنتين، في الرد على كل من يستهدف شخص الرئيس سعد الحريري، من خلال مناصرة السيّدة أمل شعبان، في ملف وزارة التربيّة، ودخل في صراع مع “بعض القضاة” بداية قبل أن تنفجر لاحقًا بينه وبين وزير التربية عباس الحلبي، المقرب من الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، بعدما أعطى شعبان إجازة مدفوعة لم تطلبها وكلّف موظفين القيام بالمهام التي كانت منوطة بها.
ويمكن اعتبار هذين التطورين البارزين، إذا ما أضيفا الى قرائن متفرقة أخرى، من الأدلة القويّة على أنّ سعد الحريري يمهّد لإنهاء “تعليق عمله السياسي والحزبي” في لبنان.
أمّا شكل “تعليق التعليق” وزمانه فمتروك تحديدهما للمقبل من الأيّام.
إقرأ/ي أيضًا:
سعد الحريري يُبلور تصوّرًا لرئاسة الجمهوريّة وينقله عبر مبعوثه الخاص الى موسكو!
تحت عنوان غزة..مؤشرات إلى رعاية إيرانية لعملية تسليم البيئة السنية اللبنانية الى “الجماعة الإسلامية”
إنقلاب “التطرّف” على “الإعتدال”