كل ما يحدث على الساحة اللبنانية، لا يمكن قراءته الا من زاوية اللعب في الوقت الضائع، كل المؤشرات حتى اللحظة، تدل على ان لا حلول لأي من الازمات، او الافراج عن اي استحقاق. على العكس من ذلك فإن كل الازمات على حد سواء، مرشحة للمزيد من التفاقم، ومنذ بداية الشهر المقبل، قد نكون على موعد مع انهيارات مدوية اكثر في كل القطاعات لا سيما المالية منها بعد دق حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري ناقوس الخطر امس.
بات من المؤكد، ان زيارة الموفد الفرنسي جان إيف لوردريان المرتقبة، في النصف الثاني من هذا الشهر لن تكون مثمرة، وقد تم نعيها قبل ان تبدأ، كذلك بالنسبة الى الحوار المتقدم بين “التيار الوطني الحر” و”حزب الله”.
فعلى الرغم من كل ما يحكى عن تجاوب “حزب الله” مع جبران باسيل، والمباشرة بدراسة شروطه، من اللامركزية الادارية والمالية الموسعة الى الصندوق الائتماني، فهي تصب ايضا في خانة تضييع الوقت حتى اللحظة، خصوصا ان هكذا شروط، لا يعطيها فريق في السلطة لفريق آخر، كما ان التعاطي معها فيه الكثير من الاستخفاف، كذلك موقف المعارضة الرافض لأي حوار مع الحزب، قبل انجاز الاستحقاق الرئاسي، وكل ما يرشح عنها من بيانات وتصعيد، وهي تعرف قبل سواها، انه لا يتخطى التمترس على موقف معين، و لا يقدم ولا يؤخر في “الستاتيكو”، الذي يقبع فيه البلد حاليا.
اما حديث رئيس الحزب التقدمي السابق وليد جنبلاط، حول ضرورة الحوار مع الحزب، وضرورة التسوية في هذه المرحلة بالذات، فهو كصرخة في غابة، لن تستجيب له القوى المعنية والمعارضة خصوصا.
كل هذا التخبط في السياسة، يدلل على ان الامور كلها تراوح مكانها، بانتظار نضوج تسوية اقليمية دولية، تفرض حلا على لبنان، بحيث ان اطراف الداخل اثبتوا، ومنذ زمن انهم قاصرين عن ادارة الازمات، وانجاز الاستحقاقات دون وصاية او تدخل دولي واقليمي، يجبرهم على الجلوس مع بعضهم البعض والذهاب الى تسوية.
والسؤال متى يتم التعاطي بجدية مع الملف اللبناني؟ أغلب الظن، بأنه بعد ثلاثة اشهر، اي بعد اعلان شركة “توتال”، عما سيسفر عنه التنقيب في البلوك 9، هو موعد مفصلي قد يجبر الدول المعنية بالشأن الللبناني، على البحث في تسوية جدية، اذا ثبت ان هناك كميات تجارية، لماذا؟
ببساطة، فإن أي اكتشاف تجاري في البلوك رقم 9، من شأنه ان يستقطب الشركات العالمية، للمشاركة في دورة التراخيص التالية، على باقي البلوكات النفطية، ودخول هذه الشركات يتطلب تأمين الامن والاستقرار، وكذلك اعادة انتظام عمل المؤسسات في البلد، وهو امر لا يمكن ان يتم دون انجاز الاستحقاق الرئاسي، خصوصا ان لبنان في حال تم اكتشاف كميات تجارية، عليه استكمال اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع سوريا وقبرص، لإتاحة العمل في البلوكات الشمالية، وهذا امر لا يمكن ان يتم الشروع فيه، من دون وجود رأس للجمهورية.
هل ينقذنا البحر من الغرق اكثر في مستنقع الانهيار؟ سؤال رهن ما تختزنه تلك البقعة في ال بحر.