"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

هل يريدون عرقنة لبنان ؟

علي حمادة
الأحد، 9 يوليو 2023

هل يريدون عرقنة لبنان ؟

يبدو أنّ الخيار الذي يطرحه “الثنائي الشيعي ” امام اللبنانيين هو اما الإذعان في موقع الرئاسة و التسليم بفرض المرشح سليمان فرنجية ، او الذهاب الى “حوار” يبدأ بموضوع الرئاسة لكنّه لن ينتهي قبل طرح مسألة تعديلات دستورية أساسها تحويل أعراف الى نص دستوري و ذلك بعدما سبق أن فرضت تدريجيًّا بحد السيف غداة حرب ٢٠٠٦ ، ثم غزوات بيروت و الجبل في ٧ و١١ أيار ٢٠٠٨ ، حيث اعقبها مؤتمر الدوحة الذي اطلق العنان للبدء بتجويف اتفاق الطائف و من خلاله الدستور ، تحت عنوان الأخذ بمتغيرات في موازين القوى المستجدة بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ، و استخدام السلاح في الداخل ضد اللبنانيين ( مواصلة الاغتيالات ، و الاعتداءات المسلحة على الجماهير السيادية ) ، وصولًا الى خرق اتفاق الدوحة علنا في العام ٢٠١١ من خلال الانقلاب على حكومة الرئيس سعد الحريري ، واستبدالها بحكومة سميت آنذاك “حكومة اللون الواحد” .

إذن ، اما رئاسة الجمهورية بجيب “الثنائي ” ، فتؤجل مسألة تغيير الدستور ، أو فراغ مديد يفتح الباب على طرح تعديلات دستورية يطول فيها النقاش فتتحلّل الدولة أكثر ، وتسوء حال البلاد ، وتتحوّل “المبادرة الفرنسية ” من محاولة لانهاء الفراغ الرئاسي الى مشروع طاولة حوار لصياغة تعديلات دستورية تزيد من تجويف الطائف . وسيستغل “الثنائي الشيعي ” تنامي طروحات الفدرالية في البيئة المسيحية ، و أساسها اليأس من العيش تحت سيطرة الثنلئي المذكور ، من اجل وضع “هواجسه ” الدستورية على طاولة التفاوض !

ثمة خيار آخر هدفه دفع النواة المسيحية الصلبة حتى الان برفضها الفرض و الاملاءات ، الى الاستسلام امام طول امد الفراغ الرئاسي و تمدده الى حاكمية مصرف لبنان و هي منصب ماروني ، فالى منصب قائد الجيش الماروني أيضا ، و خلق هلع في أوساط الكنيسة ، و الرأي العام المسيحي من حدوث انقلاب كبير على الوجود المسيحي في الدولة اللبنانية ، فيسهل دفع المعارضين الى الاستسلام ، تحت عنوان “تسوية ” معينة يجري وضع اخراج لها كي تحفظ ماء وجه المستسلمين ، لكنها لا تغيير بشيء من واقع تنامي سيطرة الثنائي المشار اليه على البلاد.

في الحقيقة ثمة فريق يدفع البلاد بشكل منهجي نحو “العرقنة” من خلال اضعاف و تشتيت كل الأطراف الأخرى و جعلها تعمل عنده . بمعنى ان نقطة ثقل الحكم و القرار موجودة في المعسكر الشيعي من خلال رئاسة الحكومة و المناصب الرئيسية ، و البقية تتبع بشكل او بآخر . ففي لبنان “حلبوسيون” كثر ( نسبة الى رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي وهو سني) جاهزون للعمل تحت “عباءة ” رأس القرار الفعلي ، و هناك “كرد ” تتغلب عليهم الخلافات الداخلية، لكن يتم “ضبطهم” بالابتزاز اما المالي او الأمني ومحاصرتهم تماما كما بدأ يحصل للمسيحيين . فلا هم قادرون على انشاء دولتهم المستقلة ، ولا هم قادرون على تعزيز وزنهم في المعادلة الداخلية الاوسع . لديهم رئاسة الجمهورية لكنها للتشريفات ليس اكثر.

خلاصة القول ، ان في لبنان “ثنائي ” يعمل بلاد هوادة على نسف التوازنات الدقيقة و معها الصيغة ، وفرض وصاية تامة على بقية المكونات . لكن المشكلة الأكبر هي حجم التواطؤ معه في البيئات الأخرى ، وهو واسع على مدى وِسع الجوع للسلطة و شبق المال !

المقال السابق
الراعي يحذّر "السادة في المجلس النيابي" من اقتراف "الخيانة العظمى"

علي حمادة

كاتب ومحلّل سياسي

مقالات ذات صلة

يخت مايك لينش الغريق يختزن أسرارًا مخابراتيّة "حسّاسة" والأجهزة تتنافس للعثور عليها

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية