هبة القدسي- الشرق الأوسط
في محاولة لاستقطاب الشباب، أطلق الرئيس الأميركي جو بايدن حساباً له على منصة «تيك توك» الاجتماعية، بتسجيل مصور مدته 26 ثانية، تطرق فيه الرئيس البالغ من العمر 81 عاماً إلى مواضيع بين السياسة والدوري الوطني لكرة القدم ومباريات سوبر بول.
واشترك الرئيس الأميركي في تفاعل عبر حسابه «bidenhq@» وأجاب عن أسئلة حول نظريات المؤامرة اليمينية حول المغنية تايلور سويفت التي تدعم انتخاب بايدن، ويعتقد الجمهوريون أنها يمكن أن تقدم له مفتاح النجاح في انتخابات 2024، بقدرتها على زيادة إقبال الشباب لانتخابه. وتهكم ضاحكاً في إجابته عن سؤال: هل يختار جو بايدن أم دونالد ترمب رئيساً، بالقول: «هل تمازحني؟ جو بايدن».
وجاءت هذه الخطوة على الرغم من شكوك شريحة واسعة في منصة «تيك توك» المملوكة لشركة «بايت داتش» الصينية، باعتبارها أداة دعائية تستخدمها بكين. وقد حظرت الحكومة الفيدرالية وعدة ولايات أميركية على موظفيها استخدام التطبيق عبر الأجهزة الحكومية الرسمية، انطلاقاً من مخاوف أمنية.
وفي خضم سباق انتخابي شرس، لا يتوقف الجدل حول الحالة الذهنية للرئيس بايدن، ومدى قوة ذاكرته مع تقدمه في العمر، بعد تقرير المحقق الخاص روبرت هور الذي أرجع إساءة تعامل بايدن مع الوثائق السرية إلى أنه «رجل مُسن ذاكرته ضعيفة». وقد أدى هذا التقرير إلى صب الوقود على عاصفة من التكهنات المحيطة بعمر بايدن، وظل البيت الأبيض طيلة الأيام الماضية يقوم بمحاولات يائسة للدفاع عن صحة الرئيس ولياقته الذهنية، والتشكيك في الادعاءات الواردة في تقرير المحقق الخاص.
ويشير استطلاع حديث للرأي لشبكة «إيه بي سي نيوز» مع «إبسوس» إلى أن الغالبية العظمي من الأميركيين تشكك في قدرة بايدن على قضاء فترة ولاية ثانية في البيت الأبيض. ويقول الاستطلاع إن 86 في المائة من الأميركيين يقولون إن بايدن البالغ 81 عاماً، أكبر من أن يخدم فترة ولاية أخرى رئيساً. وفي الوقت نفسه يعتقد 59 في المائة من الأميركيين أن الرئيس السابق دونالد ترمب يعد أيضاً متقدماً في العمر.
وتقوض الأخطاء اللفظية التي يرتكبها بايدن صورة الخبرة والكفاءة المهنية التي أدت لانتخابه، والتي يخشى مسؤولو حملته الرئاسية أن تتلاشى. فقد استغل الجمهوريون هذا التقرير، وبدأوا في الدفع بمقترحات تفعيل التعديل الخامس والعشرين من الدستور الأميركي للإطاحة ببايدن من منصبه، على أساس أنه يفتقر للقدرة على أداء وظيفة رئيس الولايات المتحدة، وهو تعديل يسمح بإقالة الرئيس في حالة العجز عن أداء وظيفته.
ووقف كبار الديمقراطيين علناً خلف بايدن، ودافعوا مراراً عن قدراته وخبراته؛ لكن ازدياد القلق حول احتمالات خسارة بايدن للانتخابات الرئاسية المقبلة، دفع الديمقراطيين للبحث عن طريقة لتفادي الهزيمة، كاستبدال مرشح آخر ببايدن من الحزب الديمقراطي، في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. ويشير الخبراء والمحللون إلى أن الوقت للقيام بذلك قد تأخر، مع اقتراب الانتخابات التمهيدية من ذروتها، إضافة إلى أن الخيار التقليدي بالدفع بنائبة الرئيس كامالا هاريس لخوض الانتخابات هو خيار أسوأ بكثير من خوض بايدن للانتخابات.
وتتراجع شعبية هاريس بشكل كبير في استطلاعات الرأي. وقد أظهر استطلاع للرأي أجرته جامعة «مونماوث» في ديسمبر (كانون الأول) الماضي حول هاريس، موافقة بنسبة 35 في المائة، ورفضاً بنسبة 57 في المائة. وتقول الاستطلاعات إن هاريس تفتقد حتى مستوى بايدن المنخفض من الشعبية، وستكون هدفاً سهلاً للقضاء عليها في الانتخابات.
ووفقاً للتقاليد الحزبية، فإن أي تغيير على قواعد ترشيح الحزب لا بد من أن يمر عبر لجنة القواعد واللوائح التابعة للحزب الديمقراطي. وليس هناك ما يشير إلى أي تغيير، ما يعني أن الرئيس بايدن باقٍ في السباق مرشحاً للحزب الديمقراطي، والسيناريو الوحيد المعقول للديمقراطيين للحصول على مرشح آخر، هو أن يقرر بايدن الانسحاب طواعية من السباق، ويمكنه أن يفعل ذلك خلال الفترة المتبقية من ولايته، كما فعل الرئيس ليندون جونسون عام 1968.
وإذا انسحب بايدن من الآن حتى أغسطس (آب) المقبل، فمن المرجح أن يؤدي ذلك إلى خلق فرصة مفتوحة لعدد كبير من المرشحين في المؤتمر الوطني الديمقراطي في شيكاغو، في أغسطس.
وبدأت بورصة التكهنات والرهانات في طرح أسماء وبدائل محتملة، مثل حاكم ولاية كاليفورنيا جافين نيوسوم، وحاكمة ميشيغان غريتين ويتمر، إلا أن الأمر لم يبلغ درجة الدفع بهذه الأسماء إلى الأمام.
ويقول الخبير الاستراتيجي، براد بانون، إن الرئيس الأميركي «يمتلك مفاتيح اللجنة الوطنية الديمقراطية، ومخزونها من الأموال والتبرعات، والطريقة الوحيدة التي ستتيح للجنة الوطنية اختيار مرشح آخر هي أن يقرر بايدن التنحي». ويضيف أن الديمقراطيين لديهم مخاوف جدية بشأن قدرته على البقاء في السباق والفوز في نوفمبر المقبل. ووجود ترمب (77 عاماً) في السباق باعتباره المرشح المحتمل للحزب الجمهوري يجعل الضغوط على بايدن للتنحي تزداد.
ويستبعد جون زغبي، خبير استطلاعات الرأي، احتمالات أن يقوم الحزب الديمقراطي باستبدال مرشح آخر ببايدن، قائلاً: «إن الفرصة ضئيلة للغاية للقيام بذلك، على الرغم من القدر الكبير من القلق في صفوف الحزب». ويؤكد أن استبدال النائبة كامالا هاريس ببايدن سيكون مصدر قلق كبير للديمقراطيين.