أخطر ما يمكن أن يواجهه لبنان في المستقبل القريب هو تحديدًا أبرز ما يعتبره “حزب الله” علامة من علامات ما يسميه “انتصاره على إسرائيل”: عدم عودة سكان الشمال الى منازلهم!
هذه الإتتاحية محور نقاش بالصوت والصورة/ للمشاهدة، إنقر/ ي هنا
صحيح أنّ هؤلاء يقدمون للحزب ب”نقهم” و”استيائهم” و”غضبهم” صورة يحتاجها لترويج نفسه منتصرًا، ولكن الصحيح أكثر أنّ هؤلاء إنما يعربون عن صدمتهم من وقف إطلاق النار، في حرب يعتقدون أنهم منتصرون فيها ضد “حزب الله” الذي بات ضعيفا، ويمكن سحقه نهائيا، كما يمكن لدولتهم أن تنفّذ لمصلحتهم مطلب إقامة منطقة عسكرية خالية من السكان داخل حدود لبنان!
إذا، “نق” سكان شمال إسرائيل ليس دليل انتصار، بل إشارة قوية الى اعتقاد جزء من الشعب الإسرائيلي بأنه كان يمكن، لو تواصلت الحرب، أن يحقق جيشهم “الممدوح” على ألسنتهم، انتصارا ساحقا وناجزا وواضحا.
ومع ذلك، فإنّ طموحات هؤلاء الشماليين لم تصل بعد الى خواتيمها. هم يضغطون للعودة الى الحرب. بنيامين نتنياهو- ولو كانت أكثريتهم تعارضهم- أوحى لهم بوجود إمكانية لذلك، عندما تحدث عن ثلاثة أسباب لوقف إطلاق النار: التركيز على إيران، ترييح قوات الإحتياط، إعادة تزخير مخازن الأسلحة.
وما لم يفعله نتنياهو، فعله كبار المحللين في إسرائيل إذ أشاروا الى أن حكومتهم، بموافقتها على وقف إطلاق النار، تحاول أن تتجاوز خطرين: الأول، سماح إدارة جو بايدن بتمرير قرار في مجلس الأمن يقضي بحظر توريد الأسلحة الى إسرائيل، والثاني، مواصلة إدارة بايدن منع إرسال أنواع محددة من الصواريخ الى إسرائيل.
وما زاد ارتياح سكان الشمال النازحين أنّ نتنياهو لم يوجه دعوة اليهم للعودة الى منازلهم، لا بل فعل العكس، الأمر الذي أبقى احتمالية استئناف الحرب، في مرحلة قريبة لاحقة، قائمة!
[هذه الإتتاحية محور نقاش بالصوت والصورة/ للمشاهدة، إنقر/ي هنا
وبالفعل، في الأيام الستين التي تفصل انتقال إسرائيل من حالة وقف اطلاق النار الى حالة وقف الحرب، سوف تكون هناك محطات مفصلية، إذ إنّ بايدن سوف يخرج من البيت الأبيض في غضونها، أي في العشرين من كانون الثاني المقبل فيما تنتهي مهلة الستين يوما في الخامس والعشرين من كانون الثاني نفسه، أي بعد خمسة أيام من الإستحقاق الأميركي.
وهذا يعني أن المخاوف التي يثيرها بايدن في إسرائيل حاليا سوف تنتهي في الأيام الأخيرة من ولايته، فإذا كان لا بد من العودة الى الحرب، فحينها تكون الحكومة الإسرائيلية محمية ومحصنة بفريق دونالد ترامب الخاص بالشرق الأوسط، وهو، في مجمله، مؤيّدا لإسرائيل، وأحيانا هو أكثر إسرائيلية من إسرائيل نفسها.
https://www.facebook.com/share/v/18HwoodNwH/
وهكذا تحوّلت مهلة الستين يوما، بتوقيت الموافقة الإسرائيلية عليها، الى مهلة ذات أبعاد استراتيجية، إذ من شأنها أن تضغط على لبنان والمجتمع الدولي من أجل تنفيذ أدق ما في اتفاقية وقف الحرب من شروط، تمهيدية ولاحقة، لا سيما لجهة تفكيك البنية التحتية المتبقية لحزب الله في جنوب نهر الليطاني، ومصادرة الأسلحة، ومراقبة العائدين الى بلداتهم وقراهم، وإقفال الحدود اللبنانية- السورية أمام نقل الصواريخ والمسيرات أو المكونات التي يتم استخدامها في جمعها وتصنيعها، ومواصلة الضوابط البحرية والجوية.
وخلال مهلة الستين يومًا، يسهل على إسرائيل التراجع عن وقف إطلاق النار، في حين أنها في المرحلة اللاحقة، يمكنها أن تضرب حيث تشاء، إن “قصّر” غيرها، بعد مراجعة لجنة المراقبة التي تترأسها الولايات المتحدة الأميركية.
[[هذه الإتتاحية محور نقاش بالصوت والصورة/ للمشاهدة، إنقر/ي هنا
ومن الآن، حتى الخامس والعشرين من كانون الثاني، يُفترض بجميع من يخشون عودة الحرب أن يتوقفوا عن رفع علامات الإنتصار، واللجوء الى الصلاة ليعود سكان شمال إسرائيل الى منازلهم، وأن يلهم جميع اللبنانيين، والشيعة في مقدمتهم، أن يناصروا قيام دولتهم، على حساب هواجس إعادة إحياء فصيل عسكري ثبت أنّ أجندته خارجية وطموحاته خنفشارية وق دراته…انتحارية!
https://www.tiktok.com/@fareskhachan6/video/7442015737243274528?is_from_webapp=1&sender_device=pc