"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

هل ستنافس حقنة "كينغ كونغ" للتنحيف عقار "أوزمبيك"؟

نيوزاليست
الجمعة، 16 فبراير 2024

هل ستنافس حقنة "كينغ كونغ" للتنحيف عقار "أوزمبيك"؟

طرح خلال الأسبوع الجاري عقار جديد يعد مستخدميه بإنقاص وزنهم بمقدار ربع وزن الجسم تقريباً.

وعقار “مونجارو”Mounjaro الملقب بـ”كينغ كونغ” King Kong هو الاسم التجاري لعقار “تيرزيباتيد” tirzepatide، وهو عبارة عن حقنة أسبوعية معتمدة من “هيئة الخدمات الصحية الوطنية” في بريطانيا لعلاج النوع الثاني من داء السكري. وقد أظهرت تجارب طبية أن في مستطاع بعض المستخدمين خسارة حتى 25 في المئة من وزن الجسم خلال 18 شهراً، أي أكثر بـ10 في المئة مقارنة مع “ويغوفي” Wegovy [الاسم التجاري لعقار “سيماغلوتايد” ]Semaglutide الشائعة الأخرى لإنقاص الوزن، وذلك خلال الفترة الزمنية عينها [18 شهراً].

عليه، يكون “كينغ كونغ” الخيار غير الجراحي الأقوى المتوفر في الأسواق اليوم الذي يسمح بالتخلص من نسبة كبيرة من الكيلوغرامات الزائدة. اليوم، أصبح الدواء متاحاً خصوصاً للمرضى الذين يعانون السمنة ويبلغ مؤشر كتلة الجسم لديهم (BMI) 30 أو أكثر، ومن يراوح المؤشر لديهم بين 27 و30 ويكابدون في الوقت عينه حالات صحية متصلة بالوزن الزائد، من قبيل أمراض القلب أو ارتفاع ضغط الدم. ولكن هل يبدو هذا العقار أحلى من أن يكون حقيقياً؟

يمثل “مونجارو” العقار الثالث في سلسلة حقن لفقدان الوزن متوفرة في المملكة المتحدة، وتعمل جميعها من طريق التأثير في هرمونات مسؤولة عن الشعور بالجوع بغية خفض الشهية. في عام 2020، كانت “ساكسيندا” Saxenda (أو “ليراغلوتايد” liraglutide) الحقنة الأولى لإنقاص الوزن الموجودة في بريطانيا. وتؤخذ الأخيرة مرة واحدة يومياً باستخدام قلم حقن ذاتي [جهاز مستخدم في حقن الأدوية تحت الجلد]، وفي التجارب فقد نحو 56 في المئة من المرضى 10 في المئة من وزن الجسم. وكانت الحقنة الثانية “ويغوفي” Wegovy (إحدى العلامات التجارية التي تستخدم “سيماغلوتايد” [المكون النشط في الدواء واسمه العلمي]، وهو نفسه “أوزمبيك” Ozempic) التي طرحت في السوق في سبتمبر (أيلول) 2023. على غرار “مونجارو”، تؤخذ الحقنة مرة واحدة أسبوعياً وتستغرق بضعة أسابيع قبل ظهور مفعولها.

“أوزمبيك” الذي نال في الأساس موافقة “هيئة الخدمات الصحية الوطنية” على استخدامه كعلاج للتحكم بنسبة الغلوكوز في الدم لدى مرضى النوع الثاني من السكري، وصف أكثر وأكثر، خارج نطاق الغرض المصنوع لأجله أصلاً، لمن يعانون مشكلات في الوزن. عليه، أثر هذا السلوك بشكل غير مباشر في المصابين بالنوع الثاني من السكري، وتسبب في نقص في إمدادات الدواء على مستوى البلاد.

لذا في النتيجة، وبغية تلبية الطلب الكبير، طرحت في الأسواق حقنة “ويغوفي” باعتبارها علامة تجارية منفصلة مخصصة تحديداً للمرضى الذين يحتاجون إلى خسارة الكيلوغرامات الزائدة. ولكن وفق “الوكالة الوطنية لسلامة المرضى”، لن تعود إمدادات أنواع هكذا من الأدوية إلى سابق عهدها قبل نهاية عام 2024.

لهذا السبب شكل طرح “مونجارو” نبأ ساراً بالنسبة إلى البعض، علماً أن إحدى الجهات الموردة عبر الإنترنت التي تقدم وصفات طبية خاصة للدواء ذكرت الأسبوع الماضي أن لديها 80 ألف شخص على قائمة الانتظار.

كيف تختلف هذه الحقنة عن الحقن الأخرى؟

الفرق الرئيس، وفق الخبراء، الحجم المهول من الوزن الذي يسعك أن تفقده باستخدام “مونجارو”. تحدثت في هذا الشأن باربرا ماكغوان، بروفيسورة في طب الغدد الصماء والسمنة في “جامعة كينغز كوليدج” في لندن، فقالت “إن ’ويغوفي‘ قد سبق أن أعطى فاعلية كبيرة جداً، وأظهر في التجارب أنه يخلص المريض مما يصل إلى 15 في المئة من وزنه خلال 18 شهراً”.

“ما إن تفقد أكثر من 10 في المئة من وزن جسمك، ينشأ احتمال كبير بأن تبدأ في التأثير الإيجابي في الأخطار المزمنة المرتبطة بالسمنة مثل أمراض القلب والسكتة الدماغية”، يقول الدكتور توم كيرتس، طبيب عام مقيم في لندن ومسؤول طبي في “أوفيفا” Oviva، تطبيق رقمي يقدم وصفات طبية للتخلص من السمنة، مضيفاً أن “الحصول على أول دواء يساعد الناس في فقدان الوزن بنسبة تتجاوز 10 في المئة من وزن جسمهم قد رسم لحظة تاريخية في طب السمنة”.

ولكن الآن، أظهر بحث تناول “مونجارو” باسم “تجربة سوماونت 1” (Surmount-1 trial) أن المرضى تخلصوا، في المتوسط، من خمس وزنهم الأساس، في حين فقد البعض ما يصل إلى الربع. تقول ماكغوان إن “التغيير الكبير الذي يحمله ’مونجارو‘ أننا باستخدامه نشهد فقداناً للوزن مشابهاً للنتيجة التي نحصل عليها بعد جراحة فقدان الوزن. إنه تحول كبير في طب السمنة، إذ توجد حتى الآن فجوة كبيرة بين تدابير أسلوب العيش من جهة والجراحة من جهة أخرى. ولكن هذه العلاجات الدوائية الجديدة تعمل على سد ذلك تلك الثغرة”.

كيف تعمل حقنة “مونجارو”؟

يقول الدكتور لوك براتسايدز، طبيب عام، المدير الطبي للتطبيق الرقمي “نومان” Numan الذي يعنى بصحة الرجال، إن جميع الحقن الثلاث لإنقاص الوزن تعمل من طريق محاكاة عمل هرمون يسمى “جي أل بي- 1” (GLP-1) يؤثر في الشهية ويساعد في الحفاظ على استقرار نسبة السكر في الدم. ولكن باستخدام “مونجارو”، يتأثر هرمون إضافي هو “جي آي بي” (GIP) أو “عديد الببتيد المعدي المثبط”، مما يفاقم هذه التأثيرات ويساعد الأشخاص على تناول كميات أقل من الطعام. “مونجارو” ليس معتمداً بعد للاستخدام كدواء لإنقاص الوزن لدى “هيئة الخدمات الصحية الوطنية”، ولكن الكلفة الخاصة التقليدية للاستخدام على مدى أسبوع من الزمن تبلغ 49 جنيهاً استرلينياً، وفق موقع “أسدا أونلاين دكتور” Asda Online Doctor.

ويقول الدكتور كيرتس إن “أحداً لا يعرف الطريقة المحددة التي يعمل ’مونجارو‘ وفقها، ما عدا تأثيراته الهرمونية. كذلك يشير بعض الاقتراحات إلى أن من شأن الدواء أن يغير سلوك الجسم تجاه الدهون، وهي إحدى الطرق التي من المحتمل أن تؤدي إلى فقدان أكبر للوزن، ولكننا غير متأكدين من هذا بعد”.

تخفض هذه الأدوية الشهية وتحافظ على مستوى السكر في الدم لفترة أطول من طريق إبطاء معدل إفراغ المعدة. بناء عليه، تتمركز غالبية الآثار الجانبية في الجهاز الهضمي، وأكثرها شيوعاً الغثيان الذي يعانيه 22 في المئة من المرضى، والإسهال الذي يظهر بنسبة 21.5 في المئة من الحالات، والقيء بنسبة 13 في المئة، والإمساك بنسبة تصل إلى تسعة في المئة.

هل يخلف أي آثار جانبية طويلة المدى؟ يقول الدكتور كيرتس إنه “شأن أية عملية تؤدي إلى فقدان سريع للوزن، يخسر الأشخاص الدهون ولكنهم يفقدون أيضاً نسبة كبيرة من العضلات. لذا، ما لم يحرصوا على تناول البروتين باستمرار وإضافة تمارين المقاومة إلى روتينهم خلال فترة أخذ الدواء، يكمن الخطر في أنهم سيخسرون كتلة العضلات التي تحافظ على صحة الناس والمهمة للتحكم في نسبة السكر في الدم والشهية على المدى الطويل، إضافة إلى ذلك، إذا توقف الدواء، يستعيد الأشخاص الدهون المفقودة، وليس العضلات”.

أما الأخطار الطويلة المدى التي كشفت عنها تجارب سريرية خضع لها “مونجارو” فتتلخص في خطر الإصابة بالتهاب البنكرياس، الذي يسبب آلاماً حادة في البطن. تقول ماكغوان في هذا الصدد: “ينتج البنكرياس هرمونات عدة مرتبطة بالهضم والشهية، لذا ربما يوجد عنصر ما يطرح هذا الخطر، ولكن لم تتوصل التجارب إلى تحديد السبب بعد”. لذا من المهم جداً التحدث إلى طبيبك حول الأخطار المحددة التي تواجهك.

كيف تعرف أي دواء يناسب حالتك؟

عند اختيار الحقنة المناسبة لك، لا بد من أخذ بعض العوامل في الاعتبار، كما تقول الطبيبة العامة الدكتورة كاثرين باسفورد، التي تصف الدواء خصوصاً من طريق “أيدا أونلاين دكتور”. من الضروري أخذ حقن “ساكسيندا” بشكل يومي، لذا في حال ظهور أي آثار جانبية، في المستطاع تغيير الجرعة بسرعة أكبر من أجل المساعدة في السيطرة على تلك الأعراض.

“مع “ويغوفي” و”مونجارو”، لا تحتاج إلى أخذ الحقن كثيراً، بل أسبوعياً، لأنهما يتحللان بشكل أبطأ في جسمك. إذا وجدت نفسك تواجه الآثار الجانبية المرتبطة بـ”ويغوفي” أو “مونجارو”، ربما يلائمك أكثر “ساكسيندا”. في ما عدا ذلك، يتسم كل دواء بالفاعلية في تحقيق فقدان الوزن ويعمل بطريقة مماثلة لطريقة عمل نظيره. لهذا السبب، يكتسي وضع تقييم بمساعدة الطبيب يبين تفضيلات كل مستخدم على المستوى الشخصي وأسلوب عيشه وتاريخه الطبي والآثار الجانبية المحتملة أهمية بالغة.

ولكن هذا على افتراض أننا نملك ترف الخيار. في الوقت الحالي، نعطي المريض وصفة طبية تسمح له باستخدام هذه الحقنة أو تلك بناءً على المتاح من هذه الأدوية. وبالنسبة إلى الأشخاص الذين تتوفر لديهم شروط الاستخدام، فمن المفيد التحدث إلى طبيبك إذا كان مؤشر كتلة الجسم لديك 27 أو أكثر. يقول براتسيدس إن الحالات التي قد يرتئي أن يصف مثل هذا العلاج لها ربما لا تشمل الحالات المزمنة فقط مثل أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم، ولكن أيضاً المشكلات الشائعة مثل آلام المفاصل وتوقف التنفس أثناء النوم وعدم القدرة على الانتصاب، وكلها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالسمنة.

أما بالنسبة إلى مدة الاستخدام، فإن الإجازة التي حصل “ويغوفي” عليها حالياً من “نايس”Nice (“المعهد الوطني للتميز في الرعاية الصحية”) في بريطانيا “تمنع تناوله على مدى أكثر من سنتين في حال كان الغرض منه فقدان الوزن. تقول ماكغوان: “نعرف من طريق التجارب عموماً أن الأشخاص الذين يتوقفون عن تناول أدوية مثل ’ويغوفي‘ و’مونجارو‘، يستعيدون في العادة الوزن الذي كانوا فقدوه”. وتقول إن “السمنة داء مزمن وليس مفهوماً بالنسبة إلى الجميع”. وتؤكد أن الجواب البسيط الإبقاء على أخذ الدواء.

“للوقت الحالي، ليس مسموحاً استخدام ’مونجارو‘ في ’هيئة الخدمات الصحية الوطنية‘ إلا لعلاج النوع الثاني من السكري فحسب، والمرضى الذين يأخذونه لهذا الغرض يبقون عليه مدى الحياة، وهو حل، تقول ماكغوان، ربما يجدي نفعاً في حالة السمنة أيضاً”.

“لنضرب مثلاً بضغط الدم المرتفع أو ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم، إذا أعطيتك في هذه الحالة قرصاً لعلاج ضغط الدم سينخفض مستوى ضغط الدم لديك، وإذا توقفت عن تناول هذا الدواء، سيرتفع ضغط الدم لديك مرة أخرى. ينطبق الأمر نفسه إذا أعطيتك دواء ’ستاتين‘ لخفض نسبة الكوليسترول المرتفعة في دمك. السمنة مرض مزمن أيضاً، يعزى إلى عوامل بيولوجية ووراثية وبيئية، وعادة ما يصاب أصحاب السمنة المفرطة بمشكلات في الأمعاء تتسبب في خلل في شهيتهم. أما هذه الأدوية فتقلص شهيتهم وتساعدهم تالياً في التحكم بالوزن الزائد على المدى الطويل”، تضيف ماكغوان.

ماذا عن رأي طبيب جهاز هضمي في هذه الأدوية؟ تيم سبيكتور، بروفيسور في علم الأوبئة الوراثية في “جامعة كينغز كوليدج لندن” والمؤسس المشارك للتطبيق الرقمي “زوي” Zoe، يتفق مع الرأي القائل إن هذه الأدوية الجديدة تعود بنفع كبير على بعض الأشخاص. ولكنه مع ذلك، يرى أنه من الأجدر استخدامها جنباً إلى جنب إدخال تغييرات على أسلوب العيش مثل الحمية الغذائية السليمة وممارسة التمارين الرياضية.

“الغثيان مثلاً، أحد الآثار الجانبية لهذه الأدوية، لذا ربما يكون من الصعب عليك الحصول من طريق الطعام على العناصر الغذائية التي يحتاج إليها جسمك فعلاً”، يقول الدكتور سبيكتور، مضيفاً أن “هذه الأدوية تخفض مستوى الشهية جداً، لذا من المهم الحرص على تناول الطعام بصورة جيدة. إذا كنت تستهلك مأكولات أقل، ومنخفضة الجودة، يتبدى في هذه الحالة خطر نقص المغذيات في الجسم”.

كذلك يشير الدكتور سبيكتور إلى أنه من شأن العقارين كليهما أن يسببا أيضاً أعراضاً معوية، من بينها الغثيان والإسهال والإمساك. “على المدى القصير، يقللان مستويات السكر في الدم من طريق خفض كمية الطعام التي نتناولها، وسيخفضان أيضاً مستويات الدهون في الدم. كذلك يبطئان سرعة إفراغ معدتنا، مما يجعل المستخدمين أكثر عرضة للتجشؤ وحرقة المعدة”.

“في الوقت الحاضر، الترخيص الممنوح لهذه الأدوية لا يسمح باستخدامها مدى الحياة. نحن نجهل فعلاً التأثيرات التي تطرحها على المدى الطويل”، وفق الدكتور سبيكتور.

تتشابه غالبية هذه الأدوية في طريقة عملها، ولكن لما كانت جديدة نسبياً، فمن المرجح أن يختلف أداؤها باختلاف الأشخاص الذين يأخذونها. ولكن على رغم غياب أي شك في مفعولها المذهل، فإنها لا تشكل حلاً سحرياً. يقول الدكتور كيرتس: “كنت أعمل في مؤسسة طبية لعلاج السمنة في المراحل الأولى من استخدام الحقنة الأولى لإنقاص الوزن منذ عامين”.

ويضيف: “ما زلنا في مرحلة انتهاء هؤلاء المرضى الأوائل من أخذ مجموعتين من الجرعات العلاجية تستغرقان سنتين، لذا لم نراكم بعد مجموعة جيدة من البيانات تسمح بمعرفة التبعات التي يسفر عنها توقف الناس عن أخذ الدواء. ولكن بالاطلاع على بيانات مستقاة من التجربة نعلم أن المستخدمين سيستعيدون ثلثي وزن الجسم المفقود في غضون سنة واحدة بعد التوقف عنه في حال عدم اللجوء إلى أي تغييرات إيجابية في أسلوب العيش”.

المقال السابق
تقرير إسرائيلي عن الخلاف الحدودي بين بيروت وتل أبيب: التفاصيل والنقاط و...الزمن
نيوزاليست

نيوزاليست

مقالات ذات صلة

لقاح جديد للأنفلونزا يمكن للفرد أخذه بنفسه

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية