محمد جواد أكبرين
إذا كانت فرضية “إزالة رئيسي” عن الحكم في إيران حقيقة، فالسؤال هو، وفق أي خطة قامت “المافيا” التي لم تعد ترغب بوجود “رئيسي”، بإزاحته عن السلطة؟
في أول تعليق له بعد مصرع الرئيس الإيراني قال رئيس السلطة القضائية، محسني إيجه إي، إن رئيسي “كان عنصراً تتفق عليه التيارات المختلفة”.
في الأنظمة الاستبدادية، يتم تحديد الأدوار والخطط المستقبلية دائمًا خلف الكواليس، ولا مكان للمواطنين للتدخل واختيار الأدوار وخلقها، حيث نقرأ في تقارير مختلفة أن لجنة في مجلس الخبراء هي التي تقرر من هو المرشد المستقبلي، ولا أحد يعلم بقرارات تلك اللجنة إلا المرشد ودائرته الصغيرة الموثوقة.
لكن العلاقات السياسية والعسكرية والاقتصادية في العقود الأخيرة تظهر أنه حتى تلك اللجنة ليست صاحبة القرار الرئيس، وأن “المافيا” المكونة من عسكريين ورجال دين معينين، تحت إشراف علي خامنئي، تحدد المرشد المستقبلي “وفقا لمعايير خاصة” وتبلغ الخبراء بذلك، والخبراء بمثابة آلة للتوقيع على ذلك القرار والتعيين.
وقد تم أيضًا تنفيذ عمليات استبعاد واسعة النطاق لضمان عدم قيام أي متطفل بتعطيل آلة التوقيع هذه، مثلما حدث باستبعاد الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني على سبيل المثال من انتخابات مجلس خبراء القيادة.
ولكن ما الشرط الخاص لتعيين خليف ة المرشد؟ الشرط هو استمرار وتأمين المصالح الاقتصادية والعسكرية لتلك المافيا.
إذا قبلنا هذه الصورة، يمكننا أن نفهم بشكل أفضل معنى تصريح إيجه إي.
كان رئيسي “العنصر المتفق عليه” من مختلف عناصر تلك المافيا. فإذا كان مصرع رئيسي نتيجة حادث طبيعي بعيدا عن المؤامرات، فلا بد أن تصل المافيا إلى “عنصر آخر متفق عليه”، أما إذا كان مصرع “رئيسي” نتيجة “مؤامرة” وليس حادثا طبيعيا، فهذا يعني أن هناك خلافاً بين المافيا ولم يعد رئيسي “متفقا عليه”.
بمعنى آخر، إذا كانت فرضية “إزالة رئيسي” عن السلطة في إيران حقيقة، فالسؤال هو، وفق أي خطة قامت المافيا التي لم تعد ترغب بوجود رئيسي، بإزاحته عن السلطة؟
وإذا كانت تلك الحادثة طبيعية، فلا يزال السؤال مطروحا، على من ستتفق المافيا؟
إن “حكومة المافيا” التي تتخذ كافة القرارات بعيداً عن أعين المواطنين، لم تترك سبيلاً للوصول إلى الحقائق، ونتيجة لذلك فإن الإجابة على هذا السؤال غير واضحة؛ ولكن من بين كل هذه الشكوك والتساؤلات، هناك شيء واحد واضح وهو: في العقدين الماضيين، لم يتم نفي شائعة خلافة مجتبى خامنئي للمرشد رسمياً ولو بسطر واحد.
وفي نظام يعلق مرشده حتى على تفاصيل مثل “إرسال معسكر طلابي إلى جزيرة كيش” ويمنع ذلك، وأحياناً يتفاعل مع أصغر الشائعات، فإن مثل هذا الصمت ليس طبيعياً على الإطلاق.
وهذا الصمت في حد ذاته يمكن أن يكون حقيقة، خاصة إذا اعتقدنا أن “السكوت علامة الرضا” في مثل هذه الحالة الحساسة.
“إيران أنترناشيونال”