يخرج جميع من يلقي نظرة على “التنافسيّة النسائية” حيث تحتدم صراعاتهن مع صديقاتهن وتتكاثر مضايقات ربات عملهنّ ويكثر الحديث عن غيرة حماواتهنّ وتتنوّع الأنباء عن نزاعاتهنّ مع أمهاتهنّ، بانطباع يُظهر أنّ النساء يفترسنّ بعضهنّ البعض فهل هذا صحيح؟
إنّ واحدة من أكثر المواضيع إثارة للجدل هي الطبيعة التنافسية، سواء كانت بين الجنس الواحد أو الجنسين، وهي جزء من التركيبة الوراثية وميزة من ميزات الثقافة البشرية على مرّ السنين.
لقد كثرت الأقاويل المتعلّقة بالتنافس بين النساء، خصوصًا أن غالبيتها تركّز على الجوانب السلبيّة، فقد قيل أنّهن لا يجدن العمل سويّة، وأنهنّ لا يرضَيْن بامرأة تترأسهنّ، وأنهن يسعَيْن دائمًا إلى الانتقاص والحطّ من مكانة بنات جنسهنّ سواء بالكلام السيء و”اللقلقة”، أو بتصرّفات عدائيّة مباشرة أو هجمات صغيرة غير مباشرة…
متلازمة السنفورة
يفسّر علم الاجتماع الظواهر الواردة أعلاه، بأن السيّدة الجميلة والمثيرة هي تهديد لمحيطها وعائق لزميلاتها ومنافس لصديقاتها، لكن، هذا لا يعني أن كثيرات لا يتقبلنّ أو حتى يفتخرنّ بوجود صديقات ناجحات وجميلات في محيطهن.
ويعيد علم الاجتماع هذه الظواهر الرفضية، إلى تربية قديمة نشأت عليها المرأة للنجاة والبقاء، مفادها “أن امرأة واحدة فقط ستتقدّم إلى المنصّة” وقد أطلق عليها اسم “متلازمة السنفورة”.
قد تعزّز هذه الصورة النمطيّة فكرة أن المرأة مخصّصة للصراع، ويتضّح في إحدى الدراسات بأن المرأة عندما تشعر بالتهديد تكون ردّة فعلها الأولى الاستبعاد الاجتماعي، “للمرأة الدخيلة”، “فالإقصاء الاجتماعيّ، يمثّل استراتيجية مهمّة بالنسبة للنساء لأنه يسمح لهنّ بحماية مكانتهنّ وعلاقاتهنّ عن طريق استبعاد الجهات الأخرى”، كما تقول الدراسة.
واللافت أنه في حين تتعرّض السيدات لضغوطات هائلة، غالبًا ما يكون الرجال بمنأى عن المنافسات، ففي المجتمعات الذكورية، حيث الرجل هو مصدر الإنجاز والقوّة والهويّة، نلاحظ أن السيدات هنّ من أكثر مسانديه ومناصريه، وقد يكون ذلك بهدف إرضائه وإثبات ذواتهن أمامه، فالملاحظ أنه في حال الخيانة مثلًا، تُحَمّل الزوجة الجزء الأكبر من المسؤولية، كما أن غالبًا ما يربط المجتمع نجاحها كأم وزوجة بنجاح أبنائها وبناتها في الحياة، فإذا فشلوا كان ذلك بسبب عدم ملاحقتها لهم والاهتمام بهم ، أما إذا فلحوا فيكون بسبب تعاونها مع زوجها في تربيتهم.
ويقدم علم النفس مجموعة نصائح للحدّ من هذه الانحرافات الموروثة إذ يعتبر أن التنافس يأخذ شكلين أساسيين: تعزيز الذات والانتقاص من المنافس.
وللحدّ من إساءة النساء لبعضهن البعض ينصح الخبراء في علم النفس بالآتي:
يقال إنه “من غير الممكن محاربة عدو تجهله”، لذا فإن الخطوة الأولى تكون بالتعرّف على المرأة “الخصم” والبحث عن نقاط قوتها وضعفها، مما يسهّل فهم تصرّفاتها المسيئة.
التميّز وذلك من خلال عدم الاستخفاف بالآخرين والابتعاد عن الغرور.
-تكوين علاقات إيجابية مع “المنافسة” من دون السماح لها بالدخول في الخصوصيات.
تعزيز الصداقات النسائيّة وتنوعّها.
بناء صداقات بين الجنسين، لما لها من إيجابية في فهم نظرة الرجل للمرأة.
السماح للنساء بمشاهدة أجساد بعضهن في سنّ مبكرة للتخلّص من النمطيّة التي تروّجها وسائل التواصل الاجتماعي حول الجسم المثالي وليتصالحن مع أجسادهنّ التي لها مكانة بقوّة في العالم “غير الافتراضي”.
قد يكون أمامنا مشوار طويل للتخلّص من “التنافسية النسائية” وتبقى الفكرة الأساسية هي عدم إلحاق الأذيّة عمدًا ببنات جنسنا، لأنها المساهم الأول في تفشّي الذكورية وازدهارها.