"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

هكذا يقيم "معهد القدس للاستراتيجيا والأمن" خطة ترامب الخاصة بغزة

نيوزاليست
الاثنين، 10 فبراير 2025

هكذا يقيم "معهد القدس للاستراتيجيا والأمن" خطة ترامب الخاصة بغزة

إفرايم عنبار ويوسي كوفرفاسر

إن اقتراح الرئيس دونالد ترامب إخراج السكان الفلسطينيين من غزة من أجل تأمين حياة آمنة وأفضل والدفع قُدُماً بمشروع تحويل غزة إلى “منطقة خلابة” يثير حماسة كثير من الإسرائيليين، بينما يصطدم بمعارضة شديدة من الدول العربية والزعامة الفلسطينية بكل مكوناتها، ويدل على الثمن الباهظ الذي على الفلسطينيين أن يدفعوه، والذي لا مفر منه في ضوء الواقع الصعب في الميدان، ونتيجة قرارهم تنفيذ الهجوم “الإرهابي” في 7 تشرين الأول/أكتوبر. ولقد دفعت إسرائيل ثمن عجزها بخسارة حياة العديد من الأرواح، وإطلاق سراح عدد كبير من “المخربين” ضمن إطار اتفاق تحرير المخطوفين. كما دفع الفلسطينيون ثمناً باهظاً بمقتل العديد من قادتهم وعناصرهم، وتحوُل أجزاء كبيرة من غزة إلى خراب، بينما من الواضح أن القيادة الحالية لن تتيح إعادة إعمار القطاع. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الخطة قدّمت حلاً جزئياً لمشكلة اللاجئين التي تشكّل المكون المركزي في أيديولوجيا الحركة الوطنية الفلسطينية.

يقترح ترامب فكرة غير مألوفة، يتطلب تنفيذها تغييرات في أنماط عمل الأطراف المعنية، ومن الصعب تحققها في المدى القريب، على الرغم من مزاعم الرئيس ترامب أن جزءاً من هذه التغيرات يحدث، وأن الضغوط الاقتصادية ستحققها.

أولاً، هناك حاجة إلى طرد “حماس” من السلطة في غزة، واستبدالها بطرف يكون مستعداً لتطبيق مبادرة ترامب، على الأقل في الفترة الأولى وهو إسرائيل. ثانياً، على افتراض عدم وجود نية لإجلاء الفلسطينيين بالقوة، فإن هناك حاجة إلى إقناع كل السكان بالتنازل عن تمسكهم بالأرض (الصمود هو أحد المبادئ المهمة في الروحية الفلسطينية) والخروج إلى المنفى من أجل تحسين نوعية حياتهم. واستناداً إلى الاستطلاعات، فإنه يمكن افتراض أن قسماً من الغزّيين مستعد لأن يهاجر. ثالثاً، هناك حاجة إلى تأمين التعاون مع الدول العربية ودول أُخرى لاستقبال قسم من الخارجين من غزة وتمويل المشروع بأكمله، هذا في الوقت الذي تبدو فيه هذه الخطوة في ظل الواقع الحالي تتعارض مع مصالح هذه الدول، ويمكن أن تعرّض قادة الدول العربية الموالية للغرب، وخصوصاً الأردن ومصر، لانتقادات داخلية شديدة.

سيبذل ترامب جهده من أجل إحداث هذه التغييرات في الأسابيع المقبلة خلال اجتماعه بزعماء مصر والأردن والسعودية، في إطار محاولاته صوغ بنية إقليمية واسعة النطاق مركزها تحييد التهديد النووي الإيراني، وتوسيع اتفاقات أبراهام عبر تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية، ولقد جند من أجل ذلك قدراته الريادية، لكن ثمة شك في أن يتمكن من إقناع أبناء المنطقة بتغيير تصورهم الأساسي.

ومع ذلك، فإن لاقتراح ترامب أهمية كبيرة، سواء من ناحية المضمون أو من ناحية الشكل؛ فهو يضع للمرة الأولى على الطاولة خطة عمل عملية تكسر أعراف التفكير السائد الذي منع حدوث اختراق، وضَمن استمرار “الإرهاب” في غزة، وتوضح أنه بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، يجب أن يتغير التفكير في الموضوع الفلسطيني. ومن يطرح الخطة ليس إسرائيل، ولا سياسيون أو طواقم تفكير محلية، إنما الرئيس الأميركي نفسه مباشرة مع بداية ولايته (خطة ترامب السابقة قُدمت في نهاية السنة الثالثة لإدارته). ويشكّل اقتراح ترامب اعترافاً بأن حل الدولتين لم يعد الحل الوحيد الممكن للصراع (بعكس خطة ترامب الأصلية)، وحتى لو لم تقدَّم الخطة بهذه الصفة، فإنها تنطوي على رسالة فحواها أن على الفلسطينيين، كونهم الطرف المعتدي، أن يدفعوا ثمن الحرب التي خسروها. ويدل تضافُر أفكار ترامب مع الخطوات التي اتخذتها الولايات المتحدة وإسرائيل ضد الأونروا على أن اقتراح ترامب غيّر قواعد اللعبة ضد الفلسطينيين بصورة تضعف روايتهم بشأن النضال ضد الصهيونية والانتصار عليها. وحتى لو لم ينجح ترامب في تأمين الأوضاع من أجل تحقيق خطته، فإن اقتراحه يفرض على الفلسطينيين والدول العربية اقتراح وسائل عملية لمواجهة الواقع الصعب في غزة، يكون مقبولاً من إسرائيل والولايات المتحدة. وعلى الهامش، فقد تأكد مرة أُخرى إلى أي حد أوروبا والمجتمع الدولي لم تعد لهما أهمية في حل الصراع.

يمكن للرد الفلسطيني أن يتجلى عبر زيادة الاستعداد لتنفيذ هجمات في الضفة الغربية، وربما زيادة العمليات ضد إسرائيليين في الخارج، بينما يُعتبر تطبيق اتفاق تحرير الرهائن في نظر الفلسطينيين إنجازاً لـ”الإرهاب” ومصدر إلهام لمواصلة النضال. كما أن اتفاق المخطوفين يطلق سراح “مخربين” سيعودون إلى الضفة الغربية وغزة وإلى الخارج، بينهم رموز “إرهابية”، وسيحاولون الدفع مجدداً بهجمات. وفي ضوء ذلك، يتعين على إسرائيل الاستمرار في تكثيف عملياتها من أجل التصدي لـ”الإرهاب”، وخصوصاً في الضفة الغربية، والاستعداد لاندلاع المعركة من جديد في غزة.

ليس المطلوب من إسرائيل في هذه المرحلة التعاطي رسمياً مع الخطة المقترحة، ومن الأفضل، باستثناء التعبير عن التقدير والرضا، أن تمتنع من القيام بخطوات علنية من أجل الدفع بها قُدُماً، لأن كلاً من تأثير الخطة وفرصها الأساسية نابع من كونه مقترحاً أميركياً وليس إسرائيلياً. ويمكن للتعبئة الإسرائيلية أن تجعل من الصعب تحقيق صفقة الرهائن، وتزيد التوترات مع دول عربية براغماتية، وخصوصاً مع مصر والأردن، بشأن موضوعات في رأي هذه الدول ذات أهمية وجودية.

يمكن الاكتفاء بتمنّي نجاح ترامب في محاولاته إقناع الدول العربية المهمة في المساهمة في تحقيق الخطة، والإشارة إلى العقبات التي ليست إسرائيل مَن يضعها على طريق تحقيقها. وفي جميع الأحوال، تُعتبر خطة ترامب تعبيراً عن السياسة الأميركية الموالية لإسرائيل، وصورة الولايات المتحدة التي تقف إلى جانب إسرئيل تعزز الردع وقوتها الدولية.

وفي كل الأحوال، يجب أن تظهر إسرائيل كمؤيد للخطة التفصيلية التي وعد ترامب بتقديمها خلال شهر، سواء بسبب مضمونها أو بسبب أن الولايات المتحدة هي أهم دولة بالنسبة إلى إسرائيل. ومع الأخذ بعين الاعتبار الجو المؤيد لإسرائيل في واشنطن وأسلوب ترامب، فإنه لا يمكن لإسرائيل أن تتحفظ بصورة علنية عن الأفكار التي تقترحها الولايات المتحدة.

وكما أشرنا سابقاً، فإن الخطة تعتمد على إخراج “حماس” من المعادلة. وعلى ما يبدو، فإنه ليست هناك فرصة كبيرة لهذا السيناريو من دون تهديد بعملية عسكرية للجيش الإسرائيلي. ويدرك الأميركيون، الذين ليسوا متحمسين لإرسال جنودهم، هذا الأمر، ويقدّرون مساهمة إسرائيل في إمكانات تنفيذ خطتهم. كما أن الدول العربية المعتدلة تريد خروج “حماس” من قطاع غزة، ويمكن أن يشكّل ذلك أداة تأثير أُخرى لواشنطن في هذه الدول. يجب على الدبلوماسية الإسرائيلية استخدام خطة ترامب وتوجهاتها من أجل تقويض التفكير التقليدي في عواصم كثيرة في العالم بشأن ماهية الصراع في منطقتنا وطرق إدارته.

كما يتعين على إسرائيل الامتناع من تحقيق فكرة نقل غزّيين إلى المنطقة الواقعة غرب أريحا في السلطة الفلسطينية بسبب قربها من القدس والطريق المؤدي إلى غور الأردن الذي يشكّل حزام أمان لإسرائيل من الشرق؛ فزيادة سكان عرب إلى جانب سكان الضفة الغربية سيؤدي إلى ضغط ديموغرافي إضافي على دولة إسرائيل، وسيشكّل خطوة غير مرغوب فيها.

وحتى لو لم تتحقق خطة ترامب، فإن مجرد طرحها هو بمثابة نعمة بالنسبة إلى إسرائيل.

المقال السابق
الرئيس الإيراني: ترامب يخطط لمؤامرات ضد "الثورة"
نيوزاليست

نيوزاليست

مقالات ذات صلة

نصرالله لم ينل وسامًا رئاسيًّا

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية