تختار وسائل الإعلام العربية مقتطفات من مقالات إسرائيليّة وتحليلات استراتيجية تُظهر أنّ هناك توعًا من تسليم عام في الدولة العبرية بهزيمة لحقت بها في قطاع غزة، ولكنّ هذه الصورة المقدمة للقارئ العربي مجتزأة، إذ تحفل الصحافة الإسرائيلية بتحليلات تشير الى عكس ذلك تمامًا. ويقدم “نيوزاليست” مثالًا على ذلك ما ورد في مقالة نشرتها “كل هزمان” الإسرائيلية للكاتب إيال زيسر، وجاء فيها الآتي:
حرب إسرائيل ضد “حماس” لا تزال مستمرة منذ أكثر من 100 يوم، وكفة إسرائيل هي الراجحة. لقد كان الجمهور الواسع ينتظر حسماً سريعاً وصورة انتصار واضحة، لكن الجيش اختار مسبقاً، وهو محق إلى حد كبير، أسلوب عمل حذر ومدروس للحؤول دون وقوع إصابات في صفوف قواتنا، وأيضاً لعدم إلحاق الأذى بالرهائن الذين تحتفظ بهم “حماس”.
وفي أي حال، النتيجة مُرضية لأن “حماس”، كقوة مقاتلة وقيادات ومراكز وقواعد تدريب ومخازن سلاح، لم تعد موجودة في شمال قطاع غزة. لا يزال هناك “مخربون” أفراد وخلايا “إرهابية” تعمل في الميدان، تماماً كما تعمل في جنين ونابلس والخليل. لكن جيش “حماس الإرهابي” لم يعد يشكل تهديداً في هذه المناطق.
بعد شمال القطاع، يأتي في هذه الأيام دور وسط القطاع، مدينة خانيونس وضواحيها، وفي المستقب ل، وعدنا قادة الجيش الإسرائيلي بأنهم سيعملون في الأراضي الباقية في جنوب قطاع غزة.
كما قلنا سابقاً، هذه الحرب طويلة، وتتطلب منا نفَساً طويلاً وقدرة على التحمل. عملية “السور الواقي” (2002) التي أعادت الضفة الغربية إلى السيطرة الأمنية الإسرائيلية، تطلبت شهوراً كثيرة، وحتى سنوات، من أجل القضاء على كل البنى التحتية “الإرهابية” التي أقيمت، وعملت في الميدان سنوات بعد اتفاق أوسلو.
وفي الواقع، إن محاربة “الإرهاب” في الضفة الغربية مستمرة في هذه الأيام والساعات، وكلما يجري القضاء على “مخرب”، ينمو مكانه “مخرب” جديد. لكن المقصود تهديد تكتيكي، وليس التهديد الذي شكّله حُكم “حماس” في القطاع، والذي شهدناه جميعنا في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وبحسب قادة الجيش الإسرائيلي، انتقل القتال في قطاع غزة من مرحلة القتال العنيف الذي هدفه إخضاع “حماس”، إلى مرحلة القتال المنهجي والبطيء الذي يهدف إلى منع الحركة من التعافي وتدمير أنفاق “الإرهاب” وخلايا “حماس” التي لا تزال منتشرة في الميدان.
يتقدم الجيش الإسرائيلي نحو تحقيق أهدافه ببطء، لكن بصورة أكيدة، وكل ما بقي أن يمنحه المستوى السياسي الفرصة لاستكمال المهمة.
يجب الإشارة إلى أن الضغط العسكري الذي يمارَس على “حم اس” يدفعها إلى الدخول في مفاوضات مع إسرائيل لإعادة المخطوفين. وفي الواقع، هذا تحدٍّ جوهري تواجهه إسرائيل في الساحة الجنوبية اليوم، لأنه من دون إعادتهم، لن يكون انتصارنا في الحرب كاملاً.