"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

حبيب صادق و...الخونة!

رئيس التحرير: فارس خشّان
الأحد، 2 يوليو 2023

حبيب صادق

حتى في رحيله، يقدّم حبيب صادق مساهمة جوهريّة في صناعة الحدث الوطني، إذ يعيد إحياء التأثير الضار للخيانة السياسيّة على السيادة اللبنانيّة!

بداية سقوط “ثورة الأرز” ومشروعها وتحوّل أحلامها الورديّة الى كوابيس سوداء حصلت، في تلك اللحظة التي اتّخذ فيها القرار بخيانة حبيب صادق ورفاقه الشيعة في “المنبر الديموقراطي”، أحد العواميد التأسيسيّة لجبهة تحرير لبنان من الوصاية السوريّة وهيمنة الميليشيات المرتبطة بها ونزع الأكثريّة النيابية من براثن النظام الأمني اللبناني- السوري!

لا يمكن إعادة صناعة التاريخ، ولكن لولا حبيب صادق لم يكن ممكنًا تهيئة الأرضيّة الوطنية الكبيرة لتحويل لحظة اغتيال الرئيس رفيق الحريري الى ثورة حقيقيّة أنتجت ما كانت غالبية اللبنانيّين وعواصم القرار تعتبره …مستحيلًا!

وقف حبيب صادق، يوم ندر الرجال، إلى جانب نخبة لبنانية من مختلف الطوائف، وقاد تشكيل وعي استقلالي إفتقد لبنان لمثله، حتى في زمن انتزاع القرار من يد الإنتداب الفرنسي.

كان حبيب صادق حجر الزاوية في التعبير عن تيّار شيعي ثالث، من شأنه، لو لم يُطعن في الظهر، أن يُحرّر الوعي الإستقلالي من كوارث الإنقسام الطائفي، وتوزيع اللبنانيّين على “أمراء” المحاصصة والزبائنيّة والمصالح الأنانيّة والصراعات الفئويّة!

ولكنّ حبيب صادق، بدل أن يبقى عنوانًا تغييريًّا ساطعًا حوّله “رفاق المسيرة” الى جثّة سياسيّة، عندما باعوه، عشيّة الإنتخابات النيابية في العام 2005، إلى “الثنائي الشيعي”، بصفقة دفع لبنان ثمنها غاليًا ولا يزال: التحالف الرباعي!

لم يكن حبيب صادق ينتظر أن يأتيه الموت الى الفراش. كان قد حمل كفنه على يده ومشى بهامة شامخة. لم ينتبه الى الكمين الذي كان يُنصب له ولأمثاله ممّن آمنوا بأنّ الخلاص هو نتاج عقيدة وطنية وبأنّ جهنّم هو وليد انتهازية طائفية!

لم يُخفِ حبيب صادق الذي التزم بعد الخيانة الصمت وطلّق السياسة لمصلحة الثقافة، مرارته، فكتب سطور الخيبة في “وادي الوطن” معلنًا أنّ “خيبات دفعته إلى اعتزال الممارسة السياسية والابقاء على المقاربات الثقافية، بعد فشل تجربة “المنبر الديموقراطي” الذي عصفت به رياح التحالف الرباعي العاتية، إبان الانتخابات النيابية التي جرب عام 2005، وسقوط كل ما أجمع عليه المؤسسون الأوائل للمنبر، من مبادئ”.

خيبات حبيب صادق لم تبق خاصة به. كان هو “الخائب الأوّل”. بعده حمل الجميع، رغمًا عنهم، “بطاقات الخيبة”!

برحيل حبيب صادق اليوم تحيا كل هذه المعاني، على أمل أن تشكّل وعيًا ضدّ الخيانة للأوطان والمبادئ، بعدما حول “الخونة” مفهوم الخيانة الى مسألة خاصة جدًّا!

المقال السابق
فتية يشعلون الفتنة في فرنسا.. ماذا يقول علماء الاجتماع عنهم؟
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

خطِر أن يكون نصرالله قائدك!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية