"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

هاجس السمعة

كريستين نمر
الثلاثاء، 16 يناير 2024

هاجس السمعة

في وصية إعرابية لأحد أحفادها جاء فيها: “لا تنتقص من نفسك ولا تتحدث عن ذاتك بشكل سيّء إنّ الآخرين يتولّون ذلك في غيابك”، ويقول جيف بيزوس مؤسس “آمازون”: “سمعتك هي فيما يقوله الناس عنك عندما لا تكون في الغرفة.

والسمعة هي نتاج الانطباعات التي يتركها الأشخاص إزاء تفاعلهم مع معارفهم وفي إدارة علاقاتهم … وقد تختلف سمعة الشخص نفسه من بيئة إلى أخرى، إذ يمكن أن تكون سمعة الفرد ممتازة بين أصدقائه وسيّئة في مكان عمله مثلًا، ما يسمّى في علم النفس l’écologie réputationnelle أو “بيئة السمعة”.

ولكن هل حقيقتنا هي في ما يُحكى عنّا في غيابنا؟ وكيف بالإمكان اكتشاف شظايا ما يتناقل عنّا والتصدّي للتشوّهات الهادفة إلى النيل منّا؟ وهل من جدوى أساسًا، في معرفة حقيقة ما يقال في “ظهورنا”؟

فهم أفكار الآخرين.. مهمة مستحيلة

يقول فريدريك بودان Frédéric Bedin، المؤسس المشارك لمجموعة Hopscotch وعاشق لقضايا العلاقات البشرية: “إنّ مسألة السمعة، أمر ضروري للغاية، والسمعة الحقيقية للشخص تتجسّد خلف الكواليس، لذا مهما حاول المرء، فلن يتمكّن من معرفة ما يدور في عقول الآخرين تجاهه…”

maxresdefault

                    Frédéric Bedin

ومن المسلّم به أنّ السمعة هي أغلى ما يملكه الإنسان، والسمعة الطيّبة هي نتاج النزاهة الفكرية والتعاطف البشري، وهي عامل أساسي لتقدّم المرء ونجاحه في مسيرته المهنيّة، ويقول نيكولا بورداس Nicolas Bordas، نائب الرئيس الدولي لشركة TBWA/Worldwide ومدرّس في معهد الدراسات السياسية حول الماركة والعلامة الشخصية: “إنّ الحكم على الشخص عادة ما يتم بطريقة نسبيّة، فإذا كان ناجحًا ومتألّقًا في عمله فإن مزاياه هذه قد تُخفي عيوبه أو على الأقل تقلّلها إلى حدّ كبير، كما “يُغفر” الكثير لأولئك الذين تكون أقوالهم مطابقة لأفعالهم، فيكونون موضع ثقة واحترام، وحتى لو تمّ انتقادهم فيبقى ضمن الإطار المحدود من دون أن يؤثّر ذلك سلبًا على أدائهم”.

الحصول على السمعة الجيّدة

كثيرون هم أولئك المتربّصون الذين يحاولون النَّيل من سمعة الآخرين، فيحاولون الانقضاض عليهم من خلال التركيز على نقاط ضعفهم، وينصح نيكولا بورداس Nicolas Bordas، من أجل التصدّي “لتصرّفاتهم المدمّرة هذه” اتباع الآليّة الآتية:

555120

                               Nicolas Bordas  
  • اتخاذ القرارات الواضحة والصريحة والحازمة والوفاء بالوعود، فالسمعة الجيّدة لا تكتسب من الآخرين إنما يُنشئها المرء من خلال صدق مواقفه وحسن مبادئه.

  • التعامل مع أي نوع من التقييمات كفرصة وليس كقيد، أي محاولة فهم مآخذ الآخرين والاستفادة من الملاحظات لتحسين السلوك الشخصي، واعتبار كل تقييم فرصة للتقدّم والتطوّر.

  • عدم التردّد في طلب تقييمك من قبل شريكك وأولادك وإخوتك في البيت، وأيضًا من قبل زملائك، وعملائك وشركائك في العمل، خصوصًا أولئك الذين لا يتوانون في الدفاع عنك أمام مهاجميك منتقديك.

  • حاول أن تكون صريحًا لتُعامَل بالمثل.

  • اعلم بأنّ السعي إلى الحصول على سمعة جيدة بنسبة ١٠٠٪ ترضي غرور الفرد في كل مكان وزمان أمر مستحيل.

ويبقى الأجدى والأهم والأسمى بالنسبة لنا هو في أن ننشغل بما نعتقده نحن عن ذواتنا، بدلًا من أنّ نضيّع أوقاتنا في البحث عن ما يقال عنّا، وبالقيام بأشياء منافية لأهوائنا من أجل “تبييض سمعتنا” إرضاءً للآخرين، فبردم الفجوة بين الصورة التي نعرضها وحقيقة جوهرنا والموازنة بين السلبي والإيجابي الموجود داخل كل فرد مناّ نتحرّر من هاجس ما يقال وراء الجدران المغلقة.

وربما قد يستسيغ كل شخص أن يترامى إلى مسامعه بأن سمعته طيّبة وصيته جيّد، لما يضفيه ذلك من طمأنينة وأمان، وإذا كان ولا بدّ من ذلك، فما عليه، والحالة هذه، سوى اللجوء إلى “تشات جي بي تي” ، فبمجرد أن يكتب اسمه ومهنته حتى تنهال عليه كميّة من المعلومات والبيانات عن مزاياه وفضائله.

المقال السابق
"رايتس ووتش" تصف القضاء اللبناني ب"المثير للسخرية".. السبب
كريستين نمر

كريستين نمر

محرّرة وكاتبة

مقالات ذات صلة

"هاري الأمير المفقود".. فيلم يفضح ما عاشه دوق ودوقة ساسكس

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية