"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

"هآرتس": تغيير الوضع في الشمال يمكن أن يدفع إسرائيل إلى عملية عسكرية واسعة النظاق في لبنان

نيوزاليست
الجمعة، 5 يناير 2024

"هآرتس": تغيير الوضع في الشمال يمكن أن يدفع إسرائيل إلى عملية عسكرية واسعة النظاق في لبنان

كتب عاموس هرئيل في صحيفة “هآرتس” المعارضة للحكومة واليمين في إسرائيل الآتي:

الواقع الاستراتيجي على الحدود الشمالية يحتل، بالتدريج، مكانة مهمة في اعتبارات الحكومة والمؤسسة الأمنية، من دون علاقة بمقتل المسؤول الكبير في “حماس” صالح العاروري، الذي اغتيل في بيروت. بدأ الجيش الإسرائيلي، عملياً، بالانتقال إلى المرحلة الثالثة من العملية العسكرية في قطاع غزة، ومن دون إعلان ذلك رسمياً، وبدأ بخفض تدريجي لحجم القوات وتمركُزها في ساحات العمليات. في لبنان، الظروف لا تقل تعقيداً، ويمكن أن تتصاعد، ليس فقط لأن حزب الله و”حماس” يريدان الانتقام لمقتل العاروري، بل لأن إسرائيل وضعت نفسها في وضع معقد، يمكن أن يدفعها إلى عملية عسكرية واسعة النطاق، إذا لم تثمر المساعي السياسية.

عاموس هوكشتاين، موفد الرئيس جو بايدن، وصل أمس إلى إسرائيل، في محاولة للدفع قدماً بحلّ ينهي الحرب في الشمال. وسيصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في مطلع الأسبوع المقبل. مصدر المعضلة في الشمال بدأ في المرحلة الأولى من الحرب، عشية الهجوم “الإرهابي” لـ”حماس” على “غلاف غزة”، وبعده، بدأ حزب الله بإطلاق القذائف والصواريخ المضادة للدروع، وقررت إسرائيل إجلاء سكان المستوطنات الواقعة على مسافة 3 كلم ونصف من السياج الحدودي. وحل محلهم جنود الجيش الإسرائيلي، ومنذ ذلك الحين، يطلق حزب الله الصواريخ يومياً، ويتسبب بمقتل عدد لا بأس به (15 قتيلاً حتى الآن)، فضلاً عن الدمار الكبير. لقد شملت توجيهات قيادة الجبهة الداخلية إخلاء كريات شمونة أيضاً، وبلغ مجموع الذين غادروا منازلهم 60 ألف شخص، بعضهم من سكان مستوطنات أبعد، وفعلوا ذلك من دون طلب من الدولة. ولا يخفف من معاناة النازحين أن عدد النازحين الذين غادروا قراهم في الجنوب اللبناني أكبر بكثير. وينتظر المواطنون في شمال إسرائيل تحسناً جذرياً في وضعهم الأمني، ويطالبون الحكومة بالعمل بسرعة من أجل تغيير هذا الوضع.

كل مَن يسكن بالقرب من الحدود مع لبنان، في مستوطنة ذات باب أصفر، على سبيل المثال، في مرغليوت التي تبعد منازلها مئات الأمتار عن السياج، يشعر بأن “مذبحة غلاف غزة” حدثت في منزله، ولم يرَها فقط على شاشة التلفزيون. لا يكتفي السكان بوعود الجيش بانسحاب مقاتلي كتيبة الرضوان من منطقة السياج (هدف تحقّق في جزء من المواقع)، بل يريدون التأكد من أن الحزب كله ابتعد إلى شمال نهر الليطاني، أي على بُعد 18 كلم عن الحدود.

لقد وعدت الحكومة والجيش في مرحلة سابقة بتغيير الوضع، ومن المحتمل أنهما بهذه الطريقة، قيدا نفسيهما بأنه لا مفر من عملية عسكرية. إن تبادُل إطلاق النار في إطاره الحالي، يمكن أن يستمر عدة أشهر، وخلالها، ستُبذل محاولات أميركية - فرنسية، هدفها التوصل إلى حل سياسي. لكن حظوظ نجاح هذه المحاولات ليست كبيرة، من هنا، بعد استنفاد المساعي الدبلوماسية، ثمة احتمال أن تقوم إسرائيل بعملية عسكرية. وهذا من دون أن نذكر أن احتمال قيام حزب الله بردّ قاسٍ على موت العاروري، قد يدفع الطرفين إلى مسار من سوء حسابات يؤدي إلى تصعيد حقيقي. هل هناك فرصة لعودة المواطنين إلى الحدود مع لبنان، قبل التوصل إلى حل؟ في الجيش يتوقعون أنه بعد نشر قوات كبيرة للحماية، إلى جانب تحسين خط الدفاع، والقليل من الوعظ الصهيوني، سيقتنع السكان بالعودة. لكن هذا ليس أمراً مضموناً.

لقد اتُخذ قرار إخلاء المستوطنات تحت ضغط كبير، وبينما كانت جروح “مذبحة” الجنوب لا تزال مفتوحة وتنزف. لاحقاً، يمكن التساؤل عما إذا كانت هذه الخطوة متسرعة. هناك مَن سيدّعي أن حزب الله كان سيقلل من إطلاق صواريخه على المستوطنات لو بقيت آهلة. الإخلاء الكثيف والواقع الناشىء بعده، هما جزء من المفاجآت في الشمال التي نتجت من الحرب، ومن صدمة الهجوم المفاجىء لـ”حماس”، وحقيقة استمرار القتال منذ 90 يوماً من دون رؤية نهايته في وقت قريب. تُطرح هنا مسائل تاريخية: لقد تفاخرت إسرائيل دائماً بأن المحراث هو الذي يحدد خط الحدود، والأرض المحروثة يجري العمل فيها حتى الثلم الأخير. حالياً، وفي ضوء “مذبحة الغلاف” وإطلاق النار في الشمال، أجلت إسرائيل مواطنيها عن منطقتَي الحدود، مع غزة ومع لبنان، وسمحت فقط بوجود الجيش. للمرة الأولى، لم يعد العمل الزراعي في الكيبوتسات، بالقرب من السياج على طول الحدودَين، أمراً مفروغاً منه.

التحفظ الشعبي في لبنان عن حرب مع إسرائيل واضح وقوي. حتى بعد اغتيال العاروري، حذّرت الحكومة اللبنانية حزب الله من مغبة جرّ الدولة إلى حدث كارثي يؤدي إلى خرابها.

… في الأمس، كان التقدير في الجيش الإسرائيلي أنه حتى لو جرى رد على اغتيال العاروري في وقت قريب، فسيكون تحت عتبة حرب إقليمية (بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، يجب التعامل مع هذه التقديرات بالحذر المطلوب). من المنتظر أن يلقي الأمين العام لحزب الله خطاباً ثانياً اليوم. بالإضافة إلى التعهد بالانتقام، أرسل نصر الله تحذيراً مشروطاً: إذا بدأت إسرائيل حرباً شاملة، فإن الحزب سيتخلى عن كل القيود، وهو لم يهدد بهجوم استباقي وشامل.

رسالة إلى إيران

دُفن العاروري في بيروت أمس، غداة ذكرى السنة الرابعة لاغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني في عملية اغتيال أميركية بالقرب من بغداد. لقد كان العاروري صلة الاتصال بين “حماس” والإيرانيين، وجزءاً من المحور الراديكالي الذي بناه سليماني في مختلف أنحاء الإقليم. والعاروري نفسه تحدث في بداية السنة عن “وحدة الساحات”: النضال المشترك بين “حماس” وحزب الله وإيران والميليشيات الشيعية ضد إسرائيل. هذا النضال في نهاية الأمر لم يكن مشتركاً فعلاً: لقد شنّ يحيى السنوار هجومه من دون أن يخبر سائر أعضاء المحور.

تدير إيران استراتيجيا واضحة للغاية منذ بداية الحرب في غزة. وهي تقدم تأييداً محدوداً لـ”حماس”، من خلال أذرعها الأُخرى في المنطقة، وتجنبت الدخول مباشرة إلى الخط الأول للنار. لكن سيطرتها على الوضع ليست كاملة. لقد خلق الحوثيون أزمة دولية عندما بدأوا بسلسلة هجماتهم في البحر الأحمر، وتقريباً، أغلقوا مضيق باب المندب وقناة السويس. وإذا كانت طهران بنَت موقفها على مغادرة الأميركيين المنطقة بالتدريج، فمنذ بداية الحرب، حدث العكس؛ زادت الولايات المتحدة في وجودها العسكري في الشرق الأوسط، وقدمت تأييداً حقيقياً لإسرائيل.

تدفع إيران وأذرعتها في المنطقة الثمن. في الأول من أمس، وقع هجوم انتحاري نفّذته “داعش” خلال إحياء الذكرى السنوية لاغتيال قاسم سليماني في إيران. وفي الأمس، وفي خطوة غير مسبوقة، اغتالت الولايات المتحدة زعيماً رفيع المستوى لإحدى الميليشيات الشيعية في العراق. هذا كان رداً أميركياً على عشرات الهجمات الصاروخية على قواعد عسكرية أميركية في العراق وسورية منذ بداية الحرب في غزة. كما جرى اتهام إسرائيل خلال أسبوع باغتياليَن؛ العاروري والجنرال الإيراني رضي الموسوي الذي قُتل في دمشق.

في الأمس، ذكرت “النيويورك تايمز” في تقرير لها، أن المرشد الأعلى علي خامنئي طلب من رؤساء القوات الأمنية التحلي “بالصبر الاستراتيجي” والامتناع من مواجهة عسكرية مباشرة مع الولايات المتحدة. اغتيال العاروري في قلب الضاحية، هو رسالة إلى حزب الله وإيران: إسرائيل مستعدة للمخاطرة وتصعيد إضافي في الشمال، تزامناً مع محاربتها لـ”حماس” بكل الوسائل.

المقال السابق
واشنطن تؤكد تعاون العراق في استهداف "الحشد الشعبي" وبغداد تنفي
نيوزاليست

نيوزاليست

مقالات ذات صلة

نقاش بالصوت والصورة/ التقدم الإسرائيلي البري في جنوب لبنان من النكران الى الإستخفاف

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية