عاموس هرئيل- هآرتس
تستمر درجة الحرارة في الارتفاع على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، لكنها لا تزال تحت عتبة الحرب الشاملة. لو قيل لنا قبل عام إن الصواريخ ستُطلق على الأراضي الإسرائيلية من لبنان باستمرار طوال 6 أشهر، وأن 60 ألف إسرائيلي من سكان منطقة الحدود سيضطرون إلى مغادرة منازلهم، وعدد القتلى الإسرائيليين سيبلغ 20 قتيلاً، بينما عددهم في لبنان 350، لكنا قلنا إن ما يجري حرب. ومع ذلك، يواصل كلٌّ من إسرائيل وحزب الله تجنُّب المواجهة الشاملة، على الرغم من أن هذا الوضع قد يتغير مستقبلاً.
حوادث الأيام الأخيرة تعكس تصعيداً إضافياً. إسرائيل تهاجم، المرة تلو الأُخرى في عمق لبنان، شمالي العاصمة بيروت، وفي منطقة البقاع. مستهدفةً منظومات المسيّرات لدى حزب الله وبعض بطاريات صواريخ الدفاع الجوي التي يملكها، ويردّ الحزب بقصف صاروخي كثيف غير عادي، أكثر من 50 صاروخ كاتيوشا، لكنه لا يخلق معادلة متساوية، ولا يقوم بهجوم على بُعد 100 كلم داخل إسرائيل، بل يوجّه وابل صواريخه في اتجاه الجليل، وفي بعض الحالات، نحو هضبة الجولان.
لقد كان تبادُل إطلاق النار في الأمس كثيفاً أكثر من العادة. لقد هاجم سلاح الجو منزلاً يوجد فيه 7 ناشطين من تنظيم “إرهابي” سنّي، هو الجماعة الإسلامية [الشهداء السبعة مسعفون كانوا موجودين في مركز جهاز الطوارئ والإغاثة في بلدة الهبارية لحظة استهداف المركز]. وبحسب الجيش الإسرائيلي، فإن السبعة الذين كانوا في طريقهم للقيام بهجوم في منطقة مزارع شبعا قُتلوا. وفي ساعات الصباح الباكر، قُتل مواطن إسرائيلي يعمل في مصنع في كريات شمونة بصاروخ أُطلق على البلدة. وقبيل ساعات المساء، كثّف الجيش الإسرائيلي هجماته، وتحدثت تقارير لبنانية عن وقوع مزيد من القتلى.
منذ بداية الحرب، فضّل حزب الله الامتناع من إرسال عناصره للقيام بمحاولات تسلُّل إلى الأراضي الإسرائيلية. وأُلقيت هذه المهمة على عاتق التنظيمات السنية والفلسطينية الأُخرى، وحتى الآن، تمكن الجيش الإسرائيلي من إحباطها بنجاح. ويتكبد حزب الله والتنظيمات التي تنسّق معه ضربات لا بأس بها، ليس فقط بالقتلى، بل بهجمات إسرائيلية منتظمة على قيادات ومنشآت عسكرية، ومخازن سلاح في شتى أنحاء المنطقة.
وكانت النتيجة انسحاب أغلبية عناصر فرقة النخبة في حزب الله (الرضوان) من منطقة الحدود. وتبرز ظاهرة مماثلة، لكن على نطاق أصغر، وسط الألوية الأمنية للحزب المنتشرة في الجنوب اللبناني. في غضون ذلك، يحرص الجيش الإسرائيلي على الإعلان أنه يستخلص الدروس من الحرب في قطاع غزة من أجل إعداد قواته لحرب أكثر كثافةً في لبنان. وفي الأيام الأخيرة، أقيمت دورة تدريبية في هذا الشأن في القيادة الشمالية.
العمليات التي تجري ضد منظومات المسيّرات وصواريخ أرض-جو التي يملكها الحزب، والتي تجري في عُمق الأراضي اللبنانية، هدفها تحسين التفوق العملاني لسلاح الجو، في حال نشوب حرب شاملة. لكن كل هذه العمليات لا تقدم مخرجاً للظروف غير المحتملة التي أجبرت سكان المنطقة الحدودية على المغادرة (يبلغ عدد السكان الذين اضطروا إلى مغادرة منازلهم في الجانب اللبناني ضعف هذا العدد).
يبدو أن نقطة الخروج من هذه الأزمة معروفة. لقد سبق أن أوضحت الإدارة الأميركية نيتها استئناف الجهود السياسية للتوصل إلى التهدئة على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية، في لحظة إعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و”حماس” في قطاع غزة. لكن الاتصالات بشأن وقف إطلاق النار وصفقة مخطوفين وصلت إلى حائط مسدود، والجمود يمكن أن يؤثر في الساحة اللبنانية التي تُعتبر ثانوية، لكنها يمكن أن تتحول بسهولة إلى ساحة أساسية تنزف بصورة أشد.