"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

غيّروا "نظام الكفالة" لعاملات المنازل.. فتسلموا!

كريستين نمر
الجمعة، 14 يونيو 2024

غيّروا "نظام الكفالة" لعاملات المنازل.. فتسلموا!

جريمة أخرى يندى لها الجبين، صدمت اللبنانيين أمس، اقترفتها عاملة كاميرونية بحق مخدومتها في بلدة عجلتون الكسروانية حيث طعنتها وخنقتها حتى الموت.

وما زاد الطين بلّة هو السجال الـ “لا أخلاقي” الذي تناول المجرمة والضحيّة في آن حول تقديم تبريرات للخادمة بذريعة أنّ القتل جاء بسبب مصادرة الضحيّة لجواز سفرها وسوء المعاملة اللاحق بها، ومطالبة البعض الآخر بإنزال أشدّ عقوبة بحق القاتلة كونها تأتي من بلد حيث “القتيل عندون بقشرة بصلة” على حدّ تعبيرهم.

وعادت هذه الجريمة لتسلّط الضوء على جدوى الاستمرار في استِثناء العاملات الأجانب من الخضوع لأحكام قانون العمل اللبناني الذي يعود إلى زمن الإقطاع (١٩٤٦) والذي يرزحهن تحت سطوة “نظام الكفالة” للعمالة الأجنبية.

بعيداً عن التبريرات لما جرى، فإن قانون استقدام وتنظيم العمالة الأجنبية هو قانون غير سوي، يصنّفهن كعاملات ينتمين الى الفئة السادسة أو السابعة، ويفرض عليهن طيف واسع من الإساءات كحجز جواز سفرهنّ على سبيل المثال لا الحصر، فما إن تصل السيّدة من بلدها إلى المطار، حتى يصادر الكفيل جوازها وأوراقها الثبوتية، ليصبح المتحكّم الأول والأخير بكل تحركاتها، فلا حدود واضحة لساعات عملها التي قد تلامس في كثير من الأحيان حدّ العبوديّة، ولا أيام إجازة، ولا حرية تنقّل، ولا حتى قدرة على التواصل بشكل دوري مع عائلتها، كلّ ذلك مقابل أجر زهيد لا يزيد عن مائة أو مائة وخمسين دولار شهرياً، ومعظمهن يحضرن إلى لبنان ليس لديهنّ فكرة عن ظروف العمل، ف”نظام الكفالة” الذي يرزحن تحته يحرمهنّ من الحماية التي هي من أدنى حقوقهن ويتم بيعهن كذبة من قبل وكلاء الاستقدام، فهذا الاستغلال والانتهاكات في ظلّ هذا “النظام” يسبّب لهنّ حالة من عدم الاستقرار، ويضاعف من ضغوطهن النفسية، فيجدن الملاذ في الهروب أو الانتحار أو الحوادث المؤسفة كما حصل مع المغدورة جوسلين زغيب.

ترى ما الذي يدفع سيدة، تركت بلادها وعائلتها وأطفالها إلى ارتكاب جريمة وعدم السعي حتى إلى الهروب كما لو أنها تريد وضع حدّ لحياتها؟ وهل حاولت العائلة المستضيفة إجراء فحوصات نفسية لها قبل أن تأتمنها على أولادها وبيتها ورزقها؟

تقول الرواية إن الخادمة الكاميرونية حاولت فتح خزنة مخدوميها للحصول على جواز سفرها المصادر من قبلهما، وعندما منعتها مخدومتها انهالت عليها بطعنات قاتلة قبل أن تخنقها بشريط ماكينة “الفاب”، وجوسلين زغيب ليست الضحيّة الأولى ولن تكون الأخيرة، ويبقى المسؤول الأول عما حصل وسيحصل هو “نظام الكفالة” هذا، الذي يضع عاملات المنازل في خطر التعرّض للعمل القسري، والاعتداء الجسدي والجنسي، والإتجار بالبشر، ويجعل منهنّ قنبلة موقوتة لا يُعرف متى تنفجر بمخدوميها.

المقال السابق
حزب الله: شمال إسرائيل سيبقى أرضا محروقة!
كريستين نمر

كريستين نمر

محرّرة وكاتبة

مقالات ذات صلة

فضائح جنسية تطيح بوزيرين في البرازيل وايطاليا!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية