"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

" فيروسات المعارضة" تصيب ترشيح جهاد أزعور بعد إقصاء مبكر لميشال معوّض و...العين على "دوحة-2"

فارس خشّان
الخميس، 8 يونيو 2023

ما إنْ أعلن “التيّار الوطني الحر” وقوى المعارضة ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور لرئاسة الجمهورية اللبنانية، حتى تمّ عرض رأسه للمقايضة، في حين أنّ “الثنائي الشيعي”، ومنذ إعلان ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية للمنصب نفسه، ثابر على دعوة المعارضين الى “الحوار من أجله”.

وما حصل مع أزعور سبق أن حصل مثله مع النائب ميشال معوّص، الأمر الذي حوّله منذ اللحظة الأولى لترشيحه الى “مادة مقايضة” مكشوفة، فبخس “ثمنه” بسرعة.

إنّ تدوين هذه الملاحظة لا يعني أنّنا في طور “اكتشاف البارود”، فهذا السلوك ليس خفيًّا، بتأثيراته وتداعياته، على “المتورطين” به، ولكنّ هذا التدوين يصلح نقطة انطلاق نحو البحث في المقاصد الفعليّة لمرشحي أزعور اليوم ومرشحي معوّض، بالأمس. فماذا يريد هؤلاء؟

نبدأ من البداية، فإنّ تعبير المعارضة لا يشير الى جبهة سياسية لها عقائد ومبادئ وبرنامج عمل، بل هو تعبير يقصد به، هنا، مجموعات سياسية غير متناغمة وغير متجانسة وغير متحالفة ولا يجمعها سوى رفض وصول فرنجية، بصفته السياسيّة وبصفته مرشّح “الثنائي الشيعي”، الى رئاسة الجمهورية. وهذه المسمّاة اصطلاحًا معارضة سوف تعود الى خلافاتها وصراعاتها ومنافساتها، بمجرّد انتهاء الإنتخابات النيابية وربّما قبل ذلك، أي بمجرّد النجاح في إسقاط ترشيح سليمان فرنجية.

انطلاقًا من هذا التعريف لكلمة ” المعارضة”، فإنّ لا ميشال معوّض ولا جهاد أزعور يعنيان شيئًا للقوى التي رشحتهما، تباعًا، لرئاسة الجمهوريّة، وهي، في حقيقة الأمر، لا تهدف الى خوض معركة من أجل مرشّح بل هي تتلاقى من أجل هدف واحد: تحسين شروط التفاوض غير المباشر مع “الثنائي الشيعي”!

ويستحيل على المراقبين أن يصدّقوا أنّ المعارضة لم تكن على علم مسبق بأنّ “الثنائي الشيعي” سوف يرفض ترشيح أزعور، إذ إنّ رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة”( “حزب الله”) محمّد رعد، سبق له أن هاجم خيار أزعور، عندما طرحه الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، وقال فيه ما لم يقله “مالك بالخمرة”، إذ أعلن في الأوّل من نيسان( أبريل) الماضي:” ماذا يعني لديه خلفية إقتصادية؟ يعني أن البنك الدولي يستطيع أن يتفاهم معه، كما صندوق النقد الدولي، لمصلحة التعليمات والتوجيهات والسياسات التي يرسمها النافذون الإستكباريون للعالم من خلال هذه المؤسسات الإقتصادية الدولي”.

وهذا يعني أنّ المعارضة لم تستطع أن تتقاطع إلّا عند اسم تعرف مسبقًا أنّه يستحيل أن يمر بالتوافق الذي تنشده مع “الثنائي الشيعي”.

وعليه، فإنّه يظهر أنّ المعارضة تعاملت مع “الثنائي الشيعي” كما سبق أن تعامل هو معها، فكما رشّح لها سليمان فرنجية الذي يستحيل أن تقبل به رشّحت له جهاد أزعور الذي يستحيل أن يقبل به.

في الواقع، فإنّ المعارضة، بأكثريّتها، لا تجد نفسها مؤهّلة لمواجهة “الثنائي الشيعي” وهي لا تتطلّع إلّا إلى أخذ حقها في رفض ما يفرضه عليها.

هي تدرك أنّها أعجز من أن توفّر نصابًا دستوريًّا لجلسة انتخابية منتجة لرئيس الجمهورية، كما أنّها تعرف عدم قدرتها، في حال حدثت معجزة النصاب، على تشكيل حكومة قادرة على مواجهة التحدّيات.

ولهذا، فهذه المعارضة، في ظل موازين القوى الداخلية والتغييرات الإقليميّة، تطمح إلى أن تحقيق توافق يناسبها ولا يكسرها.

مشكلة هذه المعارضة “الحمائميّة” مع “الثنائي الشيعي” تكمن في أنّه يستفيد من نقاط قوّته، من أجل أن يفرض ما يناسبه عليها وعلى البلاد، وإذا ما أتيحت له الفرصة لتحقيق ما يصبو إليه، فإنّ المعارضة ستكون أمام خيار من إثنين: المواجهة المفتوحة، وهي مكلفة للغاية، أو الطاعة المطلقة، وهي كارثة محققة.

وقوّة هذا “الثنائي” الحقيقية لا تكمن في السياسة بل في مسائل خطرة، فهناك السلاح، والترهيب، و…الدويلة!

والدويلة أخطر الأسلحة، إذ إنّ مستقبل المعارضة مرتبط بقيام الدولة في حين أنّ “الثنائي الشيعي” لديه “الدويلة” التي تعوّض عليه خسائر غياب الدولة، لا بل، في غالبية الأحيان، تستفيد من غياب الدولة.

وعليه، فإنّ “الثنائي الشيعي” يمكن أن يدير شؤونه، ولو “تأبّد” الفراغ الرئاسي، وهو أبلغ من يعنيهم شأن لبنان بهذا الموقف، بعيد ترشيح أزعور، متمسّكًا بمعادلة “فرنجية أو لا أحد”، في حين أنّ المعارضة تهدف الى تحقيق نقطة معنوية غالية، فهي أيضًا لا تكترث بملء الشغور الرئاسي، بل بدفع تهمة التعطيل عنها، ووضعها في خانة “الثنائي الشيعي”.

إلى أين يمكن أن يقود هذا التعطيل المتبادل؟

في الكواليس السياسية يوجد من يؤكّد أنّ المخرج في لبنان لن يكون في التوافق على “شخصية ثالثة”، بل في مؤتمر وطني جديد شبيه بذاك الذي انعقد في الدوحة في العام 2008 وانتهى الى سلّة تفاهمات كان “ترئيس” قائد الجيش في حينه العماد ميشال سليمان، بدل مرشّح “حزب الله” ميشال عون، أحد بنودها!

وثمّة من يجزم بأنّ الحراك القطري في لبنان الذي يتجدّد بين حين وآخر لا يهدف الى تسويق مرشح رئاسي بل إلى تسويق الدوحة مقرًّا لهذا المؤتمر الوطني العتيد!

المقال السابق
الناتو وشركاؤه يجرون أكبر مناورات جوية في تاريخ الحلف

فارس خشّان

كاتب سياسي

مقالات ذات صلة

آلاف الغارات على الجنوب والبقاع وجبل لبنان وآلاف الضحايا ونزوح جماعي وبيوت المدنيين في المرمى وحزب الله يرد/ تغطية مستمرة

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية