"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

في ظلّ "التصعيد المتدرّح" بينه وبين إسرائيل..هل يفرض "حزب الله" إرادته على مجلس الأمن؟

فارس خشّان
الخميس، 13 يوليو 2023

مهما كانت الأهداف التي يرغب “حزب الله” في تحقيقها، فإنّ الثابت أنّه أخذ الأوضاع العسكريّة في الجنوب اللبناني الى حافة الهاوية، بحيث، يعجز الكثيرون، على الرغم من إدراكهم بعدم رغبة إسرائيل والحزب معًا بخوض حرب جديدة، عن تقديم ضمانات بأنّ النار إذا اقتربت من الوقود لن تُشعل حريقًا كبيرًا.

وتتدهور الأوضاع في الجنوب، يومًا بعد يوم، بحيث اقتربت من نقطة “الدماء” التي من شأنها أن تخلق دينامية مواجهة لا يمكن التكهّن مسبقًا بمداها، حتى لو تحدّث المحللون الإسرائيليّون الإستراتيجيون عن “محدوديّتها”.

ويظهر أنّ كلًّا من إسرائيل و”حزب الله” يملكان مصلحة في مواجهة محدودة، فالحكومة الإسرائيليّة لا تملك ما تقدّمه لجمهورها اليميني، في ظل انهيارات شعبية وسياسية داخلية، سوى القوة العسكرية، سواء كان ذلك مع الفصائل الفلسطينيّة أو مع “حزب الله”، في حين أنّ “حزب الله” الذي يعاني هو الآخر في الداخل اللبناني على مستويات عدة بينها عجزه عن فرض مرشّحه لرئاسة الجمهورية، يحتاج الى استدعاء إسرائيل الى المعادلة ليُعيد تحكّمه بالقرارات اللبنانية المصيرية، بصفته…مقاومة.

وعلى هذا المستوى، لا يواجه “حزب الله” أيّ مشكلة على مستوى القرار السياسي من أجل تغطية “التصعيد المتدرّج” في الجنوب، إذ إنّ السلطة المكلّفة تصريف أعمال الدولة في ظل الفراغ الرئاسي في لبنان تدين له بالولاء الكامل، أكان ذلك لأسباب براغماتية أم سياسية، وليس أدلّ على ذلك أكثر من تسخير الحكومة الحاليّة طاقاتها الدبلوماسية، من أجل دفع مجلس الأمن الدولي إلى إعادة النظر في قرار تعزيز مهام قوات حفظ السلام المؤقتة في جنوب لبنان ( يونيفيل).

ومن المقرر أن يجتمع مجلس الأمن الدولي في آب/ أغسطس المقبل من أجل تجديد مهام “اليونيفيل”، لمدة سنة جديدة.

وفي الحادي والثلاثين من آب/ اغسطس 2022 مدّد مجلس الأمن الدولي، بموجب القرار 2650 عمل قوات اليونيفيل لعام جديد في لبنان، لكنّه أضاف فقرة إلى البند 16، تتحدث عن عدم حاجة اليونيفيل إلى إذن مسبق لأداء مهماتها، الأمر الذي أثار غضب “حزب الله” ودفعه الى توجيه تهديدات لمنع تطبيقه ميدانيًّا.

وفي 17 أيلول 2022 هاجم نصرالله التعيلات على مهام اليونيفيل معتبراً أنّ «من فعل ذلك من اللبنانيين جاهل أو متآمر»، محذراً من أن «هذا القرار يفتح الباب أمام مخاطر كبيرة في منطقة جنوب الليطاني”.

وفي ما اعتبر أوّل ترجمة ميدانيّة ل”تهديد” نصرالله هاجم “الأهالي”، وهو تعبير يستخده “حزب الله” لوصف مناصريه الذين يحرّكهم ضد “اليونيفيل”، في منتصف كانون الأوّل/ ديسمبر دورية أمميّة في العاقبية أدت الى مقتل عسكري وجرح ثلاثة آخرين كانوا في دورية خاصة بالوحدة الإيرلندية.

وفي الأول من حزيران/ يونيو الماضي، أصدر القضاء العسكري اللبناني قرارًا اتهاميًّا ضد مجموعة من خمسة أشخاص تبيّن منه أنّ “الأهالي” فعلوا ما فعلوه وهم يرددون” نحن حزب الله”.

بالتزامن، بدأت الدبلوماسيّة اللبنانيّة نشاطًا استثنائيًّا يهدف الى إسقاط البند 16 “المغضوب عليه” من القرار المقبل لتجديد مهام اليونيفيل.

وهدف “حزب الله” من هذا الإسقاط أن يحتفظ، من دون أيّ حاجة الى تفجير الأوضاع، بحريّة الحركة في المناطق المحظورة عليه بموجب القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن في ضوء حرب تموز/ يوليوم 2006، بحيث يُبقي الدوريات الأمميّة، تحت سلطة الجيش اللبناني الذي يُنسّق مع الحزب ويطلعه على التحرّكات التي يمكن أن تستهدف نقاطًا عسكريّة وأمنية يرغب في إبقائها قيد السريّة.

ويعيد المراقبون نجاح “حزب الله” في حفر أنفاق سريّة توصل لبنان بإسرائيل إلى تنسيق كامل بين الحزب والجيش اللبناني الذي كان قبل صدور القرار 2650 يطلع على تحرّكات “اليونيفيل” ويتحكّم بها.

وإبقاء الجنوب اللبناني منطقة عمليات خاصة ب”حزب الله” يدخل في إطار الرغبة الإيرانيّة بتكريس لبنان كعمق استراتيجي للجمهورية الإسلامية، وفق تعبير سبق أن أطلقه الزعيم الإيراني علي خامنئي.

ويشكّل تحكّم “حزب الله” بالساحة الجنوبيّة دعامة للدفاع عن ديمومة سلاحه الذي يفرض من خلاله هيمنته على القرارات الأساسية في لبنان، من جهة ويتحكّم به بالطائفة الشيعية في لبنان، ومن خلالها بالسياسة الداخلية، من جهة أخرى.

إذن، لا شك في أنّ “حزب الله”، وإن كان يستدرج إسرائيل الى المعادلة اللبنانية، فهو لا يهدف الى التسبّب بحرب، بل يريد، من خلال التصعيد المتدرّج فرض أجندته على الداخل وعلى الخارج.

وثمّة من يعتقد بأنّ قرار مجلس الأمن الخاص بتجديد مهام اليونيفيل، بالتزامن مع بدء الحفر في المنطقة البحرية اللبنانية الواقعة على تخوم الحدود مع إسرائيل، هو المؤشّر على المرحلة المقبلة!

نشر في “النّهار العربي”

المقال السابق
نصرالله "يهرب" من "المواجهة الكبرى".. وإسرائيل تتوجس من "معركة قصيرة!

فارس خشّان

كاتب سياسي

مقالات ذات صلة

نقاش بالصوت والصورة/ معادلة تل أبيب بيروت وانعكاساتها الكارثية على لبنان في حال لم تسرّع التسوية حلولها

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية