إعتاد المسؤولون اللبنانيّون، عندما تنتهي مهمّتهم أو يُنهونها، أن يقولوا إن صفحة طًويت من حياتهم. ومثلهم، فعل حاكم مصرف لبنان، في مقابلته التلفزيونيّة الأخيرة، على بعد أيّام قليلة من انتهاء ولايته كأسوأ وأخطر حاكم لمصرف لبنان!
إعتاد هؤلاء على التعاطي مع ما فعلوه كأنّه مجرّد فعل ماض، لأنّ اللبنانيّين عوّدوهم على مقولة “كان يا ما كان”. لا مساءلة. لا حساب. لا مراجعة. لا ملاحقة. لا إدانة. لا مصادرة أموال. لا توبة!
قبل رياض سلامة فعلها أميل لحود، صاحب أسوأ رئاسة “سياديّة” و”أمنيّة” في لبنان. بعده فعلها ميشال عون، صاحب مشروع رمي لبنان في الجحيم!
ويكفي للدلالة على فداحة ما اقترفه لحود وعون بحق الل بنانيّين “إستقتال” نصرالله حتى “يستنسخهما” في سليمان فرنجيّة!
في الواقع، يتعاطى هؤلاء وأمثالهم ممّن لن نذكرهم في هذه الإفتتاحيّة، مع انتهاء ولاياتهم كما يتعاطون مع الإنتهاء من قراءة صفحة في كتاب. بهذه البرودة يتعاطون مع ما يحصل. ولكن فيما هم يفتحون صفحة جديدة يغرق اللبنانيون في الكابوس الذي سبّبوه لهم!
رياض سلامة ليس ضحيّة المنظومة السياسيّة كما يزعم، وليس “كبش محرقة” لها كما يقول، بل هو متورّط مثلها إن لم يكن أكثر منها!
متورّط مثلها لأنّه خان الأمانة من أجل أن يبقى في منصبه، ولأّنه غدر بالإستقلاليّة المطلقة التي منحه إيّاها القانون واستعبد نفسه حتى يرضى عنه هؤلاء الذين أبقوه في منصبه ثلاثين عامًا، وكان يُمني النفس بأن ينقلوه من حاكمية المصرف المركزي الى رئاسة الجمهوريّة!
ما حصل تحت أعين هذا الذي أدمن الكذب على اللبنانيّين وخدعهم حتى خسروا قدرتهم الشرائية وودائعهم وعملتهم واقتصادهم وعملهم، بستحيل أن يمرّ مرور الكرام إلّا إذا كان هناك شعب سوف يساهم في خلق رياض سلامة جديد!
رياض سلامة ليس المجرم الوحيد بحق اللبنانيّين، ولكنّه “متعهّد اللصوص”، فهو كان يوفّر الأموال لفسادهم ولكسلهم ولهبلهم ولهدرهم ولسرقتهم ولكل لصوصيّاتهم!
و”متعهّد المجرمين” لا يمكن، بعد المآسي التي تسبّب بها، أن يطوي صفحة، بل يجب أن تبقى صفحته عالقة مثل كابوس لا ينتهي!