كشف رهائن إسرائيليون جرى تحريرهم من قبضة حماس في قطاع غزة، عن الطرق والأساليب التي تستخدمها الحركة الفلسطينية في إعداد المقاطع المصورة التي تحث حكومة بلادهم على عقد صفقة لإطلاق سراحهم، لافتين إلى أنه كان يتم إجبار بعض المختطفين على الوقوف أمام الكاميرات.
وأوضحت الرهينة المفرج عنها، أفيفا سيغل، التي قضت 51 يوما في قطاع غزة، أنها كانت “تعاني لحفظ النصوص التي كان يطلب منها خاطفوها قولها في المقاطع المصورة التي ظهرت فيها”.
وأضافت في حديثها إلى صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، أنها قضت أيام احتجازها الصعبة والمؤلمة في 13 موقعا بقطاع غزة، بما في ذلك أنفاق تحت الأرض، حيث كانت تعاني من صعوبة في التنفس.
كما لفتت إلى أنها كانت “تبقى لساعات طويلة دون طعام أو ماء”.
وأوضحت سيغل أن “الطاقم الإعلامي” الذي يعد فيديوهات المختطفين، كان يضم مصورا وشخصا يتحدث اللغة العبرية بطلاقة، مشيرة إلى أنهم كانوا “يسارعون مباشرة بتذكيرها بالعبارات التي نسيت قولها”.
وأضافت على سبيل المثال أنهم كان يخبرونها: “لم تقولي إن عمرك 62 عاماً.. ولم تذكري أنك من كيبوتس كفار عزة.. ولم توضحي أنه ينبغي على (بيبي) إعادتك إلى ديارك”، مستخدمة اللقب الذي يشتهر به رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو.
وأردفت سيغل، التي أُجبرت على التحدث أمام الكاميرا في 3 مناسبات وصُوِّرت وهي تأكل مرتين على الأقل: “كنت أنسى دائمًا أمرا ما. لذلك كان علي أن أكرر مرارًا حديثي” خلال التصوير.
وفي إحدى المرات، حاول أحد المسلحين جعل سيغل أكثر جاذبية من خلال إعطائها فرشاة لتصفيف شعرها، الذي كان في تلك اللحظة غير مرتب، مؤكدة أنها “رفضت تمشيطه أو حتى ربطه بمشبك”.
وزادت: “كنت أعرف أنني أبدو مقززة وقذرة للغاية.. ومع ذلك نظرت إلى عين المسلح وأنا أرفع شعري لأخبره بأنني جميلة وحسناء”. وبعد ساعتين، والكلام لسيغل “طلب مني ذلك المسلح أن أذهب إلى الغرفة الأخرى حتى يتم التقاط صورة لي، وعندها فهمت أنه يريدني أن أبدو بحال أفضل أثناء التقاط الصور”.
وأكدت أن خاطفيها “كانوا يصورون لها مقاطع فيديو في بعض الأحيان أثناء تناول الطعام”، مردفة: “كانوا يطهون الطعام ويضعونه على الطاولة.. وتوجب علينا أن نجلس بجانبهم ونبتسم، ونقول إن كل شيء على ما يرام”.
“صرخة من القلب”
وقال رهائن مفرج عنهم للصحيفة الأميركية، إن “المسلحين أجبروهم على تصوير مقاطع الفيديو بدءًا من أيامهم الأولى في الاحتجاز”.
وفي حين أوضح العديد منهم أنهم كانوا غاضبين حقًا من نتانياهو، إذ شعروا أن حكومتهم تخلت عنهم، إلا أنهم “لم يتمتعوا بالحرية في التحدث كما يريدون”.
لكن بعض الرهائن أكدوا أنهم نقلوا أفكارهم الخاصة في بعض مقاطع الفيديو، ومنهم دانييل ألوني، التي اختُطفت مع ابنتها البالغة من العمر 6 سنوات، حيث صرخت في مقطع فيديو في أكتوبر الماضي، قائلة: “الآن!“.
وبسبب ذلك الفيديو، انطلقت الاحتجاجات الشعبية في إسرائيل للمطالبة بالمسارعة إلى إطلاق سراح الرهائن. وأضافت ألوني: “كان غضبي صادقا، وخرجت تلك صرخت من قلبي دون أن يجبرني أحد على ذلك.. فهذا ما يفعله الأسر بالإنسان”.
واعتبرت ألوني أن حركة حماس كانت “مسرورة” بتأثير مقطعها المصور على الرأي العام في إسرائيل.
أما تشين ألموغ غولدشتاين، وهي رهينة أخرى جرى اختطافها من أحد الكيبوتسات مع أطفالها الثلاثة، فقالت إنه جرى تصويرهم داخل الأنفاق في اليوم التالي من اختطافهم.
وأوضحت أن الخاطفين “وضعوا وجبات خفيفة إسرائيلية في أيدي الأسرة المذعورة”، منوهة بأن ذلك الفيديو “لم يتم بثه حتى الآن”.
وفي مايو الماضي، بث الجيش الإسرائيلي مقطع فيديو غير منشور وجده داخل غزة، تظهر فيه إيلا إلياكيم، وهي فتاة تبلغ من العمر 8 سنوات، اختُطفت مع أختها من كيبوتس في إسرائيل.
وفي ذلك الفيديو، كانت الفتاة الصغيرة تتلو سطورًا أمام الكاميرا، حيث أوضح الجيش أن اللقطات أُخذت بعد أيام قليلة من اختطافها في 7 أكتوبر.
وقالت إلياكيم في الفيديو وهي ترتدي قميصًا أصفر عليه قلوب بيضاء وخلفها راية كبيرة لحماس: “اسمي إيلا إلياكيم، ابنة نعوم، وأنا في الثامنة من عمري، وأطلب من بيبي (نتانياهو) إطلاق سراحنا، وأنا سجينة لدى حماس”.
وكان قد جرى إطلاق سراح الطفلة في اتفاق مؤقت لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في نوفمبر الماضي، فيما قال وسطاء عرب إن قطر ومصر حاولتا منع حماس من بث أي مقاطع فيديو لصغار تم أخذهم كرهائن.
من جانبها، بثت “حركة الجهاد” الفلسطينية، وهي مثل حماس مصنفة “منظمة إرهابية” في الولايات المتحدة، مونتاجاً لمقاطع فيديو تم التقاطها للرهينة إيلاد كاتسير، الذي قتل لاحقا.
وتضمنت المشاهد التي جرى تصويرها، كاتسير وهو يتناول وجبة كبيرة ويقص شعره، فيما يبدو أنه حرص من الحركة على “إظهار تعاملها الجيد” مع الرهائن.
من جانبه، قال جيرشون باسكين، وهو مفاوض إسرائيلي ساعد في التوسط في صفقة تبادل سجناء سابقة مع حماس عام 2011، إن تلك الجماعة “أصبحت تستخدم مقاطع الفيديو بشكل أكثر عدوانية وتطوراً في هذه الحرب”.
وأوضح أن مقاطع الفيديو أظهرت “فهماً جيداً للمجتمع الإسرائيلي، فضلاً عن التحرير المهني”، مشيرا إلى أن استخدام حماس للعبرية “تقدم أيضاً”.
وأضاف باسكين أن “حماس تستغل الرأي العام لإنهاء الحرب، وهذه هي الطريقة التي يعتقدون أنه يمكن أن تمارس بها الضغوط على نتانياهو”.
وبالفعل، تخرج تظاهرات ضخمة في إسرائيل لمطالبة الحكومة بإبرام اتفاق هدنة مع حماس، يفضي للإفراج عن الرهائن، فيما يصر نتانياهو عل استمرار الحرب لحين تحقيق “أهدافها”، وفي مقدمتها “القضاء على حماس”.
كما يصر على بقاء القوات الإسرائيلية في محور فيلادلفيا (صلاح الدين) على الحدود بين قطاع غزة ومصر، وهو ما يرفضه الاثنان.