أعلن وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، الثلاثاء، اتخاذ بلاده تدابير تمنع مسؤولين جزائريين من دخول الأراضي الفرنسية.
وقال بارو، في مقابلة مع قناة “بي إف إم تي في” الفرنسية، إن هذه “الإجراءات الإضافية” ضد الجزائر تأتي في سياق اعتقال الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال و”رفض” الجزائر استقبال بعض المواطنين الجزائريين الذين تم طردهم من فرنسا.
وأوضح تفاصيل القرار الجديد قائلاً “لقد اتخذنا بالفعل تدابير لتقييد حركة بعض المسؤولين الجزائريين ومنعهم من دخول الأراضي الفرنسية. وهذه تدابير قابلة للتراجع وستنتهي بمجرد استئناف التعاون الذي نطالب به”.
وأضاف أنه “إذا لم يُلاحظ أي تطور” في هذا السياق “فأنا مستعد لاتخاذ مزيد من الإجراءات”.
وأكد وزير الخارجية الفرنسي أن “رفض” الجزائر استقبال مواطنيها الذين تم طردهم من فرنسا هو أمر “غير مقبول”، خاصة عندما يؤدي ذلك إلى “مآسٍ”، في إشارة إلى حادثة هجوم بسكين في مدينة مولوز اتهم جزائري تم رفض عودته إلى بلاده من قبل السلطات الجزائرية بتنفيذها.
قضية صنصال
وتجددت النقاشات بين الجزائر وفرنسا عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي بشأن قضية الكاتب بوعلام صنصال بعد مضي أكثر من مائة يوم على اعتقاله.
وفي هذا السياق، كتب وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو تدوينة على منصة إكس قائلاً “أولئك الذين اعتقلوه تعسفًا وحرموه من الرعاية والزيارات، ألحقوا العار بالجزائر”.
وأشار إلى أن اعتقاله جاء لأنه كان “حرًا للغاية: حرًا في أن يصبح فرنسيًا، حرًا في التفكير ضد الإسلاموية، وحرًا في أن يكون كاتبًا”.
وتصاعدت حدة النقاش بفرنسا بعد أن رفض رئيس الوزراء الفرنسي السابق دومينيك دو فيلبان، وصف الجزائر بـ”الديكتاتورية”، في حوار له مع قناة “BFMTV”.
وفي المقابلة، تحدث دو فيلبان عن قضية الكاتب صنصال، موضحا “إذا قلت لكم اليوم إنها دكتاتورية فإنني أدخل في سيناريو يقودني، على المستوى السياسي والدبلوماسي، إلى طريق مسدود تماما في علاقاتنا مع الجزائر “.
وبعكس ذلك، تساءلت صحيفة “ماريان” الفرنسية” عما إذا كانت أوروبا “تغض الطرف” عن الاعتقال “التعسفي” لبوعلام صنصال”.
واعتبرت الصحيفة أن الاعتقال يشكل “انتهاكا لحرية التعبير، وإهانة لكل القيم التي تقوم عليها أوروبا، واختبارا حاسما للديمقراطيات التي تدعي الدفاع عن الحقوق الأساسية”.
من جهة أخرى، لم تُظهر السلطات الجزائرية أي تغيير في موقفها تجاه بوعلام صنصال.
وكان الكاتب قد صرّح في أكتوبر الماضي لوسائل إعلام فرنسية بأن مناطق من الغرب الجزائري “تعود تاريخيا للمغرب”، مما أثار موجة غضب واسعة في الجزائر على مختلف الأصعدة.
وفي منتصف نوفمبر الماضي، اعتقلت السلطات الجزائرية صنصال في مطار العاصمة لدى عودته من باريس، وانقطعت أخباره عن عائلته وأصدقائه.
وبعد أسبوع، نشرت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية تعليقًا وصفت فيه صنصال بـ”دمية التحريف”، ردًا على الحملة الفرنسية ضد صمت السلطات الجزائرية، مع اعتراف ضمني باعتقاله.
ووُجهت إلى صنصال تهم بموجب المادة 87 مكرر من قانون العقوبات الجزائري، التي تُعرّف الأعمال الإرهابية أو التخريبية بأنها كل فعل يستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية واستقرار المؤسسات وسيرها العادي. أثارت هذه التهم موجة تضامن واسعة في الأوساط السياسية والثقافية داخل فرنسا وخارجها.
ولاحقًا، وصف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الكاتب صنصال بـ”اللص” خلال حديثه لصحيفة فرنسية، بينما اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن “الجزائر تسيء لسمعتها”.
وبعد مرور مائة يوم على اعتقاله، أعلن محامي بوعلام صنصال أن موكله بدأ إضرابًا عن الطعام.