كلّما وضع سلاح مخيّمات اللاجئين الفلسطينيّين في لبنان على طاولة البحث، تبرز حجة دفاعية أساسيّة عنه: حماية المدنيّين من “الغدر القاتل” كما سبق أن حصل في صبرا وشاتيلا!
وهذه الحجة الدفاعية أتت بعدما سقطت الحجة التحريريّة، إذ إنّ مسألة استعادة فلسطين لم تعد “تمر من جونية”، بعدما انتقل “الجهاد” إلى حيث يجب أن يكون من الأساس: الداخل!
ولكنّ هذا السلاح الفلسطيني، بدل أن يكون فعلًا للحماية، أصبح لتثبيت النفوذ، بحيث جرى استغلاله من كل الأطراف، بما في ذلك “حزب الله” الذي له داخل المخيّمات مجموعة حلفاء ضمن الفصائل الإسلاميّة، وهو، كما أثبتت الأحداث، يستغلها، كلّما وجد ذلك مناسبًا!
وتحوّل بعض المخيّمات ولا سيّما مخيم عين الحلوة، بفعل صراع النفوذ هذا، إلى ملجأ للمطلوبين من العدالة اللبنانيّة!
وقدّمت الإشتباكات الأخيرة الدليل الساطع على أنّ السلاح الفلسطيني في لبنان، بدل أن يكون من أجل الدفاع عن المدنيّين، أصبح خطرًا عليهم، فهم، بسببه، يُقتلون، وينزحون ويزدادون فقرًا وحاجة! وهذه الإشتباكات على خطورتها وتقاطعاتها الفلسطينية والإقليمية، ليست الأولى من نوعها، وحين تتوقف لن تكون الأخيرة، بل المآسي سوف تتوالد وتلحق الأذى باللاجئين أنفسهم وباللبنانيّين، سواء كانوا في الجوار أو في “عين الإستهداف”.
إنّ المساعي الناشطة حاليًا لإيجاد تسوية للتدهور القاتل في مخيّم عين الحلوة، حتى تعطي ثمارها، يجب حلّها من جذورها، بحيث لا يعود “الأمن الذاتي” هو السائد، بل تضبح المخيّمات تحت عهدة الشرعية اللبنانيّة.
في لبنان، أثبت السلاح الفئوي، مهما كانت هويته، بأنّه خطر ليس على السيادة اللبنانيّة فحسب بل على الموهومين بأنّه سلاح “قبضاياتهم” يمكن أن يحميهم، أيضًا!